“الواقع الجديد” الثلاثاء 13 ابريل 2021 / متابعات
على خلاف الرئيس الأمريكي السابق، دونالد ترامب، تعمل الإدارة الجديدة للبيت الأبيض على توثيق علاقتها الاستراتيجية والدفاعية مع ألمانيا.
وخلال مؤتمر صحفي مع نظيره الألماني، كشف وزير الدفاع الأمريكي لويد أوستن، عن اعتزام الولايات المتحدة نشر 500 عسكري إضافي في ألمانيا.
ويتمركز نحو 34 ألف جندي أمريكي في الأراضي الألمانية منذ نهاية الحرب العالمية الثانية في 1945، كضمانة أمنية لجمهورية ألمانيا الاتحادية، وحلقة وصل سياسية أساسية بين البلدين، وفق تقرير لوكالة الأنباء الألمانية “حكومية”.
ولكونها لم ترفع مساهمتها في ميزانية حلف شمال الأطلسي “الناتو” للحد المتفق عليه، كان يعتزم ترامب معاقبة برلين بسحب نحو 12 ألفا من الجنود، وإعادة نشر جزء منهم في بلجيكا وإيطاليا.
سر وجود القوات الأمريكية
وجود القوات العسكرية الأمريكية في ألمانيا يعود إلى فترة الاحتلال بين 1945 و1955. وهي الفترة التي تواجد فيها على الأراضي الألمانية ملايين الجنود من قوات الحلفاء من أمريكا، والاتحاد السوفيتي، وفرنسا، وبريطانيا.
وبعد انتهاء الاحتلال العسكري لألمانيا الغربية رسميا، استعادت الدولة السيطرة على سياستها الدفاعية.
ومع ذلك، فإن قانون الاحتلال قد خلفه اتفاق آخر مع شركاء ألمانيا في حلف شمال الأطلسي – الناتو.
وتم التوقيع على اتفاقية عرفت باتفاقية “وجود القوات الأجنبية في جمهورية ألمانيا الاتحادية”، وذلك في عام 1954 من قبل حكومة ألمانيا الغربية.
سمحت لثمانية من أعضاء الناتو، من ضمنها الولايات المتحدة، بوجود عسكري دائم في ألمانيا. نفس المعاهدة لا تزال تنظم شروط وأحكام قوات الناتو المتمركزة في ألمانيا حتى اليوم.
ومنذ نهاية الحرب العالمية الثانية كانت جمهورية ألمانيا الاتحادية جزءا من استراتيجية الولايات المتحدة الدفاعية في أوروبا، خصوصاً خلال الحرب الباردة.
أهمية ألمانيا عسكريا بالنسبة للولايات المتحدة تكمن في تواجد قيادة عمليات أوروبا (EUCOM) في قاعدة جنوب مدينة شتوتغارت. وهي القيادة المكلفة بإدارة 51 قاعدة أو وحدات عسكرية في دول أوروبية.
وتكمن مهمة EUCOM في حماية الولايات المتحدة والدفاع عنها عن طريق منع الصراعات، ودعم الشراكات مثل “حلف الناتو”، ومواجهة التهديدات العابرة للحدود.
وتضم تحت قيادتها كلا من الجيش الأمريكي في أوروبا، والقوات الجوية الأمريكية في أوروبا، وقوات مشاة البحرية الأمريكية في أوروبا، وجميعها لها قواعد في ألمانيا.
وألمانيا هي موطن لـ5 من الحاميات الـ7 للجيش الأمريكي في أوروبا (الاثنان الآخران في بلجيكا وإيطاليا)، ومقر الجيش الأمريكي في أوروبا في قاعدة فيسبادن، المدينة القريبة من فرانكفورت في وسط غرب ألمانيا.
مصدر دخل
وعلى مدار العقود الماضية، تطورت الآلاف من الصداقات وعلاقات الشراكة والزواج بين الجنود الأمريكيين المتمركزين في ألمانيا، والألمان، بل إن القواعد العسكرية الأمريكية مثلت مصدر دخل لألمانيا.
وعلى سبيل المثال توظف قاعدة أمريكية في ولاية راينلاند بالاتينات الألمانية نحو 7000 ألماني، فيما تسهم قاعدة رامشتاين الجوية الأمريكية بـ2 مليار دولار في الاقتصاد الألماني ممثلة في أجور الموظفين الألمان، وإيجارات الأصول والمباني، والتعاملات التجارية مع المؤسسات الألمانية.
انخفاض تدريجي
ومنذ نهاية الحرب الباردة في عام 1990 انخفض عدد الأفراد العسكريين الأمريكيين بشكل كبير، فقد كان – بحسب الحكومة الألمانية – ما يقدر بنحو 400.000 من القوات الأجنبية المتمركزة على الأراضي الألمانية، نحو نصفهم من العسكريين الأمريكيين.
انسحبوا تدريجيا بعد انهيار الاتحاد السوفيتي، كما أن النزاعات التي اندلعت في العراق وأفغانستان قللت من عديد القوات العسكرية الأميركية.
. وتظهر أرقام الحكومة الألمانية أنه بين عامي 2006 و2018، انخفض عديد القوات الأمريكية المتمركزة في ألمانيا إلى أكثر من النصف، من 72400 إلى 33250، بسبب استجابة الجيش الأمريكي لتحديات معقدة في الأمن العالمي.