“الواقع الجديد” الاربعاء 31 مارس 2021 / خاص
قطعت المملكة العربية السعودية الطريق أمام الدعوات لسحب قوّاتها من اليمن قبل أن تتهيّأ الظروف الموضوعية لذلك، محذّرة من فوضى عارمة وحمّام دم قد ينتجان عن انسحاب تلك القوّات من جانب واحد.
وقال الأمير خالد بن بندر بن سلطان السفير السعودي لدى المملكة المتحدة إن انسحاب قوات بلاده من اليمن لن يفضي إلى السلام المنشود، مشيرا إلى أن السعودية لا تستطيع أن تنسحب ببساطة من اليمن في الوقت الحالي.
وطرحت المملكة مؤخّرا مبادرة لوقف إطلاق نار شامل في اليمن لقيت ترحيبا دوليا واسعا، إلاّ أنّ المتمرّدين الحوثيين أبدوا تلكّؤا في القبول بها ودفعوا بجملة من الاشتراطات تدور في مجملها حول وقف التحالف العسكري الذي تقوده السعودية لعملياته ضدّهم وإنهاء رقابته على المنافذ اليمنية والتي يفرضها منذ سنوات لمنع وصول السلاح الإيراني إليهم.
ويتمثّل الهدف العاجل للحوثيين في وقف الدعم الذي يقدّمه التحالف للقوّات اليمنية على جبهة مأرب وخصوصا غطاءه الجوّي لتلك القوّات والذي منع المتمرّدين من الاستيلاء على المحافظة شديدة الأهمية بالنسبة إليهم نظرا لجوارها من جهة الشرق لصنعاء التي يسيطرون عليها، وأيضا لغناها بمخزونات الغاز والنفط الضروريين في توفير الموارد المالية لهم.
وبعيدا عن مناطق سيطرة الحوثيين، تلعب القوات السعودية دورا في فض الاشتباك في الجنوب بين القوات الحكومية وقوات المجلس الانتقالي الجنوبي، وفي السهر على تطبيق اتّفاق الرياض الذي رعته المملكة بين الطرفين وأفضى إلى تهدئة هشّة وتمخضت عنه حكومة مناصفة برئاسة معين عبدالملك.
واستدل الأمير خالد في دفاعه عن فكرة عدم سحب قوات بلاده من اليمن في الظرف الحالي بإبقاء الولايات المتّحدة لأكثر من ألفين من جنودها في أفغانستان بعد حوالي عشرين عاما من تدخلها العسكري هناك. وجاء في مقال للسفير نشرته صحيفة تليغراف البريطانية قوله “نحن بحاجة إلى أن نكون واقعيين بشأن ما سيحدث إذا غادرنا من جانب واحد”، مضيفا “لن ينتهي الصراع وقد يبدأ فصل دموي جديد مع زيادة عدد القتلى من المدنيين”.
كما حرص على تأكيد جدّية السعودية في السعي لتحقيق السلام في اليمن، مشيرا إلى وجود مجموعة من العقبات يجب تجاوزها أولا. وممّا جاء في المقال “مثل كل السعوديين، أستشعر بعمق معاناة الشعب اليمني.
لقد كان الصراع في تلك الأمة مأساة إنسانية قبل تدخّلنا بوقت طويل ولا يزال كذلك على الرغم من بذلنا قصارى جهدنا لتقليل الخسائر في صفوف المدنيين”. كما جاء أيضا أنّ “المملكة العربية السعودية تدخلت في بادئ الأمر لدعم الحكومة اليمنية، بدعم من قرار من مجلس الأمن، ضد منظمة كانت تحاول الإطاحة بالحكومة بوسائل عسكرية. ومنذ ذلك الحين، حاولنا مرارا وتكرارا جلب الحوثيين إلى طاولة المفاوضات لإيجاد طريق لإنهاء الصراع”.
وذكّر الأمير خالد بأنّ المملكة أوقفت إطلاق النار بعدما بدأ فايروس كورونا في التأثير على المنطقة لكن “كان لوقف إطلاق النار تأثير كارثي في اليمن، لأن الحوثيين استغلوه ببساطة لشن حملة عسكرية عدوانية والاستيلاء على المزيد من الأراضي”.