الجمعة , 15 نوفمبر 2024
a2_1.jpg

تركيا القلقة من بايدن تبادر للتقارب مع مصر

“الواقع الجديد” الخميس 4 مارس 2021 / العرب

أبدت أنقرة استعدادها للتفاوض مستقبلا مع القاهرة بشأن ترسيم الحدود البحرية بينهما في شرق المتوسط، في خطوة لا تعدو كونها محاولة لترطيب الأجواء مع مصر، لاسيما وأن ملف ترسيم الحدود لا يخلو من تعقيدات وتنازلات لا يمكن لأي من الطرفين الإقدام عليها.

القاهرة – أعلنت تركيا الأربعاء عن إمكانية التفاوض مع مصر بشأن ترسيم الحدود البحرية في شرق المتوسط إذا سنحت الظروف بذلك، في مؤشر يعكس رغبة في التهدئة مع القاهرة، دون أن يعني الأمر وجود إرادة فعلية لأنقرة لتعديل سياساتها، والتخلي عن مشاريعها الطموحة ومنها “الوطن الأزرق”.

وتقول أوساط سياسية إن الموقف التركي المستجد تكتيكي، ويندرج ضمن مسار بدأته أنقرة منذ فترة ويهدف إلى تخفيف حدة التوترات مع عدد من الدول العربية والأوروبية، لاسيما مع صعود إدارة ديمقراطية في الولايات المتحدة لا تخفي تحفظاتها على نهج الرئيس رجب طيّب أردوغان.

وتوضح الأوساط أن تركيا تخشى أن تجد نفسها في مواجهة مع إدارة الرئيس جو بايدن، بعد أن عملت على استعداء الكثيرين في المنطقة، وأيضا في التكتل الأوروبي، وهي تحاول اليوم التخفيف من اندفاعاتها وسياساتها التصعيدية إلى حين اتضاح مسارات الأمور في العلاقة مع واشنطن.

وقال وزير الخارجية التركي مولود جاويش أوغلو الأربعاء إن تركيا ومصر قد تتفاوضان مستقبلا على ترسيم الحدود في شرق المتوسط. وأضاف في مؤتمر صحافي مع نظيره الجورجي في العاصمة أنقرة “كدولتين تملكان أطول ساحلين في شرق المتوسط، إذا سمحت ظروف العلاقات بيننا، يمكننا كذلك التفاوض على اتفاق لترسيم الحدود البحرية وتوقيعه”.

وتشهد العلاقات المصرية – التركية توترا منذ أن أطاح الجيش المصري بالرئيس الراحل محمد مرسي المنتمي إلى جماعة الإخوان المسلمين وحليف الرئيس التركي في العام 2013 على إثر انتفاضة شعبية. والدولتان على خلاف كذلك بسبب الحدود والموارد البحرية فضلا عن خلافات في ليبيا، حيث يدعم كل منهما طرفا مختلفا في الصراع الدائر هناك.

أنقرة اليوم تحاول التخفيف من اندفاعاتها وسياساتها التصعيدية إلى حين اتضاح مسارات الأمور في العلاقة مع واشنطن

ولوحظ في الآونة الأخيرة تراجع في منسوب التصريحات التركية الاستفزازية تجاه مصر التي تبدو حذرة جدا في التعاطي مع أي خطوة أو بادرة من أنقرة.

وقال جاويش أوغلو إن عروض التنقيب التي طرحتها مصر مؤخرا احترمت الجرف القاري لتركيا وإن أنقرة نظرت إلى هذا الأمر بإيجابية.

وأضاف أن مصر تواصل أنشطة الاستكشاف الزلزالي داخل جرفها القاري دون الدخول في الجرف القاري التركي. وتابع جاويش أوغلو “تواصل مصر احترام جرفنا القاري، ونحن نرحّب بذلك”.

وأعلنت القاهرة الشهر الماضي عن طرح مناقصة للتنقيب عن النفط والغاز في 24 منطقة بخليج السويس والصحراء الغربية وشرق وغرب المتوسط، ورعت المناقصة الاتفاقية التي جرى توقيعها مع اليونان في العام 2020، وأيضا حدود الجرف القاري التركي الذي كانت أنقرة أبلغت الأمم المتحدة بها، بناء على اتفاق مع ليبيا.

وأبرمت تركيا اتفاقا مع حكومة الوفاق الليبية حول ترسيم الحدود البحرية في عام 2019 مما أثار غصب اليونان التي رفضت الاتفاق باعتباره غير قانوني. وأنقرة وأثينا على خلاف بشأن امتداد الجرف القاري لكل منهما وحقوق موارد النفط والغاز البحرية في شرق المتوسط منذ عقود. وكان اتفاق مماثل بين اليونان ومصر العام الماضي قد أثار غضب تركيا.

ويرى مراقبون أن احترام مصر للوضع القائم في شرق المتوسط لا يعني أن الأخيرة تسعى للتقارب مع تركيا كما يجري التسويق له، فالقاهرة ومنذ البداية تحاول تجنّب أي تصادم أو انخراط في معارك ليست ذات أولوية بالنسبة إليها، كما أنها لا تريد أن تكون جزءا في صراعات الآخرين دون أن يكون هناك ثمن حقيقي يمكن أن تجنيه.

Thumbnail

ويلفت المراقبون إلى أن حديث أوغلو عن إمكانية ترسيم الحدود البحرية مع مصر لا يعدو كونه مجرد محاولة لترطيب الأجواء مع مصر، أسوة بمساعي تركيا لاستعادة العلاقات مع إسرائيل والتهدئة مع فرنسا، والانفتاح على التفاوض مع اليونان.

ويشير هؤلاء إلى أن التغير الملحوظ في مواقف تركيا لا يمكن أن يتجاوز بعده التكتيكي، بانتظار اتضاح مآل العلاقة مع إدارة بايدن، وعلى ذلك سيبنى على الشيء مقتضاه.

وتوجد العديد من العوامل المتداخلة التي تحول دون إمكانية قريبة لحل المسألة الحدودية بين مصر وتركيا في شرق المتوسط وهو ما تدركه أنقرة، ومن بينها أن القاهرة مرتبطة باتفاقية مع اليونان وإذا ما جرى التفاهم مع تركيا سيعني إلغاء تلك الاتفاقية، وهذا الأمر غير وارد.

وقال صحيفة “كاثيميريني” اليونانية مؤخرا، إن محتوى المناقصة التي أعلنت عنها الحكومة المصرية مؤخرا، يشير إلى محاولات القاهرة تجنب التوترات الحاصلة بين القوى الإقليمية بسبب أزمة قبرص.

واعتبرت الصحيفة اليونانية أن “خيار مصر لا يمكن تقييمه على أنه خطوة نحو تحسن العلاقات بين القاهرة وأنقرة”. وتعمل مصر على زيادة الاستثمارات في قطاع التنقيب في جرفها القاري بهدف الرفع في إنتاجها من البترول والغاز.

وحققت مصر خلال السنوات الأخيرة اكتشافات عدة في التنقيب عن النفط والغاز، منها 10 اكتشافات خلال عام 2019، وكان آخرها إعلان شركة إيني الإيطالية عن اكتشاف نفطي في ديسمبر 2020 في الصحراء الغربية بمصر ينتج 10 آلاف برميل يوميا.

وأبرمت مصر في يناير الماضي تسع اتفاقيات مع ست شركات محلية وعالمية، من ضمن 12 اتفاقية جديدة توصلت إليها القاهرة العام الماضي من أجل التنقيب عن النفط والغاز في البحرين الأحمر والمتوسط.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.