“الواقع الجديد” الأحد 10 يناير 2021 / خاص
أسقط الخط الأحمر الليبي والعربي، الذي تمّ رسمه في سرت والجفرة، رهانات ميليشيات «الوفاق» ومن خلفها تركيا، على الحل العسكري، وإجبارها على الرجوع لمناورات التفافية أخرى، مثل الظهور على مسرح المشهد الليبي كطرف يقاتل ميليشيات خارجة على القانون، وإظهار تركيا نفسها كقوة للاستقرار، في خطوة يجمع مراقبون أنها مناورة من أجل فتح الباب أمام تركيا للبقاء في الغرب الليبي.
ومع تغيّر الرهانات بدأت تلوح في الأفق نذر حرب وشيكة ينتظر أن تشنها «الوفاق» على ما تسميه الميليشيات المتطرّفة وأمراء الحرب المتورطين في الإتجار بالبشر، وتنظيم رحلات الهجرة السرية، وهو الأمر الذي أكّده وزير الداخلية المفوض في «الوفاق»، فتحي باشاغا. وكشف مراقبون عن أنّ الهدف من وراء شن هذه الحرب على جناح من أجنحة الميليشيات هي محاولة «غسيل سياسي» للإرهاب وللمشروع الاستعماري التركي في ليبيا، لا سيما في ظل الاتهامات التي تلاحق «الوفاق» باحتضان الجماعات الإرهابية، مشيرين إلى أنّ باشاغا ربط إعلانه عن الاقتراب من بداية المواجهة، باستعداده لتولي رئيس حكومة وحدة وطنية خلال المرحلة المقبلة.
بدورها، رجّحت مصادر مقرّبة من «الوفاق» أن تركيا تريد الانخراط في هذه المواجهة في محاولة لتبرير وجودها في الغرب الليبي سواء للإدارة الأمريكية الجديدة، أو الاتحاد الأوروبي، لافتة إلى أنّ أنقرة تسعى لإظهار نفسها كونها داعمة للاستقرار ومناهضة للإرهاب، ولو من خلال ضرب الميليشيات، التي كانت حليفة لها في معاركها في مواجهة الجيش الليبي.
وأوضحت المصادر ذاتها أنّ الاجتماع الأمني الطارئ، الذي عقدته المخابرات التركية في أنقرة، مع مسؤولين من «الوفاق» يصب في هذا الاتجاه، وأنّ النظام التركي يحاول من خلال المشاركة في الحرب ضد الإرهابيين والمهربين في غرب ليبيا لاستجداء موقف مؤيد من إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، برفع العقوبات المسلطة على بلاده بسبب شراء منظومة الدفاع الروسية «إس 400». ولفتت إلى أنّ النظام التركي يهدف لإعادة جسور التواصل مع واشنطن وعواصم أوروبية بالاعتماد على الورقة الليبية، وأنه بعد أن كان يتجه شرقاً بدق طبول الحرب في منطقة الخط الأحمر سرت- الجفرة، تحول إلى غرب طرابلس لخوض معركة بدعوى مكافحة الإرهاب والتهريب.
تأهّب تونسي
في الأثناء، وجّه الرئيس التونسي، قيس سعيد، بتكثيف الوجود العسكري على الحدود التونسية- الليبية، ومضاعفة الجهود لملاحقة الخلايا الإرهابية المنتشرة في البلاد. وقالت الرئاسة التونسية، في بيان، إنّ سعيد بحث مع المدير العام لوكالة الاستخبارات والأمن للدفاع، حبيب الضيف، جملة من المسائل ذات العلاقة باستعداد الجيش التونسي للذود عن الدولة ومؤسساتها. ووفق مصادر مطلعة، فإنّ سعيد أعطى تعليماته لتكثيف الانتشار العسكري على الحدود التونسية- الليبية، ومضاعفة الجهود لملاحقة الخلايا الإرهابية المنتشرة في البلاد.
دعم كامل
إلى ذلك، أكّدت بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا، والفريق الأمني العامل لليبيا، دعمهما الكامل للجنة العسكرية المشتركة والتنفيذ الكامل لاتفاق وقف إطلاق النار. وأشادت الممثلة الخاصة للأمين العام للأمم المتحدة في ليبيا بالإنابة، ستيفاني ويليامز، بجهود اللجنة العسكرية المشتركة «5+5»، والتقدم المحرز نحو تنفيذ اتفاق وقف إطلاق النار، بما في ذلك عمليات تبادل المعتقلين، التي تمّت تحت إشراف اللجنة العسكرية المشتركة، كجزء من تدابير بناء الثقة، واستئناف الرحلات الجوية إلى جميع أنحاء ليبيا، والاستئناف الكامل لإنتاج وتصدير النفط، والتوحيد وإعادة الهيكلة المقترحة لحرس المنشآت النفطية.