((الواقع الجديد)) 14 نوفمبر 2016 / وكالة الاناضول
أفردت وسائل إعلام خليجية منذ الجمعة الماضية، مساحات واسعة لدعوة ولي ولي العهد السعودي محمد بن سلمان بن عبد العزيز، نهاية الأسبوع الماضي، لتكتل دول الخليج العربي المنتجة للنفط في ظل التغيرات الإقليمية والعالمية.
الأمير محمد، الذي أطلق تصريحات لافتة وجريئة منذ تعيينه ولياً لولي العهد في إبريل/نيسان 2015، منها انتقاده لاعتماد بلاده الكامل على النفط، ودعوته لاعتماد نسبته صفر بالمائة على البترول في الدخل السعودي بحلول 2030، يبحث عن قوة موحدة تقارع التكتلات والاقتصادات الكبرى حول العالم.
وقال محمد بن سلمان، الجمعة الماضية، “إن التكتل الخليجي من شأنه أن يولد اقتصاداً موحداً، سيعد سادس أقوى اقتصاد في العالم”، بإجمالي إنتاج محلي مشترك يتجاوز 1.62 تريليون دولار.
ويشكل إنتاج دول الخليج العربي المنتجة للنفط (السعودية، الإمارات، قطر، البحرين، سلطنة عمان، الكويت) من النفط، قرابة 21% من الإنتاج العالمي، وفق أحدث تقرير صادر عن أوبك، نهاية الأسبوع الماضي.
واعتبر اقتصاديون ومطلعون، أن السعي الخليجي نحو التكتل، يجب أن تسبقه خطوات ممهدة، أهمها تحقيق توازن بين اقتصادات الخليج.
ولا يلوح أمل في أفق دول الخليج، بإمكانية توحدها على الصعيد الاقتصادي على الأقل، بحسب المحلل المالي والاقتصادي الكويني عدنان الدليمي.
“الدليمي” تحدث عبر الهاتف للأناضول، وقال: “رغم أن المنطقة العربية ككل بما فيها دول الخليج تمر منذ سنوات بظروف حرجة، وأصبحت الآن ملحة، إلا أنها غير جاهزة للتوحد والتكتل والتكامل”.
وعزا ذلك إلى أن دول الخليج لا يمكنها تحقيق تكامل سياسي أو اقتصادي أو أمني، حيث أنه “هناك تباين بين دول الخليج المنتجة للنفط في كل قطاع من القطاعات السابقة”.
وتتألف دول الخليج المنتجة للنفط، من السعودية، والإمارات، والكويت، وقطر، وسلطة عمان، والبحرين، وجميعها تعتمد على النفط، مصدراً لإيراداتها المالية.
وبحسب تقرير “إرنست ويونغ” البريطانية أواخر مارس/ آذار الماضي، يعزز التكامل الاقتصادي بين دول الخليج الناتج المحلي الإجمالي لها بنسبة 3.4٪ بما يعادل 36 مليار دولار.
ويأتي اقتصاد دول التعاون الخليجي مجمتعة في المرتبة الثانية عشر، ضمن أكبر اقتصادات العالم بناتج محلي إجمالي بلغ 1.62 تريليون دولار.
فيما يعتبر الاقتصاد الخليجي خامس أهم اقتصاد من حيث التبادل التجاري مع العالم، بنحو 1.42 تريليون دولار، ورابع أكبر مصدر بعد الصين، ثم الولايات المتحدة، وألمانيا، وفق أحدث الأرقام المنشورة عن المركز الإحصائي الخليجي.
وأشار المحلل المالي والاقتصادي الكويتي، أن رغبة الشعوب الخليجية، أقرب للتوحد، “الشعوب الخليجية بحاجة إلى تكتل في كل القطاعات لخدمة قطاع أساسي وهو الأمن”.
وأشار إلى أن المواطن الخليجي رغم الظروف المالية الحالية نتيجة هبوط أسعار النفط، “إلا أنه يوقن بأن الهدف الأسمى بالنسبة له هو الأمن، بسبب التدخلات الإيرانية من جهة، والغربية من جهة أخرى داخل المنطقة العربية”.
“لكن السعودية لها توجهاتها الخاصة، والإمارات كذلك، بينما تسير سلطنة عمان في منحى بعيد عن اهتمامات سابقتيها، والبحرين تخشى على نظامها السياسي الحالي” يقول الدليمي.
ولضبابية السياسات الاقتصادية للرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب، فإن الخبير الاقتصادي العراقي “وضاح ألطه” قال للأناضول، إن على دول الخليج التوحد والتكتل، لأن مستقبل الاقتصاد العالمي سيكون أشد قسوة على دول العالم ككل.
تأتي تصريحات “ألطه”، بعد موجة تهديدات أطلقها ترامب خلال حملته الانتخابية، تجاه المكسيك والصين والاتحاد الأوروبي، “هذا كله سيطال المنطقة العربية ككل خاصة دول الخليج بحكم ترابط المصالح مع كل هذه البلدان بما فيها الولايات المتحدة”.
وأضاف ألطه، أن دول الخليج ستكون من ضمن الدول التي ستتأثر بسياسة ترامب الاقتصادية، “حتى اللحظة الترقب هو سيد الموقف، لكن ذلك لا يعني التحرز من أية مفاجآت.. ربما حديث الأمير السعودي حول التكتل أحد أسبابه اعتلاء ترامب سدة الحكم”.
ورغم تشاؤم الدليمي من إمكانية التوصل إلى توافق يقود نحو التكتل، إلا أن مستقبل دول الخليج كافة آيل أكثر إلى التراجع، “لسبب أن مستقبل النفط مظلم في المنطقة”.
وتعاني أسواق النفط الخام، من تخمة المعروض ومحدودية الطلب، ما دفع الدول المنتجة خاصة الخليجية، إلى ضخ مزيد من الخام لفتح أسواق جديدة والحفاظ على الأسواق القديمة، وتوفير إيرادات مالية تجاري النفقات.
وختم حديثه: “القبل التطرق إلى التكتل، ربما الأجدى تفعيل السوق المشتركة، إضافة إلى التكامل والتجارة البينية والاتحاد الجمركي بين الدول الخليجية”.
وأعادت تصريحات لـ “حمود بن سنجور الزدجالي” رئيس البنك المركزي العماني لصحيفة الشرق الأوسط السعودية، مطلع الشهر الجاري، الجدل من جديد حول العملة الخليجية الموحدة، بعد أن أكد أن العملة الموحدة باتت “مسألة وقت لا أكثر”.
كانت دول الخليج قد طرحت فكرة إنشاء اتحاد نقدي، كهدف رئيسي لها في منتصف ثمانينبات القرن الماضي، واعتبرت تمهيدا لتدشين مصرف خليجي موحد في مارس/ آذار 2010 بهدف اتخاذ تدابير توحيد العملة واتباع سياسة نقدية موحدة، وبعده البحث عن تكتل، إلا أن الاتحاد النقدي أو العملة الموحدة لم تر النور حتى اليوم.