“الواقع الجديد” الجمعة 11 ديسمبر 2020 / خاص
وصف مراقبون، الجمعة، اعتراف الولايات المتحدة الأميركية بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية، باعتباره تتويجا لنهج الرباط الدبلوماسي، والتعاطي الحكيم مع هذا الملف، عبر السنوات.
والخميس، قال وزير الخارجية المغربية، ناصر بوريطة، في تصريح لقناة “سكاي نيوز عربية”، إن الصحراء مغربية بالتاريخ وبالاختيار الديمقراطي وبالقانون الدولي.
وأضاف بوريطة أن الصحراء مغربية باعتراف المجموعة الدولية، لافتا إلى الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء، الخميس، خلال اتصال هاتفي أجراه العاهل المغربي محمد السادس مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب.
وبحسب بيان صادر عن الديوان الملكي المغربي فإن الرئيس ترامب قد أخبر العاهل المغربي بأنه “أصدر مرسوما رئاسيا، بما له من قوة قانونية وسياسية ثابتة، وبأثره الفوري، يقضي باعتراف الولايات المتحدة الأميركية، لأول مرة في تاريخها، بسيادة المملكة المغربية الكاملة على كافة منطقة الصحراء المغربية”، فيما اعتبر العاهل المغربي ذلك الموقف تعزيزا لـ”الشراكة الاستراتيجية القوية بين البلدين، والارتقاء بها إلى تحالف حقيقي يشمل جميع المجالات”.
وتعتبر العلاقات الأميركية المغربية موغلة في القدم، إذ أن المغرب أول دولة تعترف باستقلال الولايات المتحدة، مما يجعل الإطار الثنائي للعلاقات بين البلدين يصل إلى حد إبرام عديد الاتفاقيات المهمة كان آخرها اتفاق التبادل الحر الذي تم إبرامه خلال العام 2004، ودخل حيز النفاذ في بداية عام 2007، مما جعل الاعتراف الأميركي بسيادة المغرب على الصحراء بحسب مراقبين تتويجا لتلك العلاقات، حيث أن كل الاتفاقيات المبرمة بينهما كانت تشمل أقاليم الصحراء المغربية.
وفي هذا الصدد قال أحمد صلحي، الباحث في مركز المغرب للدراسات والأبحاث، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، إن هذا الاعتراف الأميركي بمغربية الصحراء “تتويج للنهج الدبلوماسي الذي أقبل عليه المغرب منذ عقود، والذي يقضي بعدم الاكتفاء في تحركاته لإقناع المجموعة الدولية بعدالة قضيته بالأطر الجماعية أو المتعددة الأطراف، وإنما موازاتها بإقامة علاقات متينة ضمن الأطر الثنائية”، مضيفا أن هذا النهج “تكلل بالنجاح في الفضاء الإفريقي، وبفضله سحبت عشرات الدول اعترافها بالجمهورية الوهمية”.
وأضاف صلحي أن “المغرب ينتهج نفس السلوك الدبلوماسي في السياق الأممي، ولذلك نتوقع أن تعترف المزيد من الدول الكبرى بمغربية الصحراء”، وهو ما سيجعل “الاعتراف الأممي بالسيادة المغربية على الصحراء المغربية ممكنا، لأن إقناع الدول في الأطر الثنائية سيجعلها تصوّت مستقبلا لفائدة قرارات مهمة تدعم الوحدة التراب المغربي”.
ومن جانبه أكد الباحث في العلوم السياسية بجامعة محمد الخامس، أيمن مرابط، في تصريح لموقع “سكاي نيوز عربية”، أن “المغرب قدم حلا واقعيا شاملا هو الحكم الذاتي للأقاليم الصحراوية، وهو طرح تدعمه الولايات المتحدة اليوم”، لافتا إلى أن “ترامب يثبت أنه رجل الاتفاقيات والتسويات الكبرى في العالم”.
وأشار مرابط إلى أن “توقيت الإعلان عن هذا الاتفاق ذكي ودقيق، لكون هذا الاعتراف سيبقى ساري المفعول حتى بعد انتهاء ولاية ترامب”، ومعتبرا أن “العقل الاستراتيجي للدولة الأميركية اختار أن يخرج هذا الاعتراف من خلال ترامب لأنه، وبسبب شخصيته وجسارته، هو الأكثر جرأة على دفع عجلة تسوية النزاعات ونشر السلام في المنطقة”.
ويشكل الاعتراف الأميركي بالسيادة المغربية على الصحراء إنهاء فعليا للنزاع المفتعل حولها، فيما يراه خبراء ومهتمون إحراجا حقيقيا لخصوم الوحدة الترابية للمملكة المغربية، خصوصا أنه يكرس المنظور المغربي للمنطقة، باعتباره صلة الوصل بين القارتين الأوروبية والأميركية من جهة، والقارة الإفريقية من جهة ثانية، وهو ما تعززه القنصليات التي تتزايد يوما بعد يوم في مدن الصحراء المغربية.
وحول الزخم الدبلوماسي في الصحراء، قالت الباحثة في العلاقات الدولية بجامعة القاضي عياض في مراكش، إحسان غازي، إن “وجود قنصلية أميركية في مدينة الداخلة سيؤثر على المشروع الانفصالي ويفقده توازنه”، في إشارة إلى “حديث البوليساريو بعد إعادة السلطات المغربية فتح معبر الكركارات عن شن حرب على مدن الصحراء المغربية”، وهو ما اعتبرته إحسان بمثابة “توازن استراتيجي جديد يعزز الطرح المغربي المدافع عن حكم ذاتي في الصحراء المغربية كحل عملي وواقعي ونهائي للنزاع المفتعل”.
ووسط خيبة ثقيلة للميليشيات الانفصالية، ترتفع الآمال صوب فتح المزيد من قنصليات الدول الأكثر تأثيرا على الصعيد العالمي في مدن الصحراء المغربية، مما يبشر بالحل النهائي لهذا النزاع، ويُوجّه الأنظار نحو تميز ونشاط ودينامية الدبلوماسية المغربية التي تخدم في آن واحد قضاياها الوطنية الأولى والقضايا العربية والإفريقية وقضايا السلام والتعاون العالميين.