“الواقع الجديد” السبت 3 أكتوبر 2020 / قصة خبرية البيان
يغادر يحيى سالم بكر منزله كل صباح بخطوات متباعدة يسابق شروق الشمس، ويحدوه الأمل في أن يجود البحر من خيره بما يمكنه من توفير متطلبات أسرته، لم يكن يدري أنّ ميليشيا الحوثي تتربّص به وقاربه عبر لغم زرعه عناصرها في مواقع الصيد.
يحيى أحد سكان مديرية الدريهمي جنوب مدينة الحديدة، ويعمل في مهنة الصيد مثل غيره من سكان المنطقة الذين احترفوا هذه المهنة وتوارثوها جيلاً عن آخر، فيما كانت تشكّل المهنة وحتى وقت قريب مصدراً مهماً للعيش. قصد يحيى البحر صباحاً باحثاً عمّا يُطعم أسرته، ولم يكن يتوقّع أنّ تكون هذه آخر رحلاته ليس في الصيد، وإنما الحياة أيضاً، ليترك زوجة وأبناء دون مُعيل.
لم يكد يحيى يطفئ قاربه ويلقي شباكه في البحر حتى انفجر لغم حوثي في قاربه، وكتب نهاية الحكاية والحلم. يروي شقيقه:
«ذهب يحيى إلى البحر لطلب الرزق والبحث عن لقمة عيش حلال يسد بها رمق جوع أطفاله الخمسة، قتل جراء انفجار لغم بحري حوثي، حيث أصبحت الألغام التي زرعتها الميليشيا في البحر خطراً حقيقياً يهدد حياة الصيادين». تقول زوجة يحيى في حسرة وحزن: «رحل يحيى تاركاً لي خمسة أطفال، نحن الآن بلا سندٍ ولا معيل، نحن متعبون ومعذبون في ظل ظروف الحياة القاسية والصعبة».
كتبت الألغام نهاية الكثير من القصص قبل يحيى وبعده، إذ هناك عشرات، بل مئات من قصص الموت التي سطرت فصولها ميليشيا الحوثي التي نشرت الخراب في كل مكان خدمة لمشروعها الطائفي، ولم تتوان في نشر الموت في كل الأرجاء.
تحوّل الصيادون في الساحل الغربي من باحثين عن سبل الحياة الكريمة إلى ضحايا للموت الذي تنشره الميليشيا، لقد أصبح الموت يطارد الصيادين في البر والبحر معاً، فمن ينجو من ألغام ميليشيا الحوثي التي تزرعها في الطرقات والمزارع، لن ينجو من ألغام أخرى مزروعة في عرض البحر.