“الواقع الجديد” السبت 29 اغسطس 2020 / د.مروان هائل عبد المولى
لم ولن ” تنخفض ” رغبة القيادات الاصلاحية والحوثية للعودة بأي ثمن الى الجنوب من اجل الثروات والانتقام لهزائمها امام القوات الجنوبية ، و هذه الرغبة اخذت شكل حرب استنزاف ومناوشات بمساعدة اطراف تعادي التحالف العربي .
المناوشات اليومية العسكرية الحوثية والاصلاحية للقوات الجنوبية المرابطة في ابين والضالع الهدف منها اولا تدمير اقتصاد عدن وخدماتها باعتبارها الجزء الخلفي لا مدادات القوات الجنوبية العسكرية والغذائية ، ثانيا إقناع التحالف بأن مقاومة الجنوبيين عديمة الفائدة ، مستعرضة بذلك بشكل مستمر ويومي تفوقها الميكانيكي بصريًا والعددي البشري المستمد من بلد يفوق بعشرات المرات عدد سكان الجنوب و يكتظ بمليشيات قبلية متخلفة تقاتل بالأجرة من اجل السلب والنهب .
فرص تقدم قوات الاصلاح والحوثي صوب عدن مستحيلة ، لكنهم ينتظرون من هذا الاستنزاف والمناوشات العسكرية اليومية حدوث لحظة أزمة خدماتية واقتصادية واسعة النطاق في عدن قادرة على شل القيادة السياسية والمدينة لتكرار “سيناريو شبوة ” ، التي احتلتها في غضون أيام عن طريق عنصر ضعف الخدمات و المفاجأة وبمساعدة بعض المرتزقة الجنوبيين ، واليوم قوات هذه الجماعة لا تتوقف عن البصق على اي هدنة وقف لإطلاق النار ولا تتوقف عن العمل ليوم واحد للحصول على أفضل الظروف العسكرية لتكرار حالة شبوة مع عدن .
جوهر المعارك اليومية يقول ، ان مليشيات الاصلاح والحوثي تعاني من خسائر يومية كبيرة وان القوات الجنوبية تكتسب خبرة قتالية لا تقدر بثمن تضع كل يوم هذه المليشيات الغازية أمام خيار إما التراجع أو تكبد خسائر ، ولكن للأسف هذه المليشيات لا تعطي قيمة للإنسان حتى على ارضها ولا تدرك إن معظم “المعجزات والانتصارات” في التاريخ العالمي للمعارك العسكرية تحققت من خلال التحمل المذهل للجنود وعبقرية جنرالات وضباط أحد الجانبين وقصر نظر وسلبية الجانب الآخر ، وان الانتصار ممكن حتى على عدو يفوقك بضعفين أو ثلاثة أضعاف.
توصل استراتيجيو الحرب العالمية الثانية إلى استنتاجات مهمة هو أنه إذا لم يكن من الممكن هزيمة جيش العدو بضربة عسكرية ، فمن الضروري تقويض إمكاناته العسكرية اقتصاديا وبأي ثمن ، لان هناك يكمن مفتاح نصر اخر ، وفي عدن الان انتشار واضح للفساد والعبث و مشكلة الكهرباء والماء والرواتب وارتفاع اسعار المواد الغذائية والاسماك واللحوم والبترول وفوضى البسط على الاراضي وارتفاع سعر العملة كلها علامات تدل على ان هناك من يشتغلنا داخل عدن لصالح مليشيات الاخوان والحوثي عبر اسقاط مرحلي بدأ بعدن خدماتيا و اقتصاديا حتى تسقط جبهات القوات الجنوبية العسكرية تباعا .
تكتيك الإجهاد الاقتصادي من خلال المناوشات العسكرية عرفته كل من موسكو وبرلين اثناء الحرب العالمية الثانية ، حيث كانت قواتهم لا تزال تتقاتل عن بعد ، بينما بدأ الجزء لخلفي لقواتهم يتفكك فجأة دون سبب واضح .