((الواقع الجديد)) الأحد 10 مايو 2020م / متابعات
اتخذت حملة الاحتجاجات الرافضة لتعيين اليمنية الحائزة على جائزة نوبل للسلام عام 2011 توكل كرمان، في مجلس حكماء جديد أنشأه موقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)، منحىً جديداً بإعلان نخب سعودية وخليجية بارزة مغادرة المنصة الزرقاء العالمية.
وأثار تعيين كرمان جدلاً واسعاً في العالم العربي، بين مؤيد ومعارض للخطوة، لكن قرار إدارة الموقع، الذي يستخدمه أكثر من ملياري شخص في العالم، اتخذ في دول الخليج العربي، منحىً تصاعدياً في الاحتجاج على تعيين كرمان في مجلس الحكماء، الذي سيبت في المحتوى الخلافي على الموقع.
وأعلنت نخب سعودية وخليجية بارزة مقاطعة “فيسبوك” في خطوة قد تجذب مزيداً من السعوديين ومواطني دول خليجية أخرى، ما سيشكل ضغطاً على قرار “فيسبوك” بتعيين كرمان، العضوة السابقة في حزب “التجمع اليمني للإصلاح”، الذي يشكل ذراع جماعة “الإخوان المسلمين” في اليمن، وهي الجماعة المحظورة والمصنفة “إرهابية” في مصر والسعودية والإمارات والبحرين.
وبدأ عثمان العمر، وهو صحفي سعودي مخضرم يدير من مقر إقامته الدائمة في لندن، موقع “إيلاف” الإخباري السعودي، حملة مقاطعة “فيسبوك”، في خضم نقاش واسع بين كتاب وإعلاميين ومثقفين خليجيين اتخذ من “تويتر” ساحة له.
وأعلن العمير عن قرار مقاطعة “فيسبوك” بينما كان يرد على نقد للكاتب والمحلل السياسي الإماراتي، عبدالخالق عبدالله، الذي احتج على تعيين كرمان بالقول “توكل كرمان لا تستحق أن تكون في مجلس عالمي للإشراف على محتوى الفيسبوك فهي وخطاب الكراهية صنوان”.
ولم يكتفي العمير بذلك، بل تعهد بمغادرة منصة تبادل الصور “إنستغرام” أيضاً، لكونها تابعة لموقع “فيسبوك”، وقال في تعليق على قراره “اختيار شخصية ذات موقف ديني أو سياسي فاقع، في مهمة كهذه لا يجعل ذلك المكان مريحًا، مع الاحترام للأخت الإخوانية السيدة #توكل”.
وأعلن كتاب وإعلاميين ومدونين خليجين كثر، اتخاذ خطوات مقاطعة مماثلة، حتى قبل أن تصدر دعوات من البعض منهم لتلك المقاطعة، كما فعل كاتب المقالات السعودي، محمد آل الشيخ، عندما دعا مواطني بلاه وحلفائها في الإمارات والبحرين ومصر لمقاطعة “فيسبوك”.
وقال آل الشيخ في تغريدة عبر “تويتر”، “يجب أن ينسحب السعوديون والإماراتيون والبحرينيون والمصريون من الفيسبوك، بعد أن تولت (توكل كرمان) هذه المرأة المؤدلجة التي تنشر البغضاء والكراهية منصباً في الفيسبوك”.
عبدالرحمن الناصر، هو أحد الصحفيين السعوديين الذين انضموا لمقاطعة “فيسبوك”، لكنه أشار لكونه لا ينشط في ذلك الحساب شأن غالبية السعوديين وكثير من مواطني دول الخليج العربي الذي لا يستهويهم “فيسبوك” كما هو الحال في دول عربية أخرى مثل العراق ومصر”.
وكتب الناصر وهو رئيس قسم الفن في صحيفة “الرياض”، في إعلانه مقاطعة “فيسبوك”: “تذكرت يا أستاذ، أن لي حساب في موقع الـ #فيس_بوك يبدو أن الانسحاب أكثر تأثيرا من التجاهل والترك”.
وتضم قائمة مقاطعي “فيسبوك” أسماء عديدة، وسط توقعات بازديادها مع اتساع الحديث عنها، حيث كانت موضوع مقالات الرأي لعدد من أبرز كتاب الصحافة السعودية، وبينهم خالد السليمان، والذي قال مقاله اليوم الأحد بصحيفة “عكاظ” “شخصياً، هجرت فيسبوك منذ عدة سنوات، وأظن أن كثيرين سيهجرونه اليوم انتصاراً للمبادئ الأخلاقية لحرية التعبير التي لن تمثلها (فيسبوك) بعد اليوم بوجود توكل كرمان !”.
وفي نقده لتعيين كرمان، قال السليمان في مقاله: “تخسر فيسبوك المصداقية والثقة لدى جمهور عريض من مستخدميها في العالم العربي الذي قاسى الكثير من نتائج الفوضى والتدمير التي نتجت عن نشاطات تنظيم الإخوان المسلمين وفكره الذي تتبناه كرمان وأعماله التي تدعمها !”.
لكن مقاطعة “فيسبوك” ليست هي الرأي الأوحد، الذي جمع نخب السعودية والخليج عموماً، فالكاتب السعودي الدكتور سعود كاتب، يدعو للتأني قليلاً، وتساءل بين مجموعة من المتحمسين للمقاطعة: “هل ترون اخواني الأعزاء بأن الخروج من هذه المنصات هو الحل الأسلم؟ ألا نكون بذلك تركنا الساحة خالية لهم وحققنا لهم حلمهم ومرادهم؟ لا بد من إيصال الصوت لإدارة #فيسبوك بأن #توكل_كرمان عضو في جماعة إرهابية وأفكارها المعلنة المتطرفة شاهد على ذلك”.
وكان ذلك التوجه هو ما ذهب إليه أيضاً الكاتب السعودي هاني الظاهري في مقاله بصحيفة “عكاظ”، عندما كتب موضحاً “بعض المهتمين بالأمر في شبكات التواصل دعوا إلى حجب فيسبوك فوراً في الدول الرافضة للإرهاب، وهذه مطالبة غير منطقية، فالمفترض البدء في مفاوضات رسمية مع إدارة فيسبوك من قبل الأجهزة المعنية في هذه الدول لتعزيز التعاون ودعمها على التراجع عن قرارها الخاطئ”.
وأضاف الظاهري: “فهذه المنصة التي تمتلك أيضاً تطبيقي (إنستغرام وواتساب) ذات ثقل عالمي كبير وذات تأثير لا يمكن السيطرة عليه، ومن المهم عدم خسارتها وتسليمها على طبق من ذهب لقوى الكراهية والإرهاب، لأننا ببساطة سنرتكب خطأ استراتيجيا كبيراً إن حاربنا نفوذ هذه القوى بإغلاق الأبواب على أنفسنا بدلاً من كشفها وتعريتها والعمل مع الحلفاء والأصدقاء حول العالم على تحجيم نفوذها والحد من اختراقها لوسائط المعلومات بكل ذكاء واحتراف”.
ومن غير الواضح كيف سينتهي النقاش بين نخب الخليج حول القضية، وما إذا كان دعاة المقاطعة الأكثر عدداً سينجحون في جر عدد كبير من مواطنيهم لصفهم، أو ينتصر دعاة السعي لإقناع إدارة “فيسبوك” بالعدول على قرار تعيين كرمان، الذي قد يكون خياراً مطروحاً بالفعل بدلاً من خسارة عدد كبير من الحسابات في ظل منافسة محتدمة بين مواقع التواصل الاجتماعي، التي يعد مواطني دول الخليج نشطين فيها جداً.