((الواقع الجديد)) الأربعاء 4 سبتمبر 2019م / متابعات
تحل اليوم الذكرى الرابعة لـ«غدر 4 سبتمبر» ضد التحالف العربي في اليمن، وهي الحادثة التي كشفت عن خفايا التآمر العميق بين محور تلاقت فيه قطر وإيران في تحريك كل من ميليشيا الحوثي الإيرانية وميليشيات الإصلاح والتنظيمات الإرهابية. هذه المعادلة التآمرية تكشفت بكامل أبعادها في «غدر 4 سبتمبر» ضد التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية.
في صبيحة الجمعة الموافق 4 سبتمبر 2015، أمر تنظيم الحمدين بتسريب إحداثيات معسكر صافر في محافظة مأرب لميليشيا الحوثي الإيرانية، وأسفر هذا الغدر عن استشهاد 45 جندياً إماراتياً و10 جنود سعوديين و5 جنود بحرينيين، في واحدة من أقذر الأدوار التي قام بها هذا المحور الخبيث في اليمن، وهو الأمر الذي أثار سخطاً شعبياً واسع النطاق في مختلف أنحاء دول المنطقة.
حتى ذلك الحين، لم تكن شبكة التآمر المعقدة قد برزت للعلن، ولم يكن الرأي العام، إقليمياً ودولياً، يمتلك معطيات كافية فورية عن هذه المؤامرة، بأن هناك تحالفاً قطرياً إيرانياً تنتظم تحته شبكة تنظيمات إرهابية تضم ميليشيا الحوثي والإصلاح والقاعدة وداعش.
ووجه الصعوبة كانت أن الأدوات الإرهابية تتواجد في جبهات متقابلة، وهو ما يشوش على تصنيف هذه القوات ضمن محور واحد، وبعضها تحمل السلاح ضد بعضها البعض، فكيف انتظم كل هؤلاء في هذه المؤامرة التي تحركت عملياً في 4 سبتمبر 2015، حين تم قصف معسكر التحالف، ثم وسع تنظيم القاعدة نطاق سيطرته جنوب اليمن، وبث تنظيم داعش الإرهابي مقاطع فيديو لبعض العمليات الإرهابية.
المصير المشترك
حين توضحت شبكة التآمر الواسعة في اليمن ضد التحالف العربي، انكشفت أهداف «غدر 4 سبتمبر»، وعلى رأسها استهداف التحرك الإماراتي السعودي المشترك في ميادين الانتصارات.
لم تكن العملية الغادرة من الوزن الذي يمكن أن يعيد تفكير التحالف بأهدافه الاستراتيجية، بل كانت عملية يائسة وفاشلة لأن الهدف الأعلى لم يتحقق، بل ازداد التحالف تماسكاً بعد حادثة الغدر، وتعمق المصير المشترك بين دول التحالف، خصوصاً الإمارات والسعودية.
فقد انتقل التحالف العربي بعد الحادثة إلى ترسيخ استراتيجية شاملة درست أبعاد المخاطر، فتحرك على جبهتين عسكريتين بعد حادثة صافر، وليست واحدة فقط، الأولى ضد ميليشيا الحوثي الإيرانية والتي تقلصت مساحة سيطرتها من 80% إلى أقل من 20% في الوقت الوقت الحالي.
الجبهة الثانية ضد التنظيمات الإرهابية التي وسعت من سيطرتها جنوب اليمن ثم بفضل التنسيق الإماراتي السعودي المشترك في تأهيل وتدريب القوات المحلية، تم طرد التنظيمات الإرهابية من كل المدن والبلدات الرئيسية جنوب اليمن.
وأدركت قيادة التحالف مبكراً خيط الصلة بين هذه الشبكة الإرهابية الواسعة، التي يقاتل عناصرها بعضهم البعض أحياناً، وخيط الصلة كان منذ اليوم الأول «حزب الإصلاح» الإخواني الذي يدير التنظيمات الإرهابية (القاعدة وداعش) على الأرض، والإصلاح مرتبط بقطر، وقطر نفسها مرتبطة بإيران.
وتدعم دولة قطر تنظيم «الإخوان» في اليمن بهدف تفجير الأوضاع في المحافظات المحررة ونشر الفوضى فيها حتى تعود الجماعات الإرهابية للسيطرة عليها، وذلك بالتزامن مع حملة إعلامية تقودها وسائل إعلام ممولة من قطر ضد دول التحالف العربي.
ولدى مراجعة الأحداث الأخيرة جنوب اليمن، يمكن بكل وضوح الكشف عن التحرك المشترك بين التنظيمات الإرهابية وحزب الإصلاح ضد القوات الجنوبية التي دربها التحالف العربي لضبط الأمن في المناطق المحررة.
وضخّت وسائل إعلام هذا المحور (القطري الإيراني)، وأدواتهما، كماً هائلاً من المواد والتقارير المضللة، مع تنشيط آلاف الحسابات الوهمية على تويتر، من أجل غاية واحدة فشلت في 4 سبتمبر 2015، وتفشل اليوم، وستفشل مستقبلاً، وهذه الغاية هي خلق بيئة إعلامية مزيّفة بوجود خلافات داخل التحالف بسبب الأحداث في جنوب اليمن.
فالإعلام القطري مكرس منذ سنوات في سبيل خلق قناعة عامة بأن هناك عدم انسجام في التحالف العربي، من دون الأخذ في الاعتبار الحقيقة الثابتة وهي أن العلاقات الإماراتية السعودية تستند إلى أبعاد استراتيجية عالمية وليس فقط إقليمية أو محلية في الإطار الخليجي.
ونتيجة لوضوح هذه الحقيقة وقتها بالوقائع والأدلة، لا يبق لإعلام المحور القطري سوى تسويق الأكاذيب، ذلك أن قطر، طيلة تاريخها القصير في ظل تنظيم الحمدين، لم تنجح في بناء أي علاقة دولية لها ترقى إلى العلاقة التاريخية الصلبة بين الإمارات والسعودية، وهذه واحدة من أعمق العقد النفسية لقطر وجماعة الإخوان. فالأخيرة (الإخوان) لا تستطيع ممارسة مؤامراتها الدنيئة أمام تحالف الركيزة، تحالف المصير المشترك، التحالف الإماراتي السعودي.
3 محاولات للغدر
الأسبوع الماضي، ذكرت تقارير نقلا عن مصادر يمنية أن ميليشيا الإخوان وضعت أملها في تسليم عدن لميليشيا الحوثي الإيرانية عام 2015، ثم استعادتها عبر التحالف العربي ووضعها تحت سيطرة الإخوان. لكن المخطط الإخواني فشل.
فحين طردت قوات التحالف العربي، بقيادة المملكة العربية السعودية، ميليشيا الحوثي الإيرانية من عدن، شرعت قوات التحالف في بناء قوات محلية محترفة لضبط الأمن وحماية مكاسب الحكومة اليمنية والتحالف، وهو الأمر الذي أحبط المخطط الكبير لحزب الإصلاح في السيطرة على المحافظات الجنوبية.
وبحسب مصادر أمنية يمنية مطلعة، فإن تنظيم الإخوان انتقل إلى الخطة الثانية، وهي تسليم المحافظات الجنوبية للتنظيمات الإرهابية، وعلى رأسها القاعدة وداعش، ونجح بالتنسيق المشترك عبر محاور إقليمية داعمة للإرهاب، مثل قطر، في فتح الباب أمام التنظيمات الإرهابية للسيطرة على جنوب اليمن، وهو ما تعرّض لفشل ذريع أيضاً إثر نجاح القوات المحلية التي أشرف التحالف العربي على تدريبها ودعمها، في طرد تنظيم القاعدة من الساحل الجنوبي اليمني، وملاحقة فلول الإرهاب في المناطق النائية.
بعد فشل الخطتين الأولى والثانية، دشن حزب الإصلاح الخطة الأخيرة، الثالثة، التي أطلقها في مطلع الشهر الجاري، عبر الهجوم على المحافظات الجنوبية، لكن هذه المرة جنباً إلى جنب مع التنظيمات الإرهابية الأخرى التي يديرها، لأن الحزب يعتبر هذه معركته الأخيرة الحاسمة، وهو ما انكسر وتحطّم على صخرة المقاومة وأيضاً إسناد قوات التحالف جنوب اليمن التي كانت هدفاً مباشراً للهجمات الإرهابية.
تحوّل الموقف
وشهد موقف الدوحة تحولاً بعد الأزمة، فبعد انكشاف أوراق تحالفها السري مع الانقلابيين في اليمن، بدأت القيادة القطرية ووسائل الإعلام التابعة لها أو الممولة منها تنتقد التحالف العربي، كما اعترف وزير شؤون الدفاع القطري، خالد العطية، بأن بلاده لم تكن مقتنعة بالدخول في التحالف، وأن بلاده كانت مضطرة إلى ذلك.
وعلى الرغم من المشاركة الرمزية للدوحة في قوات كانت ترابط على الحدود السعودية مع اليمن، فإن الشواهد أثبتت أن الدوحة كانت تنسج علاقات سرية مع الحوثيين، وتمدّهم بالدعم المادي والمعلوماتي منذ الحروب الست مع الجيش اليمني، كذلك أكدت مصادر عسكرية أن القطريين كانوا يزوّدون الحوثيين بإحداثيات لمواقع قوات التحالف، تساعد الانقلابيين في القصف الصاروخي على الأهداف، وهو ما تسبّب في استشهاد عدد من جنود قوات التحالف العربي في مأرب.
وكان وزير الخارجية البحريني، خالد آل خليفة، أكد تورط الدوحة في نقل إحداثيات وجود قوات التحالف العربي للحوثيين، وأنها تتحمّل المسؤولية عن استشهاد جنود من التحالف العربي، وأنه لا تراجع عن الإجراءات المتخذة ضد التآمر القطري.
ورأى أن قطر أدّت دوراً سلبياً في الملف اليمني، وأن السلاح الإيراني الذي أُدخل للحوثيين في اليمن يمثل تهديداً مباشراً للدول العربية. وقال إنه كان يوجد أفراد قطريون في الموقع العسكري قرب مأرب في مكان قريب من وجود القوات المسلحة الإماراتية، وبعد ذلك بفترة قصيرة سقط صاروخان على الموقع أسفرا عن استشهاد عدد من أبناء الإمارات العربية المتحدة.