((الواقع الجديد)) الأربعاء 4 سبتمبر 2019م / متابعات
قاسم عبدالرب العفيف
كعادتها أشعلت الشرعية النار مجددًا في محافظة شبوة، وفي الواقع لا يستدعي أن تستخدم العنف بأي شكل من الأشكال، وكان يمكن تجاوز أي مشكلات فيها، وحلها بطريقة توافقية بالتنسيق مع التحالف العربي؛ خدمة للمصالح العليا للمواطنين من خلال توزيع المهام بين القوى العسكرية المختلفة.
فالحفاظ على الأمن في المحافظة يخص النخبة الشبوانية متشاركة مع وحدات الأمن العام المحلي، حيث أظهرت النخبة الشبوانية في السنوات الماضية قدرتها في الحفاظ على الأمن العام استحسنه كل مواطني شبوة، أما ما يخص قوات الجيش النظامية فواجبها الأساس إما أن تلزم معسكراتها وعدم التدخل في الشؤون المحلية وإما أن تذهب إلى الجبهات وتخلي مواقعها لترفد الجبهات بعناصر جديدة من القوة، إذ إن تلك الجبهات في أمس الحاجة إليها وغير ذلك يفسر على أن هناك توجهات أخرى لا علاقه لها بالأمن والاستقرار، وهذا ما ظهر في المشهد العسكري المأساوي الذي خططت له الشرعية بالزج بألوية إضافية من محافظة مأرب تعدت محافظة شبوة، بل تمادت وزجت بها نحو محافظة أبين في طريقها إلى مدينة عدن وفي قوامها آلاف المنتمين إلى القاعدة والدواعش.
وللتذكير فالقاعدة وأنصار الشريعة في أعوام 2011 و 2012 سيطرتا على هلال يمتد من عزان مرورًا بحبال المراقشة وعاصمة محافظة أبين وجعار حتى مقرها في البيضاء منطقة الزاهر، وكانت تتغذى من الحبل السري المتمثل بمعسكرات الجيش اليمني، واليوم يعاد إنتاج القاعدة وداعش في مناطق عزان وعتق وبيحان حتى مآرب تحت عباءة ما يسمى بالجيش الوطني التابع للشرعية.
كما تتكرر المشاهد عند التوجه جنوبًا للقوات الغازية يرافق ذلك باستخدام أداة الاٍرهاب القاعدة والدواعش، ضمن قوام ما يسمى بالجيش الوطني، وفِي الوقت ذاته تدخل على الخط هيئة علماء المسلمين ليعززوا تلك الفيالق الجرارة بفتوى دينية تجيز لهم قتل الجنوبيين وتكفيرهم، بينما في حالة انقلاب الحوثي بالتحالف مع الرئيس السابق صالح، والذي انقلب على الدولة وسيطر على كل مفاصلها وطردهم إلى خارج البلاد تغيب تلك الأدوات والهيئة تلزم الصمت المطبق، وبالمناسبة لم يستطع المجتمع الجنوبي أن يفهم أن القاعدة وأخواتها لم تجد غريمًا لها في العالم غير القيادات الجنوبية لتستهدفهم وتغتالهم واحداً بعد الآخر في خطة مرسومة، كانت بدايتها في العام 1990، حتى اليوم، ولَم تحد عن هذا الخط قيدَ أنملة واليوم تواصل استهداف رموز المقاومة الجنوبية، ومن هنا يأتي السؤال من الذي له مصلحة في هذا الاستهداف ليأتي الجواب المباشر واضحًا ودون أن يحتاج إلى أدنى ذكاء بأنه كل القوى المعادية لمشروع الجنوب في استعادة دولته وهويته السياسية.
زلزال أغسطس أيقظ شعب الجنوب وكشف المستور، وبعدها أصبح اللعب على المكشوف وظهر حجم المؤامرة الكبير واشتراك قوى متعددة تظهر أنها مختلفة ولكنها متفقة على وأد القضية الجنوبية وجميعها تتحين الفرصة للانقضاض على الجنوب، وما جرى في الـ 28 من أغسطس في الهجوم المباغت على عدن من الشرق مع تحريك الخلايا النائمة داخل عدن لإثارة الفوضى ومع خطة إعلامية بدأ تشغيلها فورًا لنشر أخبار زائفة ومعلومات مغلوطة لإرباك الوضع بثتها قنوات فضائية كنّا نعتبرها معادية لبعضها البعض ولكنها توافقت بشكل تام ولَم نشهد مثل ذلك التنسيق الإعلامي إلا في خطة غزو الأمريكان للعراق، وفِي الوقت ذاته كانت هناك قوات ضخمة في غرب عدن قادمة من تعز مهمتها توجيه الضربة القاضية للقوات الجنوبية من الخلف والسيطرة على عدن وعزل المثلث وحرمان عدن من أي دعم قادم.
وبهذا سقطت مقولة إن ”القضية الجنوبية محفوظة وحلها مكفول“، لكن بعد الانتهاء من مهمة القضاء على انقلاب صنعاء وما عليكم يا جنوبيون إلا أن تطمئنوا وتثقوا.. ونحن نلاحظ أنه لا يوجد اَي أمل بإزالة الانقلاب في المدى المنظور، لأن جميع الجبهات قد توقفت وأن هناك تسليمًا واستلامًا في عدد من الجبهات لصالح الحوثي، ومع الأسف هذه الأسطوانة المشروخة يرددها الكثيرون من هنا وهناك.
ما أشبه الليلة بالبارحة، اليوم يُعاد تحالف غزو الجنوب مرة ثالثة بأركانه وشخوصه وأدواته وتحالفاته ولَم ينقص منه شيء وكأننا أمام تراجيديا سوداوية تخلوا عن دولتهم وعاصمتهم صنعاء ويذهبون لغزو الجنوب تحت مظلة الشرعية المختطفة وتحت سمع وبصر المجتمع الدولي الذي تحاول الشرعية ابتزازه.
وفِي الواقع الشرعية التي سلمت صنعاء للانقلابيين والتي لم تلطق رصاصة واحدة وكان تحت تصرفها ترسانة عسكرية هائلة وقوات عسكرية وجيش من الأنصار المدججين بالسلاح وهربت تحت جنح الظلام متخفية بعباءات نسوية تاركة صنعاء للانقلابيين لن تعيد صنعاء وعينها على الجنوب المحرر منذ اللحظات الأولى لتحريره.
وعملت كل ما أمكن لها من حروب متعددة الأوجه لإخضاع شعب الجنوب إلا أنها واجهت صمودًا أسطوريًّا بل وفوّض الجنوبيون حاملاً سياسيًّا ممثلاً بالمجلس الانتقالي لقيادة مرحلة استعادة الدولة الذي أثبت جدارته في التصدي لكافة المؤامرات التي تحاك ضده وآخرها الغزو الثالث للجنوب متخفياً تحت غطاء الشرعية وهو في الأصل لحساب حزب الإخوان المسلمين المسيطر على الشرعية بمشاركة بعض الأحزاب التي تبحث عن الفتات أو بعض أحزاب تحت الإنشاء والتي كانت إلى وقت قريب تتخفى تحت يافطة الجمعيات الخيرية التي تمول من دول إقليمية مجاورة وانتهزت هذه الفرصة لكي تظهر على المسرح وتحت غطاء الشرعية ()، والهدف هو الاستحواذ على أرض الجنوب كوطن بديل وتترك صنعاء للانقلابيين وبهذا يتم سرقة نصر شعب الجنوب وتذهب تضحيات آلاف الشهداء وآلاف الجرحى أدراج الرياح بعد أن تم شراء بعض الذمم الجنوبية الرخيصة التي تسوق هذه الصفقة البائسة والتي فتحت أبواب الجنوب للغزاة والطامعين.
خوض المفاوضات من قبل المجلس الانتقالي تحت قيادة التحالف العربي مع الشرعية لا يقل ضراوة عن خوض المعارك في الميدان ومن الضروري التسلّح بالصبر والثقة بالنفس وبعدالة القضية الجنوبية.