((الواقع الجديد)) الخميس 29 أغسطس 2019م / متابعات
من على جبهة الفندق الفاخر، استل وزراء حكومة الشرعية اليمنية هواتفهم النقالة، وغردوا من على مواقع التواصل الاجتماعي عن انتصار ملحمي في عدن، على من قالوا إنهم يعيشون نفضة المذبوح قبل الشهقة الأخيرة.
إلا أن حسابات الخنادق خالفت حسابات الفنادق، فقيادات حكومة الشرعية أربكت أنصارها، حين راحت تنتصر عبر الشاشات ومواقع التواصل الاجتماعي، فاقتحمت منشوراتهم وتصريحاتهم مدينة عدن ومطارها ومؤسساتها، وبدأوا بتوزيع الأوسمة الإلكترونية فيما بينهم، بل إن هذا الانتصار الرقمي، أغرى حكومة الشرعية بنكث تعهداتها لتحالف دعم الشرعية واضعة التهدئة والحوار وراء ظهرها.
لكن الميدان الحقيقي كان يحكي عكس ذلك، فالهجوم الذي استوعبه الطرف الآخر في المعركة، سرعان ما تبين أنه محض أوهام، وقنبلة صوتية ليس إلا، فإذا بعدن تعيش هدوءًا حذرًا من خلايا نائمة قال المجلس الانتقالي الجنوبي إنه يتعامل معها، لتنتقل قوات الحزام الأمني الجنوبية إلى الهجوم المضاد، وتستعيد السيطرة على مناطق واسعة في أبين ولحج، إضافة إلى فرض سيطرة شبه تامة على عدن.
أداء الحكومة الشرعية وخطابها واستعجال بياناتها حول المعارك الجارية، كشف عن سوأة أدائها السياسي والعسكري، وكيف تتعامل مع الأمور بمنطق ميليشياوي لا يحاكي أدنى قواعد الاحتراف الحكومي في مثل هذه الأمور البالغة الحساسية في البلاد، وكيف لها أن تكون محترفة يقول قائل، وهي معذورة بندرة انتصاراتها، إلا تلك التي كانت على أيدي أبناء الجنوب والقوى المنبثقة عنهم.
وواقع الحال أنه إذا جاءتكم حكومة الشرعية بنبأ فتبينوا، ذلك ما يلخص ربما المزاج العام للمراهنين على هذه الحكومة، التي كثرت سقطاتها واحترقت أوراقها إداريًا وعسكريًا وشعبيًا واقتصاديًا، وغرقت في الفساد إلى درجة راح أفرادها الفارين يغرغرون قبل شهقة سقوط لا يراه المتابعون للشأن اليمني بعيدًا، في ظل بحث اليمنيين عن ممثلين للشرعية لا مختطفين لها.