((الواقع الجديد)) السبت 10 نوفمبر 2018م / متابعات
في وصفها لما يحققه تحالف دعم الشرعية من اختراقات عسكرية نوعية لاستعادة مدينة وميناء الحديدة، نقلت صحيفة الغارديان البريطانية عن المحلل السياسي اليمني هشام العميسي قوله: لدينا في اليمن مثل معروف يقول: “عندما تقرر ذبح الشاة لا ترفع سكينك عن رقبتها. إنته من الأمر سريعاً”.
كأس السم
الصحيفة البريطانية كانت في استخدامها هذا المثل اليمني، تعرض للمتغيرات المنتظرة في المشهد اليمني على طريق إجبار الحوثيين ومن ورائهم ايران وحزب الله على تجرّع “كأس السم” الذي كان آية الله الخميني اعترف بتجرعه عندما وافق على وقف الحرب مع العراق والدخول الجدّي في مفاوضات السلام.
أنباء عن انشقاق وزير الإعلام في حكومة الحوثي ولجوئه إلى الرياض
ما الذي تعنيه سيطرة المقاومة على مستشفى “22 مايو” في الحديدة؟
“كأس السم” الذي يراه الحوثيون في قبولهم الدخول مع قوات الشرعية بمفاوضات السلام، ترى أطراف إقليمية ودولية فيه انتصارا للسعودية وحلفائها وهو ما يتطلب مكايدات لعرقلته مناكفة للمملكة.
فصحيفة واشنطن بوست الأمريكية فتحت صفحاتها لأحد زعماء الحوثيين، محمد علي الحوثي رئيس ما يسمى اللجنة الثورية العليا، ومنحته مساحة يعلن من خلالها “استعدادهم للسلام لكن بشرط وقف القصف” من طرف قوات تحالف الشرعية.
خطوة الواشنطن بوست في إعطاء الحوثي، يوم الجمعة ، مساحة يتحدث فيها للرأي العام الأمريكي، كانت هي الثانية من نوعها المثيرة للجدل التي تلجأ اليها، خلال أيام، خلافاً للأعراف واخلاقيات المهنة الإعلامية.
قبلها كانت أعطت مساحة مماثلة للرئيس التركي رجب طيب اردوغان ولقيت انتقادات قاسية تصفها بأنها، وهي تناهض السعودية وإدارة الرئيس دونالد ترامب، باتت مستعدة لأن تتخلى عن وظيفتها ورسالتها وهي تعطي لرئيس موصوف بأنه صاحب الرقم القياسي في البطش بالصحافة والصحفيين، مساحة يُحاضر فيها عن العدالة وحقوق الانسان.
هذه المرة جاء تلطيخ صورة الواشنطن بوست من اليمنيين الذين لم يكونوا يوماً يتصورون أن شخصاً أمياً تقريبا، بكل معنى الكلمة، مثل محمد علي الحوثي يمكن أن يحظى بزاوية صغيرة في واشنطن يستفرغ فيها ما كتبه أحدهم له.
علي البخيتي
أوضح هذه المواقف اليمنية التي ملأت السوشيال ميديا كانت من السياسي علي البخيتي، شقيق محمد البخيتي الناطق باسم الحوثيين. وقد اضطر على البخيتي أن يقيم في عمّان لأنه يمتلك رؤية تصف ما يقوم به شقيقه والحوثيين بأنه جريمة في حق اليمن والأمة العربية، وتفريطاً بالتاريخ اليمني وتجييره للطموحات والبرامج الايرانية الطائفية.
كانت وجهة نظر على البخيتي أن الواشنطن بوست سقطت وللمرة الثانية خلال أيام وهي تعطي لمحمد علي الحوثي مساحة يتحدث فيها عن السلام والعدالة وحرية الرأي، وهو المدرج في قوائم الأمم المتحدة الخاصة بالإرهابيين، حيث سجلّه الدموي في قتل وتعذيب الصحفيين اليمنيين يُفترض أن تعرفه الواشنطن بوست، كما يعرفه اليمنيون. كذلك فإن الحوثيين الذين يرفعون شعار الموت لامريكا ، يركعون الآن مستعطفين واشنطن ان تنقذهم، وهم في ذلك يستخدمون ازدواجية اللغة الايرانية وباطنيتها.
مداخلات السوشيال ميديا اليمنية وهي تقرأ في مضامين مقالة محمد علي الحوثي بالواشنطن بوست، سجّلت حجم المفارقة في الموضوع ككل. فهو من جهة سقطة مهنية أخرى لصحيفة أمريكية كبرى لم تعد تعرف كيف تغيظ السعودية وإدارة ترامب، لكنه من جهة أخرى صرخة توجّع أو لطم مشهود باللغة الإنجليزية، كما قيل.
نداءات الاستغاثة
المسيسّون باحتراف من بين نشطاء السوشيال ميديا اليمنية، استذكروا تتابعاً ملفتاً في نجاح عملية تحرير الحديدة بأن تدفع الحوثيين ومن ورائهم ايران الى طلب الهدنة والتفاوض السياسي..
فقبل مقال الحوثي في البوست الأمريكية الذي حمل رسالة تقول: “نريد السلام لكن بعد وقف القصف” كان زعيم جماعة أنصار الله” عبد الملك الحوثي قال يوم الأربعاء الماضي في كلمة متلفزة أنه يريد التثبّت من جدية الدعوة الأمريكية للدخول في مفاوضات سلام حقيقية.، مضيفا ” لن نستسلم”.
لكن المقاربة الأكثر لفتاً لنشطاء السياسيين اليمنيين هي أن صرخة الاستغاثة التي وجهها من كتب لمحمد على الحوثي مقالته التي نشرتها الواشنطن بوست، جاءت في أعقاب رسالة عممها عبد الملك الحوثي على أنصاره يوصيهم فيها ب “دعاء الثغور”، وهو نداء الاستغاثة الذي يحثهم على المجيء للحديدة بأمل انقاذ هذا الثغر بعد أن توغلت فيه قوات دعم الشرعية ووصل فيه عدد القتلى الحوثيين إلى المئات خلال بضعة أيام.
رسالة ايرانية بالوكالة
وفي الإطار السياسي الأعرض، جرى تصنيف رسالة الاستغاثة التي طلب فيها الحوثيون (من خلال محمد علي الحوثي) صيغة تفاوض تحفظ ماء وجههم، بأنها موقف ايراني بالوكالة بعد ان تأكد لطهران ان العقوبات الأمريكية جدية هذه المرة، وأنها لن تتوقف حتى يتداعى نظام الملالي وتتوقف تدخلاته الإرهابية في دول الجوار.
وكتب وزير الخارجية اليمني خالد اليماني على حسابه بـ”تويتر”: “لا يمكن لمن يسفك دماء اليمنيين، ومن انقلب على مخرجات الحوار الوطني، واختطف الدولة بقوة السلاح (…) أن يتشدق باسم السلام”.
وفي تغريدة بالانكليزية قال اليماني: “من كان ليتصور أن يرى مجرم حرب من أمثال محمد علي الحوثي يفبرك لغة سلام في واشنطن بوست! عملاء إيران بدأوا يجدون طريقهم الى الصحافة الاميركية”.
وتابع “يا له من أمر معيب!”.