((الواقع الجديد)) الاثنين 1 أكتوبر 2018م / متابعات
يقول مصدر من مستشفى الثورة العام في صنعاء، “إنه عندما اشتدت المعارك في جبهة نهم بإحدى المناطق التابعة لمحافظة صنعاء، تم وضع كثير من قتلى الحوثي في ثلاجات تبريد تجارية، في حين وضع بعضهم في صناديق عادية”.
وأضاف لـ”إرم نيوز”، أنه “تم إخراج بعض القتلى ممن يطلقون عليهم اسم (الزنابيل) وهم ينحدرون من مناطق ريفية وينتسبون إلى القبائل، من ثلاجة الموتى ووضعهم في توابيت خشبيه، واستبدلوا بقتلى ممن ينحدرون من أسر حوثية (عقائدية أو هاشمية)”.
وأكد المصدر ذاته أنه “يتم التعامل مع موتى الحوثيين وفق نسبهم، والأولية للهاشميين دائماً، حيثُ يدَّعي الكثير من الحوثيين أن نسبهم ينتهي إلى الرسول الكريم، وهو ما يجعل لهم الأفضلية في كل شيء”.
وتمثل هذه الحادثة واحدة من عشرات القصص التي تنكشف يوماً بعد يوم، مبرزة جوانب من أسوأ مرحلة يعيشها اليمن، من قبل جماعة لا تتوقف عن قتل اليمنيين بدم بارد دافعة بهم إلى معارك خاسرة، قبل امتهان إنسانيتهم أحياءً وأمواتًا.
العقائديين
القتلى العقائديون، وهم القتلى الذين تربطهم علاقة أسرية أو مصاهرة بزعيم جماعة الحوثي عبد الملك الحوثي، والصف الأول من القيادات الميدانية للجماعة، يحظون بامتيازات لا تعطى لغيرهم، ويصل بعضها إلى مستوى التقديس، ويتم دفنهم وفق مراسيم وطقوس عقائدية غاية في التعقيد.
ويشرف مكتب زعيم الحوثي على تلك المراسم، وفي العادة يتم تأخير إعلان أسماء القتلى عدة أشهر، تفادياً لأي انهيارات قد تحدث بين المقاتلين، ويتم دفنهم في مقابر خاصة تحظى بحراسة مشددة على مدار الساعة وتغطى بالورود والأعشاب الخضراء.
المقابر
ولجماعة الحوثي 5 مقابر للعقائديين، إحداها في مديرية “رازح” وأخرى في منطقة “مران” بمحافظة صعدة -مسقط رأس مؤسس جماعة الحوثي حسين الحوثي- حيثُ تتحول الأخيرة إلى مزار أسبوعي لأنصار الجماعة.
وينحدر أغلب العقائديين من محافظة صعدة -معقل جماعة الحوثي- ويرتبطون فكريًّا بأفكار مؤسس الجماعة والكثير منهم تتلمذوا على يديه قبل مصرعه على يد الجيش اليمني في عام 2004.
وبحسب مصدر يمني، فان للعقائديين الحوثيين، تيارين، الأول التيار العسكري الذي توكل إليه المهام العسكرية ويشرف على تشكيلات عسكرية على رأسها “كتائب الموت، وكتائب الحسين، والمهام السريعة”.
والثاني، تيار ثقافي، يُعنى بنشر الفكر الحوثي بين فئات المجتمع اليمني، وتحسين الصورة النمطية للحوثيين وشعائرهم الدينية، من خلال خطاب ديني يتوافق مع العادات والتقاليد اليمنية.
وأكد المصدر ذاته في حديث لـ”إرم نيوز”، أن العقائديين في جماعة الحوثي هم الأكثر تشدداً وارتباطاً بالحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني، وتلقى الكثير منهم تدريبات عسكرية مكثفة في إيران ولبنان.
الهاشميون
ويتلو فئة “العقائديين” ما يُسمى بـ”الهاشميين”، وهي الفئة التي تحتل المركز الثاني في تقسيمات قتلى جماعة الحوثي، حيثُ تحظى بتكريم كبير في مراسم الدفن، والمبالغ المالية التي تدفع لأسر القتلى، وتلتزم القيادات الحوثية بحضور الدفن.
ويشرف على هذه الفئة قسم “الملتقى الإسلامي” وهو كيان حوثي يرتبط بشكل وثيق بالتحركات الحوثية في مناطق شمال ووسط اليمن، ويتلقى دعمًا من إيران.
وتنتشر مقابر فئة “الهاشميين” بشكل واسع، واحياناً يتم جمع قتلى هذه الفئة مع القتلى العقائديين في مقبرة واحدة، أو مع قسم قتلى “الزنابيل” في بعض المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين.
وتتلقى أسر قتلى “الهاشميين” دعمًا ماليًّا بشكل شهري تحت مسمى “إعاشة”، وتعطى الأولية في المقاعد الجامعية والمناصب الحكومية لتلك الأسر من هذه الفئة.
كما يتم وضع لوحات إعلانية عملاقة في شوارع بعض المدن الخاضعة لسيطرة الحوثيين في مقدمتها صنعاء لتمجيد بعض الشخصيات الحوثية “الهاشمية”، التي لقيت مصرعها.
الزنابيل
يستخدم مصطلح “الزنابيل”، الذي بدأ استخدامه إبان حروب صعدة الست (2004- 2010)، للتعريف بقتلى أبناء القبائل والفئات الاجتماعية الدنيا في سلم المجتمع اليمني، بينما أطلق على قتلى فئة “الهاشميين” مصطلح “القناديل”، ومنذ ذلك التاريخ اعتاد اليمنيون سماع المصطلحين بشكل مستمر.
وينظر إلى باقي فئات المجتمع من خارج فئة الهاشميين وتيار العقائديين بشكل مختلف ويتم التعامل معهم على هذا الأساس حتى في مراسيم دفنهم والامتيازات التي تحظى بها أسرهم مقارنة مع قتلى فئة الهاشميين.
وتشرف “مؤسسة الشهداء” التابعة للحوثيين، على هذا القسم، الذي تجاوز عدد القتلى فيه أكثر من 12 ألفًا خلال ثلاث السنوات الماضية، وفق إحصائيات نُشرت بداية العام الحالي 2018.
وتمتلك “مؤسسة الشهداء” التي تحصل على تمويل من جماعة الحوثي وبعض الجمعيات الخيرية في إيران ولبنان، عددًا من المشاريع الاستثمارية والعقارات في صنعاء وصعدة وعمران.
ويتم دفن قتلى “الزنابيل” في مراسيم شعبية، وفي الغالب لا تحضر أي من القيادات الحوثية، وتكتفي الجماعة بدفع 60 ألف ريال يمني ما يُعادل 100 دولار لأسرة القتيل أثناء الدفن.