((الواقع الجديد)) الثلاثاء 28 أغسطس 2018م / متابعات
أقدمت مليشيات الحوثي في محافظة ذمار، أمس الأول، على اختطاف ما يربو عن 80 مواطناً من أبناء إحدى قرى مديرية جهران بمحافظة ذمار، بعد أن فرضت عليها حصاراً مطبقاً منذ مساء الأحد الماضي، إثر المواجهات التي دارت مع أبناء المنطقة وسقط فيها قتيل وجرحى حوثيين.
وذكرت مصادر محلية في مديرية جهران لـ” الإصلاح نت” ان مليشيات الحوثي أطبقت حصاراً على قرية الخربة في مديرية جهران شمال محافظة ذمار، وأقدمت على اختطاف العشرات من أبناء المنطقة من البيوت الواقعة في أطراف البلدة، ومن كانوا خارجها، قبل أن تقتحم القرية ومنازلها، التي تم تفتيشها من قبل عناصر المليشيات الحوثية، بصورة مستفزة.
وقالت المصادر أن أعداد المختطفين من أبناء قرية “الخرابة” تزيد عن 80 شخصاً بينهم مسنون وصغار سن، بواسطة حملة أطلقتها مليشيات الحوثي بمحافظة ذمار، تضم حوالي 30 طقماً ومدرعتين، وعشرات المسلحين، مساء الأحد لحصار القرية التي رفضت الرضوخ لمسلحين حوثيين كانوا يريدون القبض على بعض وجاهات في القرية، وقالت إنهم مطلوبون أميناً، الأمر الذي أشعل مواجهات بين الطرفين قتل فيها مسلح حوثي وأصيب 8 آخرون، بينهم قيادي أمني للمليشيات، فيما أصيب أحد أبناء القرية.
ورصدت منظمة نهضة وطن الحقوقية بمحافظة ذمار، 3306 حالات انتهاك لحقوق الإنسان أقدمت عليها مليشيات الحوثي في محافظة ذمار خلال العام 2017، بينما الانتهاكات منذ بداية العام الجاري 2018 زادت عن 600 حالة انتهاك، على أن أغلب هذه الانتهاكات كانت الاختطافات.
أرقام مهولة.. واختطافات بالجملة
وإذا كانت هذه عملية واحدة تقوم بها مليشيات الحوثي واختطفت فيها 80 مواطناً، فإننا سنكون أمام أرقام مهولة من المختطفين، الذين اختطفتهم مليشيات الحوثي في محافظة ذمار منذ سيطرتها على المحافظة في أكتوبر 2014، حيث إن فرق الرصد المحلية لا تتمكن من رصد كل الانتهاكات في مختلف المديريات بالمحافظة.
ففي فبراير 2017 أقدمت مليشيات الحوثي على اختطاف أكثر من 120 من أبناء مديرية عتمة، وهجرت ما يزيد عن 500 أسرة من المديرية، وفجروا العديد من المنازل، ودمرت منازل للمواطنين، وهو ما يحدث في مناطق أخرى من المحافظة لا تخضع لهيمنة المشرف الحوثي، وإن بصورة أقل.
وتقول مصادر حقوقية لـ”الإصلاح نت” إن هناك اليوم أعدادا كبيرة من المختطفين تضاربت منظمات حقوقية محلية في عددهم على وجه التحديد، لكن المرجح أن هناك أكثر من 1100 مختطف لا يزالون إلى اليوم رهن الاختطاف في معتقلات تسيطر عليها المليشيات كانت تابعة للسلطات الأمنية وجهاز الأمني السياسي، وأخرى سجون مخفية في منازل اغتصبها الحوثيون على أصحابها المعارضين للانقلاب، بينهم العشرات مخفيين قسراً ومعزولين حتى عن أسرهم التي لم تتمكن من معرفة مكان إخفائهم، يتعرض معظم هؤلاء للتعذيب والانتهاكات اليومية فضلاً عن تردي أوضاعهم المعيشية والصحية.
فيما وصل عدد من اعتقلتهم المليشيات منذ سيطرتها على المحافظة إلى ما يزيد عن 3250 مختطفاً توزعوا على العديد من السجون التي كانت تابعة للسلطات، وسجون سرية للمليشيات، يديرها مشرفون حوثيون تلقوا تدريبات أمنية على أيدي عناصر من حزب الله.
مليشيات ونقاط اختطاف وانتهاكات
تمثل محافظة ذمار بالنسبة للمليشيات الحوثية وكراً لاختطاف المزيد من المواطنين، وخصوصاً في النقاط الأمنية المنتشرة بشكل مكثف بين محافظتي ذمار والبيضاء، والتي يتعرض فيها المسافرون لانتهاكات متزايدة ومستمرة، فقط اختطفت المليشيات الحوثية من هذه النقاط المئات من المسافرين من أبناء محافظة ذمار ومحافظات أخرى، وتم نقلهم إلى سجون مدينة ذمار، وفي المقدمة منها سجن البحث الجنائي، الذي تجري فيه مليشيات الحوثي تحقيقات مع المختطفين وتقوم بتعذيبهم، ثم تعيد توزيعهم على السجون، وأهمها المصحة الخاصة بالمختلين عقلياً بالسجن المركزي بذمار الذي يكتظ بالمعتقلين، حيث أفاد مختطفين تم إطلاقهم في أوقات سابقة أن المئات يتم حشرهم داخل ثلاث غرفة مخصصة بالمختلين عقلياً، مع ندرة دورات المياه، وانعدام الغذاء والمياه الملوثة، وتعرضهم لمعاملة قاسية، وإجبارهم على ترديد الصرخة الحوثية، أو الزج بهم في زنازين انفرادية.
وبين السجناء نسبة كبيرة من الأطفال وصغار السجن الذين تختطفهم المليشيات من النقاط الأمنية، وتزج بهم بين السجناء، في انتهاك واضح لحقوق الطفولة وتعريضهم للخطر، والمعاملة القاسية من قبل عناصر المليشيات، التي لا تقيم وزناً لحقوق الطفولة.
وفي “كلية المجتمع” على الطريق المؤدي إلى صنعاء هناك مئات المختطفين غالبيتهم من أبناء محافظة تعز، يعيشون أوضاعاً صعبة، إضافة إلى سجن “الشونة” في مدينة معبر الذي يعتبر من أسوأ سجون المليشيات في المحافظة، سواء من حيث الوضع المعيشي، أو ما يتعلق بما يتعرض له المختطفون من انتهاكات ومعاملات قاسية وتعذيب.
ويتوزع مئات المختطفين على أقسام الشرطة في مدينة ذمار، وإدارات أمن عدد من مديريات المحافظة، يشرف عليه مباشرة مشرفون حوثيون، حيث أصبحت الاختطافات التي لا تتوقف حديث المجالس.
غير أن سجن الأمن السياسي هو الأسوأ، حيث يعتبر مقبرة الداخل إليها مفقود والخارج منها مولود، حيث يحوي العشرات الذين يتعرضون لتعذيب وحشي، وإخفاء قسري، ومنع من الزيارات، وغالبية السجناء في هذه السجن هم نشطاء سياسيين وإعلاميين وحقوقيين، الذين تعتبرهم المليشيات الحوثية خطراً عليها.
وتقوم مصادر في مدينة ذمار، أن عشرات المختطفين من أبناء المحافظات الأخرى، يتم ترحيلهم أسبوعياً حيث تتسلمهم مليشيات الحوثي في محافظاتهم، بعد أن تكون مليشيات الحوثي بذمار قد اختطفتهم في نقاطها، لا سيما محافظات عمران وصنعاء والمحويت وحجة وإب.
مصدر رزق للمشرفين
وتسترزق قيادات حوثية من وراء أغلب المعتقلين، الذين يتم مساومتهم من أول لحظات اعتقالهم بدفع مبالغ مالية تصل إلى 20 ألف ريال مقابل تركهم، إلا أنها تتضاعف في حال رفضهم ونقلهم إلى سجون أخرى لتصبح من 50 ألف إلى 100 ألف ريال، إضافة إلى إجبار أهاليهم على إحضار تعهدات وضمانات تجارية بعدم سفرهم إلى مأرب أو انتقاد المليشيات في المجالس أو مواقع التواصل الاجتماعي، حيث أفاد مختطفون تم الإفراج عنهم أنهم دفعوا مبالغ كبيرة مقابل إطلاقهم، واشترطت عليهم قيادات حوثية أن يكون ذلك بصورة سرية، بينما يتم في العلن توقيعهم على ضمانات.
بينما تصادر مليشيات الحوثي ممتلكات المختطفين الذين تفرج عنهم، حيث يقول بعضهم أنهم لم يتسلموا أيا من ممتلكاتهم التي نهبها الحوثيون من حوزتهم، وبعضها تصل قيمتها إلى مبالغ كبيرة، في حين أن هناك سيارات لمختطفين يستغلها الحوثيون أثناء احتجاز أصحابها، ولا يتم إعادتها إلى بعد وساطات وغرامات كبيرة.