“الواقع الجديد” الثلاثاء 14 أغسطس 2018 / نقلا عن الشرق الاوسط
أوصى خبراء لجنة العقوبات الدولية على كوريا الشمالية بموجب قرارات مجلس الأمن بإضافة الكثير من سفن الشحن والأفراد والشركات على لوائح العقوبات، بسبب تعاملاتها المتواصلة مع بيونغ يانغ. وكشفوا تفاصيل مثيرة، في تقرير حصلت «الشرق الأوسط» على مقتطفات حصريّة منه، عن مراسلات بين مسؤولين كوريين شماليين ومسؤولين في بلدان عربية، بينهم الرئيس السابق للمجلس الأعلى للدفاع نائب رئيس الوزراء الليبي خليفة الغويل، وعن عمليات سمسرة قام بها تاجر الأسلحة السوري حسين العلي، الذي لعب دوراً محورياً في المراسلات والاجتماعات لمسؤولين كوريين شماليين مع القيادي في جماعة الحوثي اللواء زكريا يحيى الشامي والسفير الحوثي في دمشق نايف أحمد القانص، بغية التوصل إلى «بروتوكول تعاون بين اليمن وكوريا الشمالية» يتضمن شراء معدات عسكرية، تتضمن رشاشات الكلاشنيكوف وبنادق «بي كي سي» وقاذفات «آر بي جي» وصواريخ «فاغوت» و«إيغلا» وأنظمة دفاع جوي وصواريخ باليستية.
وكانت وسائل الإعلام نشرت بعض المعلومات استناداً إلى صفحة الموجز التنفيذي للتقرير الذي يتألف من 62 صفحة والكثير من الملحقات. بيد أن «الشرق الأوسط» حصلت بصورة حصرية على مقتطفات رئيسية منه، ولا سيما في الفقرات المتعلقة بكل من ليبيا والسودان وسوريا واليمن، فضلاً عن توصيات الخبراء لمجلس الأمن. وكشف التقرير استمرار كوريا الشمالية في برامجها النووية والصاروخية في خرق لعقوبات الأمم المتحدة.
– مراسلات واجتماعات مع ليبيا
أفاد التقرير، الذي لا يزال سريّاً، بأن فريق الخبراء «واصل تحقيقاته في محاولات كثيرة للتعاون العسكري بين كوريا الشمالية والسلطات الليبية المختلفة، وكذلك في كيانات ورعايا أجانب مدرجين على لوائح العقوبات ممن يعملون لمصلحتهم في ليبيا»، ناقلاً عن دولة عضو في الأمم المتحدة أن نائب وزير التجهيزات العسكرية الكوري الشمالي أو تشول سو وجه رسالة بتاريخ 23 مارس (آذار) 2015 إلى رئيس المجلس الأعلى للدفاع نائب رئيس الوزراء الليبي آنذاك خليفة الغويل، لاحظ فيها أن كوريا الشمالية «في الوقت الراهن في طور إعداد اتفاق بيع – شراء لأنظمة دفاعية مطلوبة، والذخيرة اللازمة للحفاظ على استقرار ليبيا». وسمى مؤسسة «غرين باين أسوسيايشن» التجارية الكورية الشمالية.
كما ذكر دور «المكتب الاستشاري للتسويق» (كونسالتينغ بيرو فور ماركيتينغ) العائد لتاجر الأسلحة السوري حسين العلي، الذي يعمل لمصلحة جمهورية كوريا الشعبية الديمقراطية (الاسم الرسمي لكوريا الشمالية) في ليبيا والسودان واليمن.
وأضاف الخبراء أنه في 5 أبريل (نيسان) 2015، ردّ خليفة الغويل على رسالة أو شول سو، داعياً فرقاً تقنية ليبية لزيارة كوريا الشمالية. وأظهرت وثيقة من وزارة الدفاع الليبية في 20 مايو (أيار) 2015 أن وكالة قانونية فوضت حسين العلي «للتفاوض والمراسلة وتبادل المعلومات وتلقي الوثائق والمقترحات الفنية والمالية نيابة عنا في كوريا الشمالية». وأفاد تقرير الفريق بأنه «يشتبه في وجود صلة بين النشاطات المخططة عام 2015 والاجتماعات التي عقدها لاحقاً السفير الكوري الشمالي في ليبيا مع وزارة الدفاع الليبية، للانخراط في تعاون عسكري في مارس 2017».
– خطط لنقل تكنولوجيا صواريخ إلى السودان
كذلك، واصل الفريق تحقيقاته في مشاريع تعاون عسكري بين كوريا الشمالية والسودان، وحصل على معلومات تتضمن رسالة مؤرخة في 28 سبتمبر (أيلول) 2016 بين مهرّب الأسلحة السوري حسين العلي وشركة «تشونريونغ تكنولوجي كوربورايشن»، تحدد نقل تكنولوجيا لصواريخ «فاغوت» المضادة للدبابات مستقبلا، وأنظمة دفاع جوي تحمل على الكتف (MANPADS) لـ«التصنيع العسكري في السودان».
ﻭتبلغ الفريق أيضاً أﻥ ﺷﺮﻛﺔ «سودان ماستر تكنولوجي إنجينيرينغ كومباني» المرتبطة بشركة الصناعات العسكرية في السودان كان لديها اتصالات عام 2009 ﻣﻊ رجل الأعمال الأسترالي تشوي تشان هان، المعروف أيضاً باسم سولومون تشوي، الذي يعمل نيابة ﻋﻦ كوريا الشمالية وقبض ﻋﻠﻴﻪ في أستراليا في 16 ديسمبر (كانون الأول) 2017 بسبب «السمسرة لبيع مكونات صواريخ وفحم حجري». ولم يستجب السودان بعد لطلب الفريق الحصول على معلومات ووثائق من الحكومة ومن شركات شبه حكومية، يفاد بأنها قامت بأعمال مع حسين العلي وتشوي تشان هان.
كذلك: «لم يرد السودان بعد على طلب الفريق الحصول على معلومات عن ممثلي كوميد (كبرى شركات صناعة الأسلحة في كوريا الشمالية) في السودان كيم سونغ تشول وسون جونغ هيوك، بما في ذلك الحصول على نسخ من العقود وفواتير السفر والمعلومات عن شركات سودانية ذات صلة، وعن رجال أعمال ومسؤولين عسكريين وحكوميين ذوي صلة لفترة 2009 – 2018».
– تعاون بلا هوادة مع سوريا
واصل الفريق تحقيقاته في النشاطات المحظورة بين كوريا الشمالية وسوريا، ومنها استمرار سفر فنيين من كوريا الشمالية إلى سوريا ومنها، ووجود مواطنين كوريين شماليين يعملون نيابة عن الكيانات الخاضعة للعقوبات في سوريا بالإضافة إلى سماسرة أسلحة سوريين يحاولون بيع معدات عسكرية كورية شمالية في الكثير من الدول الشرق الأوسطية والأفريقية. وأكد أنه تبلغ عام 2018 عن زيارات إضافية إلى سوريا في 2016 – 2017 لفنيين من كوريا الشمالية مرتبطين بنشاطات محظورة، كانوا يعملون لصالح مصانع دفاعية سورية (معمل الدفاع).
وبين هؤلاء: «ثلاثة مواطنين كوريين شماليين غادروا سوريا في ربيع عام 2017»، وهم يونغ كيونغ سونغ وكيم جونغ جيل وكيم ثاي هيون.
وأضاف أن ثلاثة خبراء كوريين شماليين آخرين هم كيم يونغ تشول، ورو جونغ ميونغ، وري سونغ وصلوا إلى سوريا في 3 مايو 2017 واستقبلهم العقيد سامر حيدر، العضو في دائرة الدفاع الجوي التابعة للقوات المسلحة السورية.
وأوضح أن «الأفراد الثلاثة حصلوا على تأشيرات مدتها ثلاثة أشهر صادرة عن السفارة السورية في بيونغ يانغ»، مضيفاً أن «أسماءهم وأرقام جوازاتهم تختلف عن مجموعات الفنيين الكوريين الشماليين الذين انخرطوا في نشاطات صواريخ باليستية وغيرها من النشاطات المحظورة وكانت سافرت سابقاً إلى سوريا وعادت منها في فبراير (شباط) 2011، وأغسطس (آب) 2016، ونوفمبر (تشرين الثاني) 2016 ومارس 2017 مما أظهر بالتالي أن التعاون العسكري المحظور لكوريا الشمالية مع سوريا مستمر بلا هوادة».
وكشف المحققون أن «مواطنين سوريين انخرطوا في سمسرة أسلحة نيابة عن كوريا الشمالية، إذ إنهم حاولوا القيام بعمليات بيع لمجموعة من الدول الشرق الأوسطية والأفريقية، عارضين أسلحة تقليدية وفي بعض الحالات صواريخ باليستية، لجماعات مسلحة في اليمن وليبيا». وأضاف أن حسين العلي «منخرط في تعاون عسكري محظور نيابة عن كوريا الشمالية، من خلال قيامه بمحاولات بيع أسلحة في ليبيا والسودان واليمن».
ولم يتلق الخبراء أي رد على طلبهم من العلي معرفة تفاصيل حول «علاقته مع وزارة المعدات العسكرية الكورية الشمالية وسايينغ بيل وغيرها من الكيانات الكورية الشمالية والمواطنين الكوريين الشماليين الخاضعين للعقوبات». علما بأن الفريق تبلغ أن ريو جين، المعين كممثل لشركة كوميد العسكرية الكورية الشمالية في سوريا، غادر هذا البلد، من دون أن يعرف ما إذا كانت هذه المغادرة حصلت بسبب طرده وفقاً للفقرة 13 ﺃﻭ ﺍﻟﻔﻘﺮﺓ 14 ﻣﻦ ﺍﻟﻘﺮﺍﺭ 2270. وأن عدداً من الأفراد الخاضعين للعقوبات وغيرهم من المواطنين الكوريين الشماليين العاملين لدى كيانات خاضعة للعقوبات، بما في ذلك تشو جين ميونغ لا يزالون مقيمين في سوريا».
– صواريخ باليستية للحوثيين
أفاد الفريق بأنه حقق في الجهود التي تبذلها وزارة المعدات العسكرية الكورية الشمالية و«كوميد» لتوفير مجموعة واسعة من الأسلحة التقليدية والصواريخ الباليستية لجماعة الحوثي في اليمن، من خلال السمسار السوري حسين العلي. وأوضح أنه «حصل على رسالة دعوة مؤرخة في 13 يوليو (تموز) 2016 موجهة من القيادي الحوثي اللواء زكريا يحيى الشامي لوزارة المعدات العسكرية الكورية الشمالية وشركة توسونغ ترايدينغ، وهي شركة فرعية تابعة لكوميد، للاجتماع في دمشق من أجل مناقشة مسألة نقل التكنولوجيا وقضايا أخرى ذات اهتمام مشترك». وأضاف أنه جرى التفاوض على «بروتوكول تعاون بين اليمن وكوريا الشمالية» من قبل «السفير الحوثي في دمشق نايف أحمد القانص وسمسار الأسلحة السوري حسين العلي». وهذا تضمن «مجموعة واسعة من المعدات العسكرية»، بما في ذلك رشاشات «الكلاشنيكوف» وبنادق «بي كي سي» الآلية، وقاذفات «آر بي جي – 7»، و«آر بي جي – 29»، وصواريخ «فاغوت» و«إيغلا» ودبابات وأنظمة دفاع جوي وصواريخ باليستية. «ولم يرد اللواء زكريا يحيى اﻟﺸﺎﻣﻲ وﻧﺎيف أﺣﻤﺪ القانص وﺣﺴﻴﻦ اﻟﻌﻠﻲ ﻋﻠﻰ ﻃﻠﺐ اﻟﻔﺮﻳﻖ لمعرفة معلومات عن دورهم في هذه المفاوضات، ومحاولات السمسرة والتزويد بهذه الأسلحة من جمهورية الشمالية أو نيابة عنها».
– مشاريع مشتركة مع روسيا
إلى ذلك، بيّنت تحقيقات الفريق أن هناك انتهاكات للحظر المفروض على المشاريع المشتركة والكيانات التعاونية بموجب الفقرة 18 من القرار 2375، بعد ظهور معلومات عن شركة في السجل التجاري الروسي الرسمي تدرج المالك كمواطن كوري شمالي والمدير كمواطن روسي، فضلاً عن أن عنوان هذه الشركة هو نفسه عنوان القنصلية العامة الكورية الشمالية في مدينة فلاديفوستوك الروسية.
وقال الفريق إن تحقيقاته توصلت إلى أن شركة «كوريا العامة للإنشاءات الخارجية» (جينكو أو كوجين)، التي لها صلات بكل من «مانسوداي» وهان هون إيل (آر جي بي) في زامبيا، هي المالك المشترك (مع مواطن روسي) لشركة بناء مشتركة في ساخالين أوبلاست في روسيا.
ووفقاً لسجلات روسية رسمية، فإنها دخلت أخيراً وفازت بمناقصة لعقود تزويد لوكالات تابعة للدولة الروسية في يونيو (حزيران) 2018 وهناك مشروع مشترك آخر يملكه مواطنان كوريان شماليان ويديره مواطن روسي في كراسنويارسك مسجل تحت الاسم الروسي لشركة «جينكو».
وأضاف التقرير أن غالبية المشاريع المشتركة في روسيا يملكها كلياً أو بصورة مشتركة أفراد كوريون شماليون (في أوراق العمل أيضاً مع مالكين مشتركين و-أو مديرين من روسيا)، فإن الشركات الكورية الشمالية التالية (بالإضافة إلى جينكو) تملك مشاريع مشتركة على الأراضي الروسية، في انتهاك للفقرة 18 من القرار 2375 «كوريا كومغانغ جنرال كوربورايشن» ووزارة الغابات الكورية الشمالية والأكاديمية الكورية الشمالية للعلوم الطبية وشركة «بوغانغ فارماسوتيكال» للصيدلة وشركة «الثامن من مارس» التجارية الكورية و«كوريا أبروكغانغ» و«كوريا بايكما ترايدينغ كوربورايشن».
وأوصى الفريق كل الدول «لضمان إنهاء استخدام ممتلكات كوريا الشمالية لأي أغراض محظورة بموجب الفقرة 18 من القرار 2321. وإلغاء كل التسجيلات أو الإيجارات ذات الصلة، وحل كل المشاريع المشتركة أو الكيانات التعاونية التي تضم مواطنين أو كيانات من كوريا الشمالية وفقا للفقرة 18 من القرار 2375».
– توصيات فريق الخبراء
وأوصى الفريق لجنة العقوبات التابعة لمجلس الأمن بأن تدرج على لائحة العقوبات السفن «ميونغ ريو 1»، و«سونغ وون»، و«جين يانغ»، و«شانغ يوان باو» بسبب قيامها بعمليات نقل غير مشروعة لمنتجات نفطية. وأوصى أيضاً بأن يوضع على لائحة العقوبات هان هون إيل (إدوارد هان)، ويونغ كوك ييب، ويزيد مرزوق من «إم كي بي ماليزيا» و«إم كي بي زامبيا». كما يدعو الفريق الدول الأعضاء المعنية إلى تجميد كل ممتلكات وأصول «إم كي بي»، بالإضافة إلى شركة «بان سيستمز» مصحوبة بأسماء كل شركاتها الواجهة بما فيها «غلوكوم» و«إنترناشونال غولدن سيرفيسيز» و«إنترناشونال غلوبال سيستيمز» كأسماء مستعارة، لانخراطها في تمويل وبيع الأسلحة والعتاد ذات الصلة.
وكرر الفريق توصيته بأن يوضع على لائحة العقوبات الأفراد: ري آيك (لي آيك)، وانغ تشي غيو، ري هو نام، وكذلك بأن يوضع على لائحة العقوبات هان هون إيل (إدوارد هان) ويونغ كوك ييب (إم كي بي ماليزيا) ويزيد مرزوق (إم كي بي زامبيا)، بالإضافة إلى أن سيستمز مصحوبة بأسماء كل شركاتها الواجهة بما في ذلك «غلوكوم» و«إنترناشونال غولدن سيرفيسز» و«إنترناشونال غلوبال سيستم».
وأكد الفريق أنه ينبغي للدول الأعضاء النظر في شرط تنظيمي لشركات المتاجرة بالمنتجات النفطية وتكريرها وإنتاجها، كي تضم إجراءات تحقق من الاستخدام النهائي لها وبند «وقف تشغيل نظام التحديد الأوتوماتيكي» ﻓﻲ عقودها. وطالب الخبراء الدول الأعضاء في الأمم المتحدة بأن تصدر توجيهات، حيث يحدد مصرف واحد ليكون المصرف الوحيد الذي يمكن أن يمسك حسابات سفارة كوريا الشمالية ودبلوماسييها مع تقديم النصح لكل المصارف الأخرى بعدم فتح حسابات لأي دبلوماسيين كوريين شماليين أو لأفراد أسرهم.
وأوصى الدول الأعضاء بأن تنصح مؤسساتها المالية بعدم فتح حسابات لدبلوماسيي كوريا الشمالية غير المعتمدين لديها، وبتقاسم اﻟﻤﻌﻠﻮﻣﺎت حول النشاطات اﻟﻤﺎﻟﻴﺔ للدبلوماسيين الكوريين الشماليين مع دول أعضاء أخرى حيث تظهر السجلات أن هناك نشاطاً مالياً لتجنب التحايل عابر الحدود على العقوبات.