((الواقع الجديد)) السبت 21 يوليو 2018م / وكالات
تصاعدت حدة أزمات قطاع الصرافة في اليمن، وسط ظروف اقتصادية آخذة بالسوء، تعيشها البلاد جراء الحرب الدائرة منذ أكثر من 3 سنوات.
والأوضاع الصعبة في القطاع، دفعت غالبية الصرافين في العاصمة صنعاء إلى التهديد بإغلاق أعمالهم، ووقف التحويلات المالية، احتجاجًا على ممارسات وابتزاز مسؤولين حوثيين أضرت بالقطاع المصرفي.
وبحسب المراقبين، بدأت الانتهاكات ضد الصرافين مع حملة، شنّها ما يسمى “جهاز الأمن القومي” التابع للحوثيين على شركات الصرافة، لمصادرة الأموال من الفئات النقدية الجديدة التي طبعها البنك المركزي في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة (جنوب البلاد).
واتجهت الحكومة اليمنية إلى طباعة كميات كبيرة من النقود دون غطاء نقدي، لمواجهة أزمة السيولة، ما فاقم أزمات الاقتصاد، وهدّد بمزيد من الانخفاض في سعر الريال أمام الدولار.
واستطاعت الحكومة اليمنية في 2017، طبع 600 مليار ريال يمني عبر شركة “غوزناك” الروسية، مؤكدة أن إجراءات كهذه ضرورة للحد من التأثيرات السلبية لنقص السيولة.
لكن الحوثيين يرون أن الطبعة الجديدة من فئتي ألف ريال و500، طُبعت دون تأمين من النقد الأجنبي، مما تسبب في انهيار الريال، ووصل سعر الدولار الواحد إلى أكثر من 500 ريال، بعد أن كان يساوي 280 ريالًا، قبل نقل البنك المركزي إلى مدينة عدن.
ونُقل البنك المركزي من صنعاء إلى عدن في سبتمبر/ أيلول 2016، بقرار من الرئيس اليمني، بعد أن نهب الحوثيون الاحتياطي النقدي المقدر بـ 4 مليارات دولار، إبان سيطرتهم على صنعاء أواخر 2014.
انعدام النقد
قال مصدر في إحدى شركات الصرافة إن عناصر من “الأمن القومي” نفذوا حملات ضد شركات الصرافة، وصادروا الفئات النقدية الجديدة.
وأضاف المصدر، الذي فضل عدم الكشف عن هويته لاعتبارات أمنية: “يفحصون المبالغ المالية، وإذا عثروا على واحدة منها يصادرونها فورًا”.
ويشير المصدر إلى امتناع شركات الصرافة عن تداول الفئات النقدية الجديدة، تنفيذًا لتوجيهات سابقة للحوثيين، لكن انعدام النقد من الفئات القديمة، دفعهم إلى التعامل بالجديدة، خاصة أن الحوثيين يسمحون بتداولها في السوق بشكل طبيعي.
وتابع المصدر: “سمحوا بتلك العملات حتى امتلأت السوق بها، وفجأة مُنعت، لماذا، وكيف، لا أحد يعرف؟، حتى أن مبرّرهم ليس منطقيًا، فقط يزيد من متاعب اليمنيين الذين يعانون الحرب، والفقر، والغلاء، والأزمات الإنسانية”.
مصادرة الأموال
من جانبه، يقول الصراف (س.ع)، إن الحوثيين صادروا أموال شركات الصرافة، وقالوا إنهم سيتحرزون عليها لأجل منع التداول بها، حتى يتم معالجة المشكلة، وتبديل الفئات النقدية الجديدة بالقديمة منها.
ويضيف: “بعد أيام، ذهبنا إلى مقر الأمن القومي في صنعاء، وطالبنا بإعادة أموالنا التي صادروها، لكنهم رفضوا بحجة أن المشكلة ما تزال قائمة، وأننا نهدّد الأمن القومي للبلاد، جراء تعاملنا بتلك الفئات النقدية”.
ويوضح الصراف أن العشرات من شركات الصرافة، تهدد بإغلاق أبوابها، احتجاجًا على تعسفات الحوثيين، ضد القطاع المصرفي.
وتابع: “رغم أن الحوثيين يقولون إن تلك الإجراءات المتخذة ضد الفئات النقدية الجديدة، تحد من عملية انهيار الريال اليمني أمام النقد الأجنبي، إلا أن العملة المحلية ما تزال تتهاوى إلى مستويات كبيرة”.
إتلاف للنقود
وذكر أحد الصرافين أن “حملة الحوثيين ما تزال مستمرة ضد شركاتنا، ليجد أغلب الصرافين أنفسهم أمام حرب حقيقية، ونهب منظم لأموال الناس، بعد أن أهلكونا (الحوثيون) بالمجهود الحربي، والضرائب”.
ويقول الصراف الذي فضّل عدم كشف هويته:”نحن لا نستطيع أن نقف أمام هذه الحرب، فرأس المال جبان، وهناك شركات لها تاريخ في العمل المصرفي أُغلقت، وربما قد تُنهب أموالها، فالتهمة موجودة”.
وأضاف: “وصل الحال في بعض شركات الصرافة، إلى إتلاف المبالغ المالية من الفئات النقدية الجديدة بالفرامة، من أجل ألا يصادرها الحوثيون لحسابهم، ويتسبب ذلك في عملية ابتزاز لشركات الصرافة”.
ويقول الصراف:”العملية لا تعني منع تداول تلك الفئات النقدية في السوق فقط، لمنع انهيار الريال اليمني، فهم اليوم سمحوا لها بالتداول مجددًا، بل العملية تستهدف القطاع المصرفي، ونهب الأموال من شركات الصرافة”.