الأحد , 22 ديسمبر 2024
jebrilelobidi-1

السعودية ودورها في استقرار ليبيا

((الواقع الجديد)) الاحد 25 فبراير 2018 

د. جبريل العبيدي

 

الدور السعودي في استقرار ليبيا كان ولا يزال واضحاً حتى قبل تصريحات عادل الجبير وزير الخارجية السعودي، مؤخراً، وهو ترجمة للدور الإيجابي لها في ليبيا، حيث سعت القيادة السعودية إلى استقرار ليبيا وتجنيبها الحروب حتى قبل فبراير (شباط) 2011، عندما أسهم الملك الراحل عبد الله بن عبد العزيز في حلحلة أزمة لوكيربي، التي تسببت حينها في توتر «ليبي – أميركي – غربي» وحصار دام لسنوات، كاد ينتهي بضربات عسكرية لن يكون المدنيون بمنأى عنها لو حدثت.
تصريحات الجبير مع فيديريكا موغيريني منسقة السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي، عن التعاون السعودي – الغربي لتحقيق الاستقرار في ليبيا، من خلال الدعم الكامل الذي تقدمه المملكة للجهد القائم لمحاربة تنظيم «داعش ليبيا»، والعمل مع أميركا وأوروبا لمنع تمدد هذا التنظيم الإرهابي من ليبيا إلى دول الساحل، في إطار محاربة الإرهاب، من شأن ذلك أن يسهم في عودة الاستقرار، والقضاء على التنظيمات الإرهابية وتضييق الخناق عليها، حيث أكد وزير الخارجية السعودي أن بلاده لا تتسامح أبداً مع الإرهاب وتمويله ومع دعم التطرف، قائلاً: «إن قطر تحاول إخفاء وجهها المظلم، الذي يُظهر دعمها للإرهاب، وطلبنا بسيط من قطر؛ إذ عليها وقف دعم الإرهاب والتطرف وخطاب الكراهية، كما يتوجب عليها ألا توفر ملاذاً للإرهابيين»، حيث زاد معدل القلق الدولي من تنامي دور «داعش ليبيا» رغم الضربات التي تعرض لها في سرت وبنغازي ودرنة وصبراتة، إلا أن تقرير نشره «American Enterprise Institute» (AEI) جاء فيه: «إن حالة عدم الاستقرار سمحت لـ(داعش) وغيره من المجموعات المتطرفة العمل بحرية داخل ليبيا، ما يشكل قلقاً دولياً من تغول (داعش) وتدفق السلاح والمال والأفراد إليها في الصحراء الليبية».
تصريحات الجبير في بروكسل تشكل حجر زاوية مهماً لتعاون سعودي – غربي لتحقيق استقرار ليبيا من خلال الحرب على الإرهاب، وملاحقة عناصر «داعش» النازحة والهاربة من سوريا والعراق إلى الصحراء الليبية عبر قوافل تمولها كل من قطر وتركيا عبر السودان لنقل بقايا عناصر «داعش» إلى ليبيا، في محاولة لإعادة إنتاج هذا التنظيم في أفريقيا عبر الصحراء الكبرى، لتمكينه وعناصره من التمدد في أفريقيا.
المملكة العربية السعودية عملت وتعمل على استقرار ليبيا عبر حزمة من التحركات الدبلوماسية في المحافل الدولية، ومنها مجلس الأمن ومنظمة التعاون الإسلامي والجامعة العربية والاتحاد الأوروبي، منذ اندلاع الأزمة الليبية، فالمملكة العربية السعودية كانت شريكاً جاداً وفاعلاً في الحرب على الإرهاب حيثما كان ووُجد، وكون ليبيا بعد انتفاضة فبراير وسقوط النظام والدولة، وتدمير قدرات الجيش الليبي ومعسكراته وطائراته وحتى سفنه، أصبحت ضحية لتوطين الإرهاب ووجود الميليشيات بشكل علني تحت مسميات مختلفة، حتى أعلن «داعش» عن نفسه في ليبيا من صبراتة وسرت ودرنة وبنغازي، إلى أن فرّت عناصره بعد الضربات التي قام بها الجيش الوطني الليبي إلى الصحراء، ولكون الصحراء الليبية تشكل الجزء الأكبر من الصحراء الكبرى في أفريقيا، وجدت هذه العناصر مرتعاً لها وملجأً يمكنها من خلاله الانطلاق لدول الساحل والصحراء، حيث طفقت في لملمة شتاتها، وإعادة تجميع صفوفها وتجنيد المزيد ممن قذفت بهم الصحراء الكبرى في قوافل الهجرة إلى الشمال بحثاً عن سبل العيش.
السعي إلى إحداث حالة الاستقرار، خصوصاً في بلد مضطرب تنهشه الفوضى والإرهاب والتدخلات الضارة مثل ليبيا جعلت منه الظروف ضحية وفريسة للإرهاب، هو ما دفع الدبلوماسية السعودية إلى تحقيق مثل هذا التعاون السعودي – الغربي لمحاربة «داعش ليبيا»، والسعي لعودة الاستقرار لهذا البلد العربي المسلم، فالحكمة والعقلانية في الدبلوماسية السعودية، هي امتداد لتاريخ طويل من الحكمة منذ زمن المؤسس الملك عبد العزيز إلى عهد الإصلاحي الملك سلمان.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.