(( الواقع الجديد)) السبت 10 فبراير 2018 / المكلا
بقلم / د. عيدروس النقيب
خطاب رئيس الوزراء د أحمد عبيد بن دغر الذي افتتح به اجتماع مجلس الوزراء يوم الأربعا قال فيه انه لن يتوقف طويلاً عند ما حدث في عدن في الفترة ٢٨ – ٣٠ يناير، لكنه كرس كل الخطاب تقريبا لهذه القضية ولم يتحدث عن سواها إلا لماماً.
د. بن دغر طالب بتحقيق محايد تقوم به السعودية منفردةً او بالاشتراك مع الإمارات، . . . لكن الملفت للنظر ان بن دغر الذي هو أس المشكلة وأساسها والذي يدعو إلى مصالحة وطنية تستهدف حشد كل القوى لمواجهة المشروع الانقلابي، كانت لغته المطالبة بالمصالحة خاليةً من اي مؤشر للتصالح ما يعني أن الضربة الموجعة المؤسفة التي تعرضت لها حكومته بما تتضمن من فضيحة سياسية واخلاقية، ما زالت تترك آثارها المرعبة بالنسبة له، وستظل تتكرر في كل خطاب يلقيه وكل حديث يدلي به، ذلك أن نائبه كان قد أقنعه بأن وزارة الداخلية لديها من القوة ما يكفي لسحق المطالبين باستقالة حكومته.
منذ أشهر والعاصمة عدن وبقية عواصم المحافظات (ناهيك عن كل الأرياف) تشهد تدهوراً مريعاً في جميع المجالات الحيوية بدءً بالكهرباء ومياه الشرب النقية مرورًا بالخدمات الطبية وخدمات الوقود والبيئة وانتهاءً بقطع مرتبات موظفي الدولة وغير ذلك من المتطلبات البديهية للحياة، وكل تلك مهمات أساسية محورية للحكومة، وأي حكومة لا تقوم بهذه المهمات يفترض بها ان تعتذر للمتضررين (وهم هنا كل الشعب) وتستقيل قبل ان يطالبها الناس بالاستقالة فالموظف الذي لا يؤدي وظيفته يعتبر طفيل قاتل يتغذى على ما في امعاء الناس من بقايا اغذية شحيحة بعد أن وصلت سياسة التجويع إلى الطبقات الوسطى وشملتها بجانب السواد الأعظم من الطبقات الفقيرة التي تمثل الغالبية العظمى من السكان، والغريبة أن كل الوزراء ونوابهم يستلمون مرتباتهم وفوقها العلاوات وبقية تلاستحقاقات (الحقيقية والمصطنعة) وبالعملة الصعبة التي منها الريال السعودي.
وبدلاً من الاعتذار للشعب على فشلها وفسادها واستيلائها على الفتات الذي يحصل عليه السكان من الجمعيات والمراكز الخيرية والهلال والصليب الأحمر، راحت حكومة بن دغر تهدد وتتوعد كل من يفكر برفض سياساتها المعوجة وكأن لسان حالها يقول “إما إن تدعونا نسرق اللقمة من أفواهكم وإلا سنقتلكم” وقد نفذت الحكومة تهديدها عندما نشرت مئات (إن لم تكن آلاف) النقاط الأمنية المستحدثة، ليصحو الناس في عدن على حالة هي أقرب إلى أجواء الحرب، وبالفعل نفذت حكومة بن دغر ما وعدت به فشرع الجنود والضباط في الكثير من تلك النقاط بإطلاق الرصاص على القادمين من المحافظات ومن اطراف المدينة ولولا رفض بعض الجنود والضباط من قوات الحماية الرئاسية للتوجيهات لحصلت مذبحة لا يعلم نتائجها إلا الله، فلهؤلاء التحية والتقدير.
ترى والدكتور بن دغر يطالب بلجنة تحقيق محايدة هل سيتطرق، عند التحقيق معه، إلى بيان وزارة داخليته سيء الصيت وهل سيقر ان جنوده وضباطه هم من أطلق الرصاصة الأولى على المواطنين العزل من السلاح أم أنه سيخفي البيان ويدعي أن الشهداء هم من قتلوا الجنود الاحياء؟
إنها اسئلة من بين العشرات من الأسئلة التي على بن دغر والميسري أن يفكرا بها قبل وصول لجنة التحقيق التي يطالبان بها ، لأن الإجابة عليها هي من سيحدد من المذنب ومن الضحية أو بعبارة اخرى من الذئب الذي يتقمص دور الحمل الوديع ومن المجني عليه الذي قتل أعزلاً إلا من مطالبه بالحرية والكرامة والخبز والراتب والماء والكهرباء والدوء والنظافة التي نهبت حكومة بن دغر مخصصاتها لتودعها في أحد البنوك الاوروبية وربما الآسيوية على هيئة عملة صعبة بعد أن فقد الريال اليمني قيمته بفضل سياستهم (الحكيمة).