((الواقع الجديد)) الاربعاء 7 فبراير 2018 / متابعات
تواصل إيران تهديد الملاحة والأمن في خليج عدن ومضيق باب المندب وسائر السواحل اليمنية بعد مسلسل استهدافات فاشلة للسفن الحربية الأميركية والسعودية بواسطة ميليشيات الحوثي التابعة لها، حيث كشف نائب قائد الحرس الثوري الجنرال حسن سلامي، مساء الاثنين، أن بلاده تمتلك صواريخ باليستية جديدة وفريدة مخصصة لاستهداف القطع البحرية. وجاءت تصريحات سلامي بالتزامن مع تحرير قوات الجيش اليمني، والتحالف العربي بقيادة السعودية، الاثنين، مديرية حيس الاستراتيجية التي قال خبراء عسكريون، إنها تفتح الطريق لاستكمال تحرير مدينة وبقية مديريات الحديدة غرب البلاد، وتأمين الملاحة في البحر الأحمر، وقطع إمدادات إيران للميليشيات الحوثية.
وتظهر التصريحات الإيرانية مدى تأثير الهزائم المتتالية التي منيت بها ميليشيات الحوثيين الانقلابيين في اليمن على ترسيخ نفوذها ومخططها التوسعي وتحاول إشعال المنطقة ببعض الهجمات الاستفزازية في محيط باب المندب بهدف إنقاذ أتباعها من الخسائر المتلاحقة.
وفي هذا السياق، لوح سلامي في تصريحات له خلال حوار مع التلفزيون الإيراني مساء السبت، بأن إيران ستنقل المعركة خارج حدودها وفي مناطق نفوذها الإقليمي، قائلا إن طهران تمتلك القدرة على مواجهة أميركا، ولديها معرفة بحجم قوة جميع القواعد الجوية والبحرية في أطراف إيران”، موضحا أن إيران تعتبر الخيار العسكري ” ضدها حقيقة قائمة”.
هيلي تستعرض صواريخ الحوثيين الايرانية كما هدد باستهداف حاملات الطائرات الأميركية والقوات المتحالفة معها بالصواريخ في أي مواجهة محتملة، وذلك من خلال الميليشيات الموالية لها، مضيفا أن “الجيشين السوري والعراقي يشكلان العمق الاستراتيجي الدفاعي لإيران، وأفضل استراتيجية هي الاشتباك مع العدو في مناطق بعيدة عن إيران”، حسب تعبيره.
وكان المتحدث باسم التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، العقيد الركن تركي المالكي، كشف أن إيران زودت الحوثيين بأسلحة لاستهداف الملاحة الدولية في مضيق باب المندب. من جهته، هدد سلامي بإشعال حرب صاروخية في المنطقة وقال في تصريحات أوردتها وكالة الأنباء الإيرانية الرسمية “إرنا”، إن “إيران تمتلك صواريخ باليستية ذات قدرات وتقنية عالية فريدة من نوعها لا يمتلك مثلها الروس ولا الأميركيون، تفوق سرعتها سرعة الصوت بثماني مرات وتخرج من الغلاف الجوي لتعود إلى الأرض ضاربة أهدافها مئة في المئة”، على حد زعمه. محاولة السيطرة على باب المندب
وكان جيمس ليونز، فريق أول متقاعد من البحرية الأميركية، والذي شغل منصب القائد العام للقوات المسلحة في منطقة المحيط الهادئ وكبار ممثلي الجيش الأميركي لدى الأمم المتحدة، قال في مقال له بصحيفة “واشنطن تايمز” إن “إيران تحاول أن تفرض سيطرتها على مضيق باب_المندب الذي يصل البحر الأحمر بخليج عدن وبحر العرب، فذلك من شأنه أن يمكنها من السيطرة على قناة_السويس، وبما أن 10% من الشحن البحري العالمي تمر عبر هذا المضيق بصفة يومية، فإن سيطرة إيران عليه بالإضافة إلى سيطرتها على مضيق هرمز، سيمنحها فرصة التحكم في جميع شحنات النفط العربية”. وقال ليونر إن الحرس الثوري وحزب الله، ساعدا الحوثيين على إرساء موقعي رادار خارج اثنين من الموانئ اليمنية الرئيسية في البحر الأحمر، وذلك في المخا والحديدة، لاستعمال الصواريخ التي هي نسخ متطورة من الصاروخ الصيني طراز “سي ـ 802″ المضادة للسفن”.
تزويد الحوثيين
وكانت إيران قد زودت الحوثيين بعدد من الصواريخ القصيرة والبعيدة المدى لضرب أهداف في السعودية، وقد تصدت لها الدفاعات الجوية بالمملكة، واعترفت وسائل إعلام إيرانية رسمية بتزويد الميليشيات والانقلابيين في اليمن بهذه الصواريخ. ولم يقتصر الدعم الإيراني للحوثيين على إمدادهم بالصواريخ فحسب، بل إن التحالف العربي والقوات الدولية ضبطت شحنات أسلحة ثقيلة وخفيفة ومتفجرات وقذائف وأنواع أخرى من الأسلحة خلال أكثر من عامين من انطلاق عاصفة_الحزم. وكانت إيران تستخدم طيرانها المدني لتزويد الحوثيين بالصواريخ والأسلحة حتى ما قبل بداية “عاصفة الحزم” عام 2015، حيث إنه بعد انقلاب الحوثيين وسيطرتهم على العاصمة اليمنية صنعاء، أبرموا اتفاقا مع خطوط “ماهان إير” أقام الحرس الثوري الإيراني بموجبه جسرا جويا بين طهران وصنعاء.
واستمرت إيران بتزويد الانقلابيين بما كانوا بحاجة إليه من أسلحة تحت ذريعة إيصال المساعدات الإنسانية إلى اليمن، حتى قصفت مقاتلات التحالف مدرج مطار صنعاء لمنع هبوط طائرة من “ماهان”، بعيد انطلاق “عاصفة الحزم” لدعم الشرعية في اليمن، حيث منع طيران الائتلاف العربي بقيادة المملكة السعودية مرور أية طائرة إيرانية أهداف استهداف السعودية. ولم يتوانَ المتشددون الإيرانيون عن إعلان استمرار الدعم للميليشيات الحوثية والانقلابيين، بل التوغل في داخل أراضي السعودية، حيث أعلن عنه رجل الدين الإيراني المتشدد مهدي طائب، رئيس مقر “عمّاريون” الاستراتيجي للحروب الناعمة بالحرس الثوري، أن دعم إيران لميليشيات الحوثيين يأتي “بهدف احتلال جدة والرياض”، على حد تعبيره. وكشف طائب بوضوح في كلمته التي بثها موقع “75” المقرب من المتشددين في إيران والذي نشرته عنه “العربية.نت” في أبريل/نيسان الماضي، أن “تزويد إيران للحوثيين بالصورايخ تم على مراحل بواسطة الحرس الثوري ودعم وإسناد البحرية التابعة للجيش الايراني”.
واتهم طائب الرئيس الإيراني حسن روحاني بعرقلة ووقف استمرار إرسال شحنات الأسلحة للحوثيين مؤقتا، وقال: تم إبلاغنا بصورة مفاجئة بوقف إرسال الشحنات لأن الأميركيين سيعلقون المفاوضات المتعلقة بالملف النووي، في حال واصلنا تزويد الحوثيين بالسلاح”.
وقال طائب الذي كان يتحدث لأعضاء مقر “عماريون” وعدد من ضباط ومنتسبي الحرس_الثوري أن المفاوضات النووية بين طهران والدول الست الكبرى، أحال ثلاث مرات دون وصول صواريخ أرض- أرض الإيرانية للحوثيين، حسب تعبيره. وقال طائب إن “اتفاق روحاني (النووي) عرقل طريق المساعدات العسكرية للحوثيين في اليمن”، مضيفا أن المرشد علي خامنئي هو من أمر بإرسال القوات البحرية التابعة للجيش الإيراني إلى باب المندب لدعم إمدادات السلاح، دون أن يعرف ذلك احدا”، حسب تعبيره.
تزويد المتمردين بالصواريخ الباليسيتية
المندوبة الأميركية في الأمم المتحدة نيكي هيلي، عرضت في ديسمبر الماضي، جزءا من الصواريخ_الإيرانية التي استهدف بها الحوثيون العاصمة السعودية الرياض، ما اعتبرته انتهاكا للقرار 2216 الأممي. ولم تعد إيران تخفي رسميا دعمها للحوثيين حيث أكد الرئيس الإيراني حسن روحاني، في كلمة له في 10 ديسمبر الجاري، على استمرار التدخل العسكري الإيراني عن طريق دعم ميليشياته في اليمن، على غرار التدخل الذي يقوم به الحرس الثوري، بدعم ما أطلق عليهم “مقاتلو محور المقاومة” في العراق وسوريا ولبنان”، حسب تعبيره. توجيه الحوثيين بضرب ناقلات النفط من جهته، كشف حسين شريعتمداري، رئيس تحرير صحيفة “كيهان” المحسوبة على المرشد الإيراني علي خامنئي عن توجيهات إيرانية لميليشيات الحوثيين قائلا في كلمة له إن “جماعة “أنصار الله” في المستقبل القريب ستقوم باستهداف ناقلات النفط السعودية في خليج عدن “.
التوسع في باب المندب وكان السفير الإيراني السابق لدى الأمم المتحدة، صادق خرازي، في مقابلة أجراها معه التلفزيون الرسمي كشف مخطط إيران للتوسع في باب المندب قائلا: “لقد استطعنا أن نوسع قوتنا الأمنية في البحر الأبيض المتوسط. وكذلك في باب المندب، ولو لم نفعل هذا لواجهنا مشاكل وأزمات خطيرة لأمننا داخل البلاد”. كما اعترف بأن تصدير الإرهاب والتطرف هو جزء من الدستور الإيراني بقوله: “وفقا للدستور يقوم فيلق القدس بالحرس الثوري بإغاثة كل مسلم أينما ناداه ويقف بجانبه ويدافع عنه”.
صواريخ تهدد أوروبا
يذكر أن إيران تمتلك ترسانة صاروخية متنوعة، يصل مداها إلى ما يزيد عن 3000 كيلومتر، حسب ما كشف قائد الحرس الثوري في تصريحات سابقة، وبهذا تقع القارة الأوروبية وأجزاء من آسيا في مرمى الصواريخ الإيرانية. وفي سبتمبر الماضي، استعرضت إيران صواريخ “إس 300” الروسية، لأول مرة وذلك خلال عرض عسكري وسط العاصمة طهران، بمناسبة ذكرى الحرب مع العراق في الثمانينات، وذلك وسط تصاعد الضغوط الدولية حول برنامج طهران الباليستي.
وفي تحدٍ واضح للمجتمع الدولي، أقامت القوات المساحة الإيرانية معرضاً للمعدات العسكرية في ساحة بهارستان وسط العاصمة الإيرانية طهران، حيث تم استعراض منظومة إس 300 الصاروخية، بالإضافة إلى معدات مختلفة في المجالات الدفاعية والصاروخية والبحرية. وكانت إيران قد أطلقت صاروخ “خرمشهر” الباليستي الذي يبلغ مداه 2000 كيلومتر والقادر على حمل رؤوس نووية، كما تستمر بتجارب مماثلة وذلك في تحد لقرارات مجلس الأمن الدولي ولمضمون الاتفاق النووي، وفق ما أعلنت الولايات المتحدة وفرنسا والمملكة المتحدة وألمانيا.
موقف أميركا وأوروبا لقد وحّد التهديد الصاروخي الإيراني مواقف الولايات المتحدة والدول الأوروبية ما أدت إلى تكثيف الضغوط على طهران لثنيها عن مواصلة في هذا الخصوص حيث كشف نائب إيراني عن إرسال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون، رسالة إلى طهران تضمنت ثلاثة مطالب قبيل زيارته المرتقبة إلى إيران، وهي قبول المرشد الأعلى للنظام الإيراني للمفاوضات وقبول إيران التفاوض حول ملف الصواريخ وكذلك تدخلات إيران وحروبها في المنطقة ودعمها للجماعات المتطرفة. وقال عضو لجنة الأمن القومي والسياسية الخارجية للبرلمان الإيراني جواد كريمي قدوسي، إن ماكرون اشترط عقد مؤتمر صحافي مع نظيرة الإيراني الرئيس حسن روحاني، بحيث يعلن خلالها روحاني موافقة طهران على المفاوضات حول برنامج الصواريخ. وأكد قدوسي خلال مقابلة مع لوكالة “نادي المراسلين الشباب” التابعة لهيئة الإذاعة والتلفزيون الإيرانية، أن المطلب الثالث هو قبول إيران لدعوة لعقد اجتماع ثلاثي مع الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية للتفاوض حول إنهاء دور إيران الإقليمي و دعمها للجماعات الإرهابية كجماعة حزب الله اللبناني وميليشيات الحوثي في اليمن وتدخلها في سوريا والعراق واليمن ولبنان.
وتأتي هذه التطورات بعدما أمهل الرئيسي الأميركي دونالد ترمب الشهر الماضي، الأوروبيين 120 يوما للتفاوض مع إيران من أجل مراجعة وإصلاح الاتفاق النووي بإضافة ملحقات حول عدة قضايا منها برنامج الصواريخ وضمان عدم حصول إيران على سلاح نووي، ووضع حد لتدخل الحرس الثوري في دول المنطقة وإنهاء دعم إيران للإرهاب.
وكانت مصادر أوروبية قد أكدت أن إيران وافقت على مفاوضات مع الاتحاد الأوروبي حول برنامجها للصواريخ الباليستية المثير للجدل وسياساتها التخريبية في إطار سعيها للتوسع الإقليمي في الشرق الأوسط، وذلك نتيجة ضغوط الرئيس الأميركي ومطالبته بإصلاح الاتفاق النووي.