((الواقع الجديد)) الثلاثاء 16 يناير 2018
خالد القشطيني
«مارك توين» هو الاسم المستعار الذي اتخذه صمويل كلمس في نشر كتاباته. ويعتبر من أعظم المؤلفين الروائيين الذين أخرجتهم الولايات المتحدة، إن لم يكن أعظمهم جميعاً. وكانت حياته سلسلة من المغامرات والرحلات التي بدأت بجولته في شواطئ البحر المتوسط. انتهت هذه الرحلة بكتاب سخر فيه من حضارة العالم القديم. وفي روايته «العصر المذهب» صب سخريته على عموم الأوضاع السائدة في عصره. وكانت هذه المؤلفات مقدمة لروايته الخالدة التي نشرها في الربع الأخير من القرن التاسع عشر، ومنها «الأمير والشحاذ»، التي صور فيها الملك إدوارد السادس في تركيبة كوميدية يتبادل فيها الأمير الصبي حياته مع حياة صبي شحاذ. وفي روايته الخالدة «مغامرات توم سوير» يصور بنحو هزلي ساخر، طفولته على ضفاف نهر المسيسيبي في جنوب الولايات المتحدة. وقد بلغ مارك توين أوج تألقه الفني في مغامرات أخرى هي «مغامرات هكلبري فن». ترجمت ونشرت هذه الروايات في معظم اللغات كما مثل الكثير منها على المسرح والسينما والتلفزيون مرات كثيرة. قلما يمر عام دون أن نسمع عن عرض أحد مؤلفاته.
بيد أن وراء هذا الظرف والضحك، تشرنقت شخصية مارك توين في حياة مأساوية سادتها نوبات مستمرة من الاكتئاب والتشاؤم، ولا سيما بعد وفاة زوجته واثنتين من بناته الثلاث. تقلص إنتاجه في أواخر حياته حتى مماته عام 1910.
وكما نلاحظ مما سلف، أن معظم إنتاج هذا الكاتب الفذ قد دار حول حياته وتجاربه الخاصة، لا سيما في عهد صباه. ولا شك أن حياته كانت صراعاً مستمراً في ميادين شتى. وعندما سأله أحد الناس: ماذا تفعل في هذه الأيام؟ أجابه «أكتب قصصاً». وعاد الرجل وسأله: وهل بعت شيئاً؟ فأجاب: «نعم. بعت ساعتي وملابسي وكتبي»!
وكان مدمناً للتدخين ونصحوه بأن يترك ذلك. سأله سائل عن إمكانية ترك التدخين فأجابه: «نعم. إنه من أسهل الأمور. أنا شخصياً أقلعت عن التدخين آلاف المرات»!
وبعد نجاحه في الصحافة، صادفته إحدى السيدات وسألته عن مهنة الكتابة وكيف يمكنها أن تكتب، فقال لها على الفور: «من اليسار إلى اليمين يا سيدتي»!
ودعي في إحدى الحفلات لإلقاء كلمة ما بعد العشاء. وكان متعباً فوقف وقال: «سيداتي، سادتي. لقد مات شكسبير ومات سويفت ومات موليير، وأشعر بأنني لست على ما يرام»!
وكان لمارك توين لفتات ظريفة كما حدث عندما سألوه عن رأيه في الفيلسوف الألماني نيتشه Nietzsche فقال إن في اسمه حروفاً كثيرة لا فائدة منها!