((الواقع الجديد)) الخميس 11 يناير 2018
نبيل عمرو
كثر تداول مصطلح المجلس المركزي، أثناء الأزمة القوية التي نشأت بين الفلسطينيين والأميركيين، بفعل قرار ترمب الاعتراف بالقدس عاصمة لإسرائيل.
وكلما سُئل عضو من أعضاء الطبقة السياسية الفلسطينية عن الخيارات التي سيلجأ لها الفلسطينيون، يقال إننا ذاهبون إلى المجلس المركزي، وهناك سوف تتقرر السياسة الجديدة.
المجلس المركزي وفق نصوص القوانين الأساسية الفلسطينية، هو مؤسسة ذات صلاحيات تقل قليلا عن صلاحيات المجلس الوطني، ويسجّل للمجلس المركزي أنه المؤسسة الفلسطينية التي اعتمدت اتفاقات أوسلو ومنحتها الشرعية، وهي كذلك من أسس السلطة الوطنية ومنح ياسر عرفات تفويضاً بتشكيل حكومتها الأولى.
ونظراً لصعوبة عقد المجلس الوطني الذي يضم مئات الأعضاء من مختلف أنحاء العالم، فقد تكرس المجلس المركزي كبديل فعال خصوصاً قبل قيام السلطة الوطنية وانتخاب المجلس التشريعي الأول والثاني، بحيث تراجعت مكانة المجلس المركزي، بل وضرورته، فصارت اجتماعاته متباعدة وتأثيره في الحياة السياسية الفلسطينية قياساً بتأثير السلطة الوطنية ضعيفاً ويكاد لا يرى.
على أرض الوطن، وبناء على إلحاح الفصائل وتراكم الأزمات السياسية، عقد المجلس عدة اجتماعات، واحد منها حضره الشيخ المرحوم أحمد ياسين وكان في غزة، كما عقد المجلس عدداً من الاجتماعات في رام الله، ونظراً لرجحان كفة السلطة وإمكاناتها على كفة المنظمة قليلة الإمكانات، صار المجلس المركزي أشبه بمؤسسة رمزية، حتى إنه اتخذ قرارين مفصليين لم يطبقا، الأول حين قرر إجراء الانتخابات الرئاسية والتشريعية لحسم قضية الانقسام، والثاني حين قرر وقف التنسيق الأمني بصورة كاملة ونهائية مع الجانب الإسرائيلي.
قراران مفصليان اتخذهما المجلس بحكم الصلاحيات المتفوقة لمنظمة التحرير ولو نظرياً على كل المؤسسات الفلسطينية، ولم يطبقا، وذهب بعض القادة في تفسير ذلك على أن قرارات المجلس هي بمثابة توصيات غير ملزمة للقيادة التنفيذية.
ضعف المجلس المركزي كثيراً، حتى إن البعض اعتبر أن لا لزوم له، ومع أن قراراته تحتم عقد اجتماع له كل ثلاثة أشهر لمراجعة الأوضاع السياسية والداخلية الفلسطينية، إلا أن هذا القرار لم يطبق أيضا، فمضى على آخر اجتماع ثلاث سنوات بالتمام والكمال، ما أظهر أن هذه المؤسسة الكبرى تحولت من مؤسسة قيادية فعالة إلى مؤسسة رمزية تستدعى في أوقات متباعدة.
يوم الرابع عشر من الشهر الحالي سيعقد المجلس المركزي دورة اجتماعات ربما تستغرق يومين، العنوان الرئيسي لهذه الدورة هو الرد على القرار الكارثي الذي اتخذه الرئيس ترمب بشأن القدس، وكعادة الطبقة السياسية الفلسطينية فقد أثقل هذا المجلس بالطلبات قبل أن ينعقد.
هنالك من قال إنه سيصفي العلاقات القائمة بين السلطة الوطنية وإسرائيل، وهنالك من ذهب إلى ما هو أبعد من ذلك، وتحدث عن حل السلطة وتحويلها إلى دولة تحت الاحتلال، وهنالك من طالب بسحب الاعتراف بإسرائيل، بما يؤدي تلقائياً إلى نهاية السلطة الوطنية التي هي نتاج للاعتراف المتبادل بين إسرائيل ومنظمة التحرير الفلسطينية، أمّا ما قيل عن أميركا فأقله إلغاء دورها في الوساطة مع إسرائيل، واعتبارها طرفاً شريكاً للاحتلال بالجملة والتفصيل.
كل هذا جرى الحديث عنه قبل الاجتماع، وحين يعقد المجلس سيستمع إلى كل أصحاب الطروحات وسيصدر بياناً موسعاً يرضي فيه الجميع.
الطبقة السياسية الفلسطينية تواجه مأزقاً مركباً، فقد ذهبت في المواقف إلى الحد الأقصى، أما تطبيق المواقف فعلياً فهذا سيكون تحدياً بالغ القسوة والتعقيد أمام طبقة سياسية كان رهانها الأساسي في التسوية مع أميركا، وبحكم الطعنة الأميركية وجدت نفسها مطالبة بالانقلاب على الراعي المحتكر لعملية السلام، ولا تعرف كم من الوقت سيحتاج أمر إيجاد مرجعية مختلفة، هذا إذا وجدت.