((الواقع الجديد)) الثلاثاء 9 يناير 2018
ستيفن كارتر
لا يزال النزاع الذي يزداد غرابة بين الرئيس دونالد ترمب وستيف بانون، مساعده السابق في حملته الانتخابية، وأحد موظفي البيت الأبيض، يربك العقول ويحيرها. مع ذلك بالنسبة لي بصفتي أستاذ عقود، أرى أن جزءاً من هذا الاشتباك غير المتوقع المؤسف يطرح سؤالاً بسيطاً وواضحاً، وأشير هنا إلى الخطاب المرسل من تشارلز هاردر، محامي ترمب، الذي يؤكد فيه أن بانون قد خالف بند عدم الذم في العقد الذي وقعه عندما انضم إلى الحملة الانتخابية. إذا كانت الحقيقة كما يزعمون فأعتقد أن هذا البند قابل للتنفيذ.
في بداية الأسبوع الحالي، كتب نوح فيلدمان، زميلي في «بلومبيرغ فيو»، أنه من المرجح أن تصدر محكمة ما قراراً بإبطال ذلك البند طبقاً لاعتبارات التعديل الأول للدستور، لأن تنفيذ البند في هذا الوضع سوف يمنع ويقيد جدلاً قوياً يتعلق بالسياسة العامة. هناك ما يؤيد هذا الطرح، لكن تشير السوابق القضائية إلى الاتجاه الآخر. كما يعلم القارئ العادي، أنا من أشد المؤمنين بالحماية التي يوفرها ويضمنها التعديل الأول للدستور، لكن في هذه الحالة لا أعتقد أن الدستور يمثل عائقاً أو حاجزاً.
فلنبدأ بالطرح الأساسي. أصبحت بنود عدم الذم بشكل متزايد جزءاً من عقود التوظيف، وعادة ما تقوم المحاكم بتنفيذها بشكل روتيني. من السهل إدراك السبب وراء ذلك، فإذا كان صاحب عمل وموظف يتفاوضان بإرادتهما الحرة وومن دون ضغوط، سوف يؤدي إصرار صاحب العمل على هذا البند، إلى منح الموظف أو العامل تعويضاً كبيراً. يمكن القول بعبارة أخرى إن أصحاب العمل سوف يدفعون للموظفين أو العاملين مكافأة للتنازل عن الحق في الذم. ما دام الموظف أو العامل يدرك ما يفعله وهو يوقع على العقد، لماذا يجب على المحاكم التدخل في الأمر؟ بوجه عام لا تتدخل المحاكم.
يمكن أن ننحي بنود عدم الذم جانباً، ونتركها مخفية داخل الشروط الموحدة في عقود المستهلك، التي تحاول الشركات أحياناً استخدامها لمنع الذين يشترون منتجاتهم من نشر آراء سلبية عنها. لقد أبطلت أكثر المحاكم تنفيذ تلك البنود في إطار مفهوم، لكن عندما تتضمن عقود التوظيف أو عقود الانفصال تلك البنود، يتم تنفيذها بشكل روتيني إلى حد كبير. ليس السبب في ذلك هو عدم إدراك القضاة احتمال إساءة استغلال تلك البنود، بل السبب هو ضرورة التزام الموظف بالعقد الذي أبرمه باختياره الحر.
على سبيل المثال، في قضية «كوبر تاير أند رابر كومباني» ضد فاريسي، اعترضت محكمة الاستئناف الأميركية للدائرة الخامسة على حجة إمكانية استغلال بند عدم الذم، لمنع موظف أو عامل سابق من كشف وقائع خالف فيها صاحب العمل القانون. لم يتأثر القضاة بذلك، فقد رفضوا في عام 2005 إلغاء البند استناداً إلى «إمكانية استغلال صاحب العمل بند الذم لإخفاء نشاط غير قانوني». أكدت المحكمة أنه من الممكن وضع البند جانباً في حال سعي الموظف أو العامل إلى فضح جرائم فعلية، لكن يشير الرأي القانوني ضمناً إلى أن المسار المناسب لهذه الادعاءات والمزاعم هو السلطات المختصة المعنية.
عادة ما يثير الأطراف، الذين تتم مقاضاتهم لمخالفتهم بنود عدم الذم، مزاعم تتعلق بقمع حرية الرأي، وبوجه عام لا يقتنع القضاة بتلك المزاعم. على سبيل المثال كان هذا هو رد محكمة استئناف كاليفورنيا في قضية ساهلولبي ضد مونتغمري عام 2010:
ببساطة إذا وافق مونتغمري على عدم ذم ساهلولبي، فأي شخص عاقل قد يستنتج أن مونتغمري قد تنازل عن حقه في التحدث بحرية عن ساهلولبي، لذا حتى إذا كانت تصريحات مونتغمري تتمتع بالحماية، قد يتضح أنه مخالف لاتفاق التسوية. حتى عندما يدلي الطرف المخالف بتصريح مهين ويتضمن ذماً مستهدفاً نشره وإعلانه، ترفض المحاكم المزاعم بأن حق الأمة في المعرفة ينبغي أن يسود. في قضية فيشر ضد «بيوزون فارماسوتيكالز إنكوربوريشن»، نفذ قاضٍ في مقاطعة فيدرالية بند عدم الذّم عام 2013 عندما أرسل أحد الطرفين رسالة بالبريد الإلكتروني إلى صحافي تتضمن مزاعم مهينة عن الطرف الآخر.
كذلك لم تتأثر المحاكم بالمزاعم التي تستند إلى حق الأمة في المعرفة.
خلال الخريف الماضي رفضت محكمة فيدرالية في ولاية ماريلاند الطعن باستخدام التعديل الأول للدستور على بند عدم، الذّم الذي تم إدراجه عند تسوية قضية تتعلق بقسوة الشرطة. وكتب القاضي في قضية أوفربي ضد مدينة بالتيمور: «الاتفاق نفسه كان مكوناً من 8 صفحات، وبند عدم الذم لم يكن مخفياً أو مكتوباً بخط دقيق». المدعية «كانت تستطيع استغلال موقعها للمطالبة بإلغاء بند عدم الذم» لو كانت قد اختارت ذلك. وأضافت المحكمة أن المدعية لم تفعل ذلك، ما يجعل البند قابلاً للنفاذ والتطبيق. إذا كانت إحدى ضحايا أعمال عنيفة من جانب الشرطة قد عجزت عن الهروب من الوعود التي قطعتها دون ضغوط، من الصعب إدراك لماذا يستطيع مستشار رئاسي فعل ذلك.
أرجو ألا تسيئوا فهمي، لا يعني كون هذا التهديد القانوني، الذي يشهره ترمب في وجه بانون، يحظى بقدر من الوجاهة أنه كان ينبغي اللجوء إليه. كان يجب أن تحول كرامة الرئيس وكبرياؤه دون ملاحقة موظف سابق بسبب تعاونه في تأليف كتاب يتضمن آراء سلبية، رغم أنه بالنظر إلى حساسية الشخص الذي يشغل حالياً موقع الرئاسة أعتقد أنه ينبغي علينا توقع ما على شاكلة ذلك.
ينبغي أن أضيف أن تهديد الرئيس لناشر الكتاب باللجوء إلى القانون أمر لا أساس له من الصحة، فهو لا يعد طرفاً في عقد التوظيف في الحملة الانتخابية الخاص ببانون. بطبيعة الحال لا ينبغي أن تؤثر حقيقة بُغض كثير من الأميركيين لبانون على حقه في التحدث بحرية، بل على العكس من ذلك الأكثر عرضة لمشاعر البغض والكراهية بحاجة إلى حماية دستورية. مع ذلك إذا كان بانون قد خالف العقد الموقع، الذي يقضي بعدم ذم ترمب أو حملته الانتخابية، بحسب ما زعمه خطاب هاردر، وإذا كان بانون قد أبرم العقد بكامل إرادته ووعيه، كما أشرت، فليس لدينا اختبار للتعديل الأول، بل مخالفة صريحة للعقد. كنت أتمنى لو لم تحدث هذه المواجهة، مع ذلك بالنظر إلى السوابق القضائية، ستكون النتيجة واضحة.