((الواقع الجديد)) السبت 6 يناير 2018 / متابعات
تضمّنت عملية إطلاق صاروخ باليستي من قبل ميليشيا الحوثي، الجمعة، باتّجاه الأراضي السعودية تصدّت له بنجاح قوات الدفاع الجوي السعودي، رسالة إيرانية واضحة بشأن
إصرار طهران على دفع أتباعها الحوثيين إلى مواصلة الحرب في اليمن بأيّ ثمن وبغض النظر عن الخسائر التي لحقت بهم خلال الفترة الماضية والانهيارات المتلاحقة التي أصابت مختلف جبهاتهم.
وبات في حكم المؤكّد لدى مختلف الأطراف الإقليمية والدولية، أنّ إيران هي مصدر الصواريخ الباليستية التي يطلقها الحوثيون عشوائيا على الأراضي السعودية، رغم ادعاءات تصنيعها محلّيا وهو ما يبدو مجافيا للمنطق، كما أنّ قرار اختيار توقيتات إطلاق تلك الصواريخ صادر عن طهران ومعدّل على حساباتها الداخلية والخارجية.
وتزامن إطلاق الصاروخ الجديد على منطقة نجران بالسعودية، مع الأوضاع المعقّدة في الداخل الإيراني بفعل موجة الاحتجاجات الشعبية ضدّ النظام الحاكم في إيران.
كما تزامن أيضا مع تلويح الحكومة الشرعية اليمنية وأطراف إقليمية داعمة لها بإمكانية استيعاب الحوثيين في عملية سلام مبنية على المعطيات السياسية والميدانية المستجدّة وأبرزها تفكّك تحالف الحوثي-صالح، والتقدّم العسكري الكبير لقوات الشرعية المدعومة من التحالف العربي على حساب المتمرّدين في العديد من مناطق اليمن.
وتُجمع مختلف التحليلات السياسية، على أنّ إيران طرف أساسي في تأجيج الحرب في اليمن باستخدام وكلائها الحوثيين، وذلك بهدف فتح بؤرة توتّر داخل الجزيرة العربية وعلى حدود غريمتها الكبرى في المنطقة المملكة العربية السعودية.
وتحرص طهران من خلال دفع ميليشيا الحوثي إلى الإقدام على خطوات تصعيدية من قبيل استهداف الأراضي السعودية بالصواريخ، أو التعرّض لحركة الملاحة البحرية في المياه اليمنية، على الإبقاء على تلك البؤرة مفتوحة إلى أطول مدى ممكن بغض النظر عمّا يعانيه اليمنيون جرّاء الحرب في بلادهم من أوضاع بالغة السوء.
تركي المالكي: إطلاق الصاروخ على نجران يثبت استمرار إيران في دعم ميليشيا الحوثي
ويُنظر لجماعة الحوثي المتمرّدة في اليمن باعتبارها جزءا من “شبكة وكلاء” لإيران في المنطقة العربية تمتدّ من اليمن إلى العراق مرورا بسوريا ولبنان، حيث يبدو الترابط والتنسيق واضحين بين ميليشيات شيعية مسلّحة ناشطة في تلك البلدان.
وتجلّى ذلك التنسيق مجدّدا في أحدث تعليق لحسن نصرالله زعيم حزب الله في لبنان على الأوضاع في اليمن بالقول إنّ الحوثيين “لن يستسلموا” وسيواصلون الحرب نافيا وجود أفق لحلّ سياسي للملف اليمني.
وجاء إطلاق الصاروخ على الأراضي السعودية من داخل الأراضي اليمنية بمثابة تجسيد عملي لما قاله نصرالله.
وأعلن التحالف العربي لدعم الشرعية في اليمن، الجمعة، اعتراض صاروخ باليستي أطلقه الحوثيون باتجاه نجران جنوبي المملكة، مؤكّدا تدميره في الجوّ من دون تسجيل خسائر تذكر. وبيّن أن “اعتراض الصاروخ أدى لتناثر الشظايا التي أحدثت أضرارا بسيطة في الممتلكات الخاصة لأحد المواطنين دون خسائر بالأرواح”.
ونقلت وكالة الأنباء السعودية الرسمية “واس” عن المتحدث الرسمي لقوات التحالف العقيد الركن تركي المالكي، أن قوات الدفاع الجوي للتحالف رصدت الجمعة “عملية إطلاق صاروخ باليستي من داخل الأراضي اليمنية باتجاه أراضي المملكة”.
وأفاد أن “الصاروخ كان باتجاه نجران وتمّ إطلاقه بطريقة مُتعمده ومقصودة لاستهداف المناطق المدنية والآهلة بالسكان، حيث تم اعتراضه وتدميره من قبل سرايا الباتريوت في سماء نجران”.
واعتبر المالكي أن “هذا العمل العدائي يثبت استمرار تورّط النظام الإيراني بدعم الجماعة الحوثية المسلّحة بقدرات نوعية في تحدٍّ واضح وصريح للقرار الأممي 2216 والقرار2231 بهدف تهديد أمن المملكة العربية السعودية وزعزعة الأمن الإقليمي والدولي”، وذكّر بأن “إطلاق الصواريخ الباليستية باتجاه المدن والقرى الآهلة بالسكان مخالف للقانون الدولي الإنساني”.
وبحسب الخبراء العسكريين، فإنّ جماعة الحوثي غير قادرة على التماسك ومواصلة الحرب من دون دعم إيراني، خصوصا بعد أن خسرت تحالفها مع الرئيس السابق علي عبدالله صالح الذي أقدمت على قتله.
ورغم العزلة السياسية والمجتمعية التي أصبح الحوثيون يواجهونها، إضافة إلى تراجع قدراتهم العسكرية بخسارتهم جهود القوات الموالية للرئيس السابق، فإنّهم يبدون مضطرّين إلى مواصلة الحرب في اليمن إلى آخر رمق نظرا إلى عدم امتلاكهم قرار السلم والحرب الواقع بيد إيران، والتي لا ترى في الحرب باليمن سوى وسيلة لإحداث الفوضى في المنطقة العربية ومشاغلة جيرانها العرب تمهيدا لمدّ نفوذها في المنطقة.
ومُني الحوثيون خلال الفترة الأخيرة بسلسلة هزائم متلاحقة على عدّة جبهات أبرزها جبهة الساحل الغربي، حيث استعادت القوات الموالية للحكومة الشرعية بدعم من التحالف مواقع مهمّة في الطريق إلى محافظة الحديدة ذات الأهمية الاستراتيجية البالغة.
وترى دوائر سياسية يمنية أن هذا الوضع الجديد، يمكن أنّ يمثّل ورقة ضغط على الحوثيين لدفعهم إلى الانخراط في حلّ سلمي يجنّب اليمن مزيدا من الخسائر، وهو السيناريو الذي تعمل إيران على استبعاده بدفع الميليشيا التابعة لها إلى مواصلة الحرب.