((الواقع الجديد)) الثلاثاء 2 يناير 2018
مشعل السديري
كانت الحياة في الجزيرة العربية عموماً، قبل قرنين من الزمان، لا تخلو من شظف العيش وقلّة الحيلة، ولا أقول الفقر والعوز، ولكن أهلها مع ذلك تعايشوا معها بالصبر والإيمان.
وسوف أطرح أمامكم عدة وثائق هي عبارة عن مكاتبات ووصايا ومبايعات في إحدى القرى، لتعرفوا مدى البساطة والتلقائية التي كانوا عليها.
وها هي إحدى الوثائق التي أعتقد أنهم سبقوا فيها بريطانيا من طول مدة التأجير للعقار، وهذه واحدة من تلك الوثائق:
أقر عبد الله بن حمد بن رزق، أنه أجر أرضه المسماة (المفرحية) وكذلك نصيب أمه وإخوته، على علي بن راجح لمدة 200 سنة، ابتداءً من تاريخه (1193)، بمبلغ (خمسة حمران) – وهي عملة في ذلك الوقت – وشهد على ذلك عبد العزيز بن عيسى، وكذلك الذي كتبه إبراهيم بن علي.
وهناك وصية جاء فيها: أوقفت تركية بنت إبراهيم بن عواد ثلث مالها من (الحمرين) على من احتاج إليه من المسلمين، وأوصت أيضاً بخمسة أكفان وإزار وخمار وقميص ولفافتين، وأوصت كذلك بـ(تبتين) – وهي عملة – لحفار قبرها، ولمن يقرأ عليه سورة ياسين وتبارك.
وذكرت أن يُجعل جلد ضحيتها قربةً تُعلق على باب المسجد في شهر رمضان، ونُخيْلاتها تُوقف على من احتاج من أقاربها الذكر والأنثى بالتساوي، وإن اغتنوا عن ذلك فيُقسم على الضعفاء والمساكين في يومي عرفة وعاشوراء.
أما القدور والفأس والقفان والمثعوبة والمقرصة، فتُعطى من احتاج إليها في البلد، ويُستثنى من ذلك الشداد، فلا يُمنع منه من احتاج إليه في الحج. وأوصت كذلك بخمسين وزنة تمر، وعشرين صاع قمح تُفرَّق على الضعفاء بعد موتها، وشراء مسرجة ومصحف للمسجد، وخمس أضحيات أول سنة من موتها، وأشركت في الثواب أمها وأباها وزوجها محمد بن رزق، وبنتيها سلمى وغالية – التاريخ 1195.
وأختم لكم بهذه الصفقة العقارية المدوّية، التي كان أحد فرسانها هو أحد أقاربي المنقرضين، لتعرفوا فقط كم هم أسلافي يتحلون بالذكاء والعبقرية والألمعية.
وجاء فيها بالنص:
بسم الله الرحمن الرحيم، أقول: أنا كاتب هذه الأحرف عبد الله بن علي السديري: لقد أقررت على نفسي في صحة عقلي وبدني أنني قد بعت داري على عبد العزيز بن علي الحصين، لقاء بقرته الصفراء التي تعتبر هي الثمن، وشهد على ذلك حسين بن علي، وكاتب هذه الأحرف.
وصلى الله على محمد وآله وصحبه وسلم. جرى ذلك وحُرِّر في شهر ذي الحجة سنة 1267.