“الواقع الجديد “السبت 30 ديسمبر 2017 عدن/خاص
الحرب التي شنتها مليشيات الحوثي الإيرانية، ولا تزال تشنها في اليمن، أفرزت واقعاً مؤلماً كان من نتاجه إلى جانب القتل والدمار والخراب إيجاد وطن مجروح يكابد فيه الآلاف من الجرحى معاناة تدمي القلوب، فذووهم ونتيجة الوضع المعيشي للحرب تقطعت بهم السبل واستعصى عليهم علاج جرحاهم، وهنا كانت يد الخير لإمارات زايد الخير حاضرة منذ اللحظات الأولى لتحرير عدن، بل من قبل ذلك.. كانت دولة الإمارات هي اليد الخيرة التي امتدت لتداوي جراحهم وترسم الفرحة على وجوه ذويهم عند عودتهم من الخارج سالمين بفضل الله، ثم دعم الأشقاء في دولة الإمارات.
وتبذل دولة الإمارات جهوداً كبيرة لتخفيف معاناة جرحى الحرب وذويهم منذُ تحرير عدن، حيث ساهمت بنقل عدد كبير من الجرحى للعلاج في الخارج، إلى جانب استحداث قسم خاص في العاصمة عدن لعلاج جرحى الحرب من عسكريين وأمنيين وأفراد المقاومة يستفيد منه جرحى الجبهات في عدن ولحج وأبين والضالع وشبوة، بالإضافة إلى استحداث مستشفيات ميدانية إسعافية لجرحى الجبهات في المناطق المحررة.
وعبرت قيادة أمن عدن ومسؤولون في اللجنة الطبية لإخلاء الجرحى وإعلاميون عن تثمينهم للجهود الخيرة التي تبذلها الإمارات لعلاج جرحى المناطق المحررة، سواء في الجبهات أو مستشفيات الداخل أو تسفيرهم للخارج، مما أسهم بشكل كبير في التخفيف من معاناة الجرحى وذويهم، شاكرين لأبناء زايد هذا الموقف الإنساني الخير الذي ليس بغريب على بلد زايد الخير الذي امتدت يده الإنسانية ليس للأشقاء في اليمن فقط، وإنما مختلف بقاع العالم.
مستشفيات ميدانية لعلاج الجرحى في الجبهات
من مأرب شمالاً إلى لحج، وصولاً إلى الساحل الغربي في باب المندب، شرعت دولة الإمارات العربية المتحدة لتأسيس مستشفيات ميدانية لإسعاف جرحى الجبهات من أفراد الجيش والمقاومة وقوات التحالف العربي، ويعد مستشفى المخا الميداني الواقع في مناطق الساحل الغربي على البحر الأحمر أكبر مستشفى ميداني عسكري، بالإضافة إلى مستشفى ميداني في جبهات مأرب، ناهيك عن فرق الإسعافات الأولية التي ترافق الحملات الأمنية والتقدم في الجبهات المختلفة.
مستشفيات ميدانية
وفي معرض حديثه لـ «الاتحاد»، قال الصحفي راجح العمري حول مستشفى المخا الميداني والخدمات التي يقدمها لجرحى جبهات الساحل الغربي: «تأسس المشفى الميداني العسكري في باب المندب منذ ما بعد تحرير المدينة من مليشيات الحوثي، حيث عملت هيئة الهلال الأحمر الإماراتية على تأهيل مستشفى المخا العام، واستحدثت في إحدى بناياته مستشفى ميدانياً عسكرياً، وزودته إلى جانب المستشفى العام بالأجهزة والمعدات الطبية والمواد العلاجية».
وأضاف: «يستقبل المستشفى الميداني الحالات العسكرية للجرحى من جبهات القتال لكل الألوية المقاتلة في جبهات باب المندب والمخا وموزع وجهات تعز الداخلية، بالإضافة للمدنيين الذين يتعرضون لإصابات نتيجة الألغام التي تزرعها ميليشيات الحوثي وحوادث السيارات وغيرها».
وأضاف العمري وهو مصور صحفي زار المستشفى الميداني بالمخا: «بدعم من الإمارات زود المستشفى بكادر طبي مؤهل تأهيلاً جيداً من اختصاصيي جراحة، وطاقم تمريضي متكامل وفنيي صيدلة ومختبرات ومساعدي أطباء وبقية العاملين في المستشفى من سائقي سيارات الإسعاف وغيرهم، حيث يقوم الكادر الطبي بالإسعافات الطبية وأيضاً إجراء بعض العمليات الجراحية المتاحة للجرحى وتقديم الخدمات التمريضية لكل الجهات العسكرية دون استثناء، ويتم تحويل الحالات الضرورية التي تحتاج إلى عمليات جراحية متقدمة إلى مشافي العاصمة عدن».
علاج الجرحى في الداخل
عقب تحرير عدن في يوليو من العام 2015م، قامت الإمارات بتجهيز مستشفيات عدن لاستقبال جرحى الجبهات والمساهمة بالتخفيف من معاناتهم وإجراء الإسعافات الأولية لهم قبل تسفيرهم للخارج، كما فتحت العديد من الحسابات في بعض المستشفيات الخاصة لعلاج جرحى الحرب ممن لا يستدعي الأمر سفرهم للخارج، حيث تم تجهيز مستشفى الجمهورية الذي يعد أكبر مستشفيات عدن، بالإضافة إلى مستشفى الشيخ خليفة وعدد من المجمعات الصحية لعلاج جرحى الحرب.
ومنذ ما يقارب العام ونصف العام تم استحداث قسم خاص في مستشفى الجمهورية مخصص لعلاج جرحى الجبهات والقوات الأمنية والعسكرية، وزود القسم بأحدث التجهيزات والأدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة إلى طاقم طبي يتولى علاج الجرحى وإجراء عمليات جراحية كبرى وصغرى لكل جرحى الحرب والتفجيرات والألغام.
كما تكفلت دولة الإمارات بدفع تكاليف علاج جرحى الحرب في المستشفيات الخاصة في عدن.
وفي مأرب وحضرموت وشبوة دعمت الإمارات مستشفيات المدن بالاحتياجات من كوادر ومستلزمات وأدوية لاستقبال جرحى الحرب في مأرب، والجرحى من قوات النخبة والجيش في حضرموت وشبوة والذين يخوضون معارك مع الجماعات المتطرفة.
علاج 3450 جريحاً على نفقة الإمارات
وأوضح مصدر إعلامي في هيئة الهلال الأحمر الإماراتية أن إجمالي الجرحى الذين تكفلت الإمارات بعلاجهم في الخارج بلغ ما يزيد على ثلاثة ألف جريح، وقال الإعلامي في الهلال الأحمر فواز الحنشي: «الإمارات أولت عناية كبيرة لجرحى الحرب في المحافظات المحررة، حيث تم نقل أكثر من 3450 للعلاج في مستشفيات الإمارات والسودان والهند ومصر، بالإضافة إلى تحملها نفقات العلاج في الداخل». مشيراً إلى أن عدد الدفعات التي غادرت للعلاج في الهند خلال عام 2017 فقط 450 جريحاً تم إجلاؤهم على أربع دفعات منتظمة، إضافة إلى جرحى التفجيرات الإرهابية التي شهدتها عدن في نوفمبر والذين غادروا إلى الهند منتصف الشهر الماضي.
وكان التقرير الذي تم رصده من قبل مكتب الصحة بعدن قد ذكر أن الإمارات تحملت نفقات علاج عدد كبير من جرحى الحرب في مستشفيات الخارج وما زالت العملية مستمرة، وتكفلت الإمارات بعلاج 1500 جريح في الخارج، فقط في العام 2016 – 2017، غير من قد تم نقلهم في العام 2015 – 2016 إلى الخارج للعلاج.
علاج جرحى الإرهاب
الرعاية التي قدمتها دولة الإمارات العربية المتحدة للجرحى اليمنيين في مختلف المناطق المحررة لم تقتصر على جرحى الجبهات من أفراد الجيش والمقاومة، بل شملت جرحى الحملات الأمنية على الجماعات الإرهابية، بالإضافة لجرحى التفجيرات الانتحارية.
وتلقى المئات من جرحى جنود الأمن والحزام الأمني وقوات النخبة – والذين أصيبوا خلال الحملات الأمنية ضد عناصر القاعدة و«داعش» في عدن ولحج وأبين وشبوة وحضرموت – علاجهم في المراكز التي ساهمت الإمارات بتأهيلها ودعمها بالمستلزمات الطبية والعلاجية في عدد من المحافظات المحررة، وتم تسفير العديد منهم ممن استدعى علاجهم في الخارج على نفقة الإمارات. جرحى العمليات الإرهابية من مدنيين وعسكريين وأمنيين شملتهم أيضاً الرعاية الإماراتية، حيث تكفلت بعلاج العديد منهم في الداخل والخارج، وكان آخرهم تسفير جرحى تفجير البحث الجنائي بعدن وعمليات قوات المنشآت.
وذكر مصدر باللجنة الطبية لإخلاء الجرحى «أن 15 جريحاً بينهم امرأة غادروا في الـ 21 من نوفمبر مطار عدن للعلاج في دولة الإمارات، وهم جرحى جراء التفجير الانتحاري الذي استهدف مبنى البحث الجنائي بخور مكسر وسط عدن والذي تبناه «داعش» في 11 نوفمبر، وكذلك جرحى تفجير مبنى عمليات حماية المنشآت بالشيخ عثمان بعدن».
وأفاد المصدر أن «من ضمن الجرحى قائد شرطة الرباط بيافع رصد عبدالله علي اليزيدي الذي أصيب أثناء ملاحقته للقيادي بتنظيم القاعدة الإرهابي أحمد عبد النبي في جبل اليزيدي بيافع والذي لقي مصرعه على أيدي قوات الأمن».
رسالة شكر
وعبرت اللجنة الطبية لإخلاء الجرحى عن تثمينها للجهود المباركة والخيرة التي توليها الإمارات لجرحى الحرب في المناطق المحررة وتكفلها بعلاجهم على نفقتها الخاصة في مستشفيات الإمارات والسودان والهند، وكذلك تأهيلها ودعمها لمراكز علاجية في الداخل.
وعبرت إدارة شرطة عدن، ممثلةً بمديرها اللواء الركن شلال علي شايع، عن جزيل الشكر والعرفان لدولة الإمارات العربية الشقيقة، لما أولته من عناية ورعاية فائقة لجرحى الحرب عموماً وجرحى الأحداث الإرهابية خصوصاً وتكفلها بعلاجهم، والتي كان آخرها ترتيب إجراءات سفر وعلاج جرحى التفجير الانتحاري الذي استهدف مبنى البحث الجنائي بعدن.
وقال فواز الحنشي: «ليس بغريب على دولة الإمارات التي امتدت يدها الإنسانية لكل بقاع العالم أن تولي كل هذه الرعاية والاهتمام بالجرحى في المناطق اليمنية المحررة، وهذا يضاف إلى المواقف الإماراتية المشرفة مع الأشقاء في اليمن منذ انطلاق عاصفة الحزم والتي شملت مختلف الجوانب والصعد».