((الواقع الجديد)) الاحد 24 ديسمبر 2017 / متابعات
بسم الله الرحمن الرحيم الحمدلله ..
وبه نستعين, والصلاة والسلام على سيد الخلق والمرسلين رسولنا الصادق الأمين / محـمد ابن عبدالله .. وعلى آله وصحبه أجمعين ..
السادة أعضاء هيئة رئاسة المجلس السادة أعضاء الجمعية الوطنية “ممثلي الشعب” السادة القيادات العسكرية والأمنية أيها الأخوات والاخوة .. الحاضرون جميعاً السلام عليكم ورحمة الله وبركاته ..
انه لشرف عظيم أن نلتقي بكم اليوم في هذا الحدث التاريخي، يوم انعقاد أول برلمان جنوبي بعد عقود من النضال والتضحيات التي قدمها الشعب الجنوبي العظيم. انه لشرف عظيم وكبير لنا جميعاً تدشين أعمال الجميعة الوطنية الجنوبية في ظل هذه الظروف السياسية والعسكرية والاقتصادية العصيبة .. شرف عظيم ان نتحمل المسئولية معاً, وبالكيفية التي تليق بتضحيات شهدائنا الأبرار ..
وفاء منا لدمائهم الطاهرة الزكية , ووفاءً لجماهير شعبنا الجنوبي العظيم ونضاله البطولي .. وفاءً لحقنا المشروع في الاستقلال وبناء دولتنا الجنوبية الحرة المستقلة وعاصمتها عدن. أيها الأخوات والاخوة، ممثلي الشعب:
لقد كانت العاصمة عدن سباقة في العمل البرلماني على مستوى الجزيرة العربية, واحتضن برلمانها المنتخب في مطلع النصف الأخير من القرن الماضي جميع الأعمال التشريعية المتعارف عليها في البرلمانات العريقة مجسداً روحاً حضارية متطلعة الى مواكبة العمل المؤسسي الديمقراطي , قبل أن تعصف بهذه البلاد الطيبة الأحداث والصراعات المتعددة التي تعلمونها جميعا. وها نحن اليوم .. وبعزيمة اكيدة .. واصرار كبير .. نرسي من جديد لبنات العمل المؤسسي حتى وان كانت بلادنا تشهد الكثير من الأحداث الحاسمة , ولكن اصرارنا على نهج العمل المؤسسي دليل اكيد على ثقتنا بالانتصار لجميع القيم والأهداف الاستراتيجية التي ناضلنا من أجلها جميعا.
الاخوات والاخوة، ممثلي الشعب العظيم: لا شك أنكم تعلمون أن اختياركم لعضوية الجمعية الوطنية قد تم وفقا لمعايير كثيرة ولم يتم عبثا أو بطرق عشوائية , مؤكدين أيضاً أنه كان بودنا أن تضم هذه القاعة الكثير من الشخصيات والكفاءات الوطنية الجديرة بالتواجد بيننا اليوم, ولكننا على يقين تام بأنكم قادرين على تجسيد تواجدهم وطموحاتهم بل وطموحات وآمال شعب الجنوب فيكم.. كلنا ثقة بكم .. وجميع ابناء شعبنا الجنوبي العظيم يتطلعون اليكم ويثقون بكم .. فلا تخذلوهم .. كونوا على قدر المسئولية التاريخية الملقاة عليكم .. وانه لشرف ما بعده شرف .. وثقوا بأننا سنقف معكم في جميع ما يمكن ان يساعدكم على انجاز مهامكم الوطنية على أكمل وجه. الأخوات والأخوة، يا ممثلي الشعب: لقد كنا في الجنوب العربي ومنذ انطلاق العمليات العسكرية لعاصفة الحزم جزءاً رئيسياً وفاعلاً فيها بجميع مكوناتنا السياسية والعسكرية والاجتماعية , وأثبت شعب الجنوب خلال الأشهر الأولى أنه كان فاعلاً في ميادين القتال .. محققا انتصارات عسكرية حاسمة شهد بها العدو قبل الصديق, ولا أبالغ إن قلت أن الانتصارات التي حققتها المقاومة الجنوبية بمساعدة وعون دول التحالف العربي والتي على إثرها اندحرت جميع مليشيات الحوثي وقوات صالح من أرضنا الطاهرة قد فاقت كل التوقعات.
وفي الحقيقة أن جميع تلك الانتصارات ما كان لها أن تكون لولا توفيق الله سبحانه وتعالى وإيماننا العميق بهدفين رئيسيين يتمثل أولهما في تطابق تام وكامل بيننا وبين الأشقاء في دول التحالف العربي فيما يخص خطورة التواجد الإيراني في بلادنا العربية مع ما يمكن أن يمثله ذلك من تهديد حقيقي للأمن القومي العربي بشكل عام والأمن القومي لدول الخليج العربي بشكل خاص, خاصة وقد أثبتت إيران من خلال ممارساتها وسياساتها أنها دولة توسعية ذات أطماع قومية تحاول أن توجد لها نفوذاً في بلادنا العربية بغطاء ديني طائفي مقيت . ونحن في هذا الاطار نجدد الالتزام التام بالمضي قدماً مع دول التحالف العربي في الحرب على هذا المشروع الإيراني التوسعي الطامع في بلادنا العربية. أما الهدف الثاني لنا في الجنوب العربي الذي جعل من مشاركتنا ضمن حرب عاصفة الحزم مشاركة فاعلة وحاسمة يتلخص في إيماننا العميق بعدالة قضيتنا الوطنية ( قضية الجنوب ) وحقنا المشروع بل وواجبنا جميعا في الانتصار لها وصولاً إلى تحقيق الاستقلال التام وبناء الدولة الجنوبية الحرة المستقلة , ولقد كان هذا الهدف الوطني الاستراتيجي الدافع الرئيسي للمقاتل الجنوبي , وسر النجاح الأول للانتصارات العسكرية ولازال حتى الآن يتجسد في تضحيات أبطال القوات المسلحة الجنوبية على مختلف الجبهات , وهو هدف وطني مشروع ناضل وسوف يناضل من أجله شعب الجنوب بجميع فئاته مهما كانت الصعوبات والتضحيات , لافتين الانتباه أن نضالنا من أجل هذه القضية قد انطلق منذ يوم 7 / 7 / 1994م وهو اليوم الذي أسقط فيه نظام الجمهورية العربية اليمنية مشروع الوحدة اليمنية بقوة السلاح محتلاً بلادنا في حرب شهدها العالم أجمع وصدرت فيها قرارات دولية.
وفي هذا الصدد فإنه من الأهمية بمكان أن نلفت نظر الاشقاء في دول التحالف العربي بقيادة المملكة العربية السعودية ودولة الامارات العربية المتحدة وبقية دول مجلس التعاون الخليجي الى أهمية النظر بعين العدالة الى قضيتنا الوطنية.. (قضية الجنوب) باعتبارنا جزء لا يتجزأ من دول الجزيرة العربية, وباعتبار ان موقعنا يمثل عمقا استراتيجيا لهذه الدول , وباعتبارنا شركاء في تحقيق الأمن والاستقرار في هذه البقعة الجغرافية الهامة .
وفي هذا الصدد نود أن نلفت نظر الأشقاء في دول التحالف العربي والمندوب الدائم للأمم المتحدة السيد / اسماعيل ولد الشيخ الى الحقائق التالية: أولاً : إن تجاهل ( قضية الجنوب ) على النحو الذي سارت عليه العملية السياسية في صنعاء منذ انطلاق ما سمي بالحوار الوطني وما تمخض عنه من نتائج, يعتبر نوعا من الخداع للنفس وهروبا من مواجهة الحقائق المتعلقة بجوهر هذه القضية باعتبارها قضية وطن وشعب وهوية , ولا يمكن ان يشكل هذا التعامل السطحي مع القضية مدخلا حقيقيا لحلها .
ثانياً: إن النهج الذي سارت عليه المفاوضات السياسية باشراف الأمم المتحدة في المرحلة التي تلت عاصفة الحزم – مع تفهمنا للأولويات التي تحدث عنها ولد الشيخ – الا اننا لا نرى في تأجيل البحث عن حل لهذه القضية اسلوبا يمكن ان ينتهي بها الى نجاح باعتبار أن حلها أولا مسألة سابقة لبقية القضايا وليس العكس .
ثالثا: ربما ستلاحظون ان المتغيرات على الساحة اليمنية تتوالى تباعا بما ينتج عنها من غياب لقوى وظهور قوى أخرى تبعا لنتائج المستجدات السياسية والعسكرية ولكن هذا العيار الذي ينطبق على مختلف القوى اليمنية لا ينطبق على ممثلي ( قضية الجنوب ) ..
لأن قوى الجنوب تمثل قضية وطن وشعب وهوية وليست قوى سياسية متصارعة على السلطة في صنعاء.
رابعا : ان قيام دولة الجنوب المستقلة على كامل ترابنا الوطني بحدود ما قبل 22 مايو 1990م يعتبر مكسب كبير للأمن القومي العربي بشكل عام وحاجزا منيعا امام التواجد الايراني ومحاصرا له , كما انه يعتبر منسجما مع الموقف الخليجي التاريخي الذي عبر عنه بيان وزراء خارجية دول مجلس التعاون الخليجي المنعقد في مدينة أبها السعودية يومي 5 ,6 يونية 1994 م والذي نص صراحة على : أن الوحدة التي رحبت دول المجلس بقيامها لا يمكن أن تستمر الا بتراضي الطرفين .. ونحن في هذا السياق نأمل من الأشقاء التعامل مع قضيتنا على هذا الأساس .
خامسا : اننا في الوقت الذي نقدر فيه ظروف ومتطلبات الصراع العربي مع المشروع الايراني والاهداف الاستراتيجية لعاصفة الحزم التي نؤكد اننا جزء منها , ومع تفهمنا لما يمكن ان ينتج عن ذلك من تحالفات سياسية لدول التحالف تقتضيها الضرورة الا اننا نتأمل الا تكون تلك التحالفات على حساب قضيتنا الوطنية التي هي قضية وجود ومصير .وفي نفس الوقت فاننا ننفتح على جميع الأصوات العاقلة في اليمن التي تتفهم لقضيتنا الوطنية وتقر بحقنا في الاستقلال او تقرير المصير على الأقل , مع ما يمكن ان يثمر عنه ذلك من شراكة حقيقية قائمة على المصالح ما بين الدولتين في عدن وصنعاء برعاية خايجيةوبما يشكل في مجموعه ضامن اكيد للأمن القومي الخليجي وطاردا للتواجد الايراني بكل اشكاله. سادسا : لقد اثبت الشعب الجنوبي انه شعب محب للسلام والاستقرار .. تواق لأن يعيش على ارضه بحرية ووئام مع محيطة العربي والاقليمي , مؤكدا في كل مرة قدرته الكبيرة على محاربة التطرف والارهاب بكافة اشكاله وانواعه , ومقدما نفسه كضامن حقيقي للمصالح الاقليمية والدولية المشروعة التي تعتمد على وجود استقرار حقيقي في هذه البقعة الجغرافية بمياهها ومداخلها البحرية الهامة. الاخوات والاخوة، يا مغاوير قواتنا المسلحة الباسلة: اسمحوا لي عبركم أن أوجه تحياتي واحترامي وتقديري الى جميع رجالنا الأبطال في جبهات القتال الذين يقدمون فيها اسمى واغلى التضحيات , ويرسمون بدمائهم الطاهرة ملامح دولتنا الجنوبية الحرة المستقلة , وعبركم ايضا اتوجه بالتحية الى شعبنا الجنوبي العظيم .. الى مصدر فخرنا وباسنا واعتزازنا وكرامتنا ..مؤكدين لهم بأننا على درب الوفاء والعهد الذي قطعناه على انفسنا امامهم ماضون … غير متخاذلين .. وأننا على وعدنا معهم سائرون .
يا شعبنا الجنوبي العظيم: أننا نقدر وبشكل مسئول حالة القلق التي تسود أوساطكم إزاء المتغيرات والأحداث السياسية والعسكرية التي استجدت خلال الأيام الماضية, ولكننا نؤكد لكم أننا سنكون بعون الله في مستوى الثقة التي اوليتموها لنا وهي دين وعهد في رقابنا لكم, وكل ما نرجوه منكم في هذه المرحلة المفصلية التحلي بالصبر والثبات والبعد عن الوقوع في الكمائن التي تنصب لكم من قبل اعداء الجنوب وقضيته , والتي تستهدف اولا واخيرا وحدتنا الوطنية الجنوبية .. خاصة وقد افلست هذه القوى وبائت كل محاولاتها السابقة بالفشل و لم يتبقى لها اليوم سوى سلاح وحيد وهو ضرب وحدتنا الوطنية .. فلا تمكنوهم من ذلك ابدا. لقد جسدنا خلال اصعب المراحل قدرا عاليا من روح التسامح والتصالح فيما بيننا وهي قيم تمثل الأرضية الصلبة لوحدتنا الوطنية, و التي لا يمكن ان نتنازل عنها او نضحي بها , وهي في نفس الوقت تفتح بابا واسعا للقبول بالآخر الجنوبي الذي يحترم خيار شعب الجنوب وتضحياته الجسيمة …. ونحن في قيادة المجلس الانتقالي الجنوبي معنيين قبل الآخرين بحتمية القبول بالآخر الجنوبي تجسيدا لروح العمل الديمقراطي واثقين بأن الشرفاء من أبناء الجنوب حتى ان تباينت وجهات النظر معهم انما يشكلون لنا قوة وسندا , مؤكدين على أن الحوار هو الوسيلة المثلى والطريق الحضاري لردم الهوة بين المتباينين في العمل الوطني.
اعضاء الجمعية الوطنية: الجنوب أمانة في أعناقكم، فكونوا خير من يمثلة، وخير من يحافظ عليه. حافظوا على مبادئكم، اثبتوا على مواقفكم، ابنوا سياجاً من العدالة والإتزان والحكمة، ارفعوا راية هذا الوطن عالياً، صونوه بكلماتكم وقراراتكم وارواحكم.
أيها الأخوة .. ينتظر الجنوبيين منكم الكثير، فكونوا على قدر من المسؤولية. وبالعمل سوياً، سنجتاز الصعاب متكاتفين ومتماسكين، سنصل الى الضفة الأخرى حيث الأمان والسلام والإستقلال. أيها الأخوات والاخوة جميعا … لا يسعني في الختام إلا أن أتوجه اليكم بالشكر الجزيل على روحكم الوطنية العالية، كما أشكر القيادات العسكرية والأمنية الجنوبية الحاضرة معنا هنا في هذه المحطة التاريخية الهامة , كما اتنمى لكم في هذا الاجتماع الافتتاحي وما يلحقه من اعمال كل النجاح والتوفيق ..