((الواقع الجديد)) الاحد 24 ديسمبر 2017 / متابعات
استعرض عضو هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي رئيس الدائرة السياسية الدكتور ناصر الخبجي، اليوم، التقرير السياسي المقدم إلى الجلسة الافتتاحية الأولى للجمعية الوطنية بالمجلس. وكان رئيس هيئة رئاسة المجلس الانتقالي الجنوبي الرئيس عيدروس قاسم الزُبيدي، قد دشن اليوم، بالعاصمة عدن أعمال الاجتماع الأول للجمعية الوطنية المكونة من 303 أعضاء يمثلون مختلف المحافظات الجنوبية، بمشاركة وحضور نائب رئيس المجلس الشيخ هاني بن بريك، وأعضاء هيئة رئاسة المجلس، وأعضاء الجمعية الوطنية “ممثلي الشعب” وعدد القيادات العسكرية والأمنية.
نص التقرير السياسي: بسم الله الرحمن الرحيم الاخوة / أعضاء الجمعية الوطنية للمجلس الانتقالي الجنوبي المحترمون في البدء نبارك لكم بالنيابة عن هيئة رئاسة المجلس، انعقاد الجلسة الإفتتاحية الأولى للجمعية متمنين لكم التوفيق في مهامكم الوطنية. إن انعقاد الجلسة الاولى للجمعية الوطنية يمثل نقطة تحول هام في مسيرة العمل السياسي والمؤسسي الجنوبي وباجتماعكم هذا تجسدون الواقع الجنوبي وقدرة الجنوبيين على تشكيل منظومة سياسية متكاملة، باعتبار الجمعية الوطنية تمثل المؤسسة التشريعية.
إن المجلس الانتقالي الجنوبي واستناداً للشرعية الممنوحة له بناء على التفويض الشعبي لرئيس هيئة رئاسة المجلس اللواء عيدروس عبدالعزيز الزبيدي في اعلان عدن التأريخي يوم 4 مايو 2017، وما تلاه من تسمية هيئة الرئاسة يوم 11 مايو ، أصدر رئيس المجلس قراره رقم (8) لعام 2017م بتاريخ 30 نوفمبر 2017م القاضي بتشكيل الجمعية الوطنية، وفق المعايير التي اقرتها هيئة الرئاسة، والتي تضم كوكبة من النخب والممثلين عن كافة شرائح المجتمع والوان طيفه السياسي. وفي جلستكم الاولى هذه ليوم السبت 23 ديسمبر لعام 2017 نضع بين يديكم تقريرنا السياسي الذي سنسلط فيه الضوء عن الواقع السياسي للجنوب اليوم وتشكيل المجلس، ومسار ما حققه وما يسمو اليه من أهداف وطنية ملبية لإرادة شعب الجنوب ومتطلبات العمل السياسي والتنظيمي. الاخوة الحاضرون جميعاً. إن الجنوب كشعب له وجوده وهويته الضاربة في عمق التاريخ كأحد شعوب الجزيرة العربية والتي وجدت كفطرة ربانية جسدها قوله تعالى (وخلقناكم شعوباً وقبائل لتعارفوا ان اكرمكم عند الله اتقاكم). صدق الله العظيم. لقد ظلت الشعوب العربية كغيرها من الامم تعيش حروب وصراعات يستولي القوي فيها على الضعيف، حتى حان موعد نشوء الدول بحدودها الدولية المعترف بها، ليمثل تطور انساني وحضاري عظيم اكدت عليه مواثيق الامم المتحدة، لتعزز بذلك العلاقة الانسانية العظيمة بين شعوب ودول العالم، والقائمة على الاحترام وحسن الجوار، وهو ما نصت عليه كافة الشرائع السماوية والقوانين الوضعية. إن دولة الجنوب والتي تعرف بإسم (جمهورية اليمن الديموقراطية الشعبية) هي دولة ذات سيادة معترف بها ولها معالمها السيادية وحدودها الدولية وهي عضو في كافة المنظمات الاقليمية والدولية.
يرتبط الجنوب كدوله وشعب بأمته العربية وقضاياه القومية، حيث كان الجنوبيين كبقية الشعوب العربية تواقين للحلم الوحدوي العربي وهو ما اتجهوا له بالفعل في مشروع الوحدة السياسية مع الجمهورية العربية اليمنية (الشمال).
بيد أن تلك الوحدة بُنيت على اسس غير سليمة، والتي سرعان ما انهارت معها احلامها التي تبين الشمال تعامل معها كوسيلة للاستيلاء على الجنوب واحتلاله والسعي لطمس وجوده، وهذا ما تجلت ملامحه منذ اليوم الاول، عبر نكث الطرف الشمالي لكل الاتفاقيات والعهود والمواثيق، وتنفيذ تصفيات واغتيالات بحق الجنوبيين، وتنفيذ جرائم ابادة جماعية، كان أبرز شواهدها مذبحة عمران الغادرة بحق الجنود الجنوبيين، وما تلاها من غزوٍ للجنوب واجتياحه في 7 يوليو 1994م، وإخضاعه لسياسات استعمارية مُجحفة، ظل الطرف المنتصر في الحرب يمارسها بحق الجنوب أرضاً وإنساناً طوال السنوات الماضية ولا زالت قواه حتى اليوم لا ترى في الجنوب إلّا أنه مجرد فرعٌ عاد للأصل. إن إدعاء الحق التاريخي لما يعرف باليمن الكبير، ألغى احترام الدول وحدودها،ولا يستهدف الجنوب وحسب بل يمثل تهديد لكل جيران اليمن، فإنكار الدول وحدودها منهج متأصل التمسناه حقيقة في منطلق وتعامل كل قوى الشمال، ولا صلة له بالقيم الحضارية بل يتوافق تماماً مع منطلق ونهج العصابات والجماعات الارهابية المتطرفة، لذا فإن استعادة دولة الجنوب هو احترام لمفهوم الدول وحدودها. لقد فشلت الوحدة اليمنية منذ اليوم الأول وتحولت إلى احتلال مكتمل الأركان، وعلى إثر ذلك، بدأ الجنوبيين مشوارهم السياسي التحرري، والذي كان فلعيا بتجسيد العمل الثوري والتحرري الذي جسده الحراك السلمي الجنوبي عام 2007 م، ليتعرض على إثره أبناء الجنوب لممارسات القمع والتنكيل والقتل والأسر والتعدي على الحقوق والممتلكات وممارسة صنوف واشكال الانتهاكات.
ولأن دولة اليمن الموحدة ( الجمهورية اليمنية ) كانت قد بُنيت على أسس خاطئة ومدمرة جعلتها بؤرة للصراعات والفشل والجماعات المتطرفة وتهديد جيرانها، كان من الطبيعي أن تكون اليمن ان يؤدي خطأ الوحدة اليمنية الى محصلة طبيعية من الفوضى والفراغ السياسي والاحتراب بين أقطاب تحالف 1994 م، وهو الامر الذي قاد إلى الاتفاقية الخليجية التي لم يكن الجنوب طرفاً فيها، ولا في الحوار الذي اعترف رسمياً بفشل وانهيار الوحدة، لكن المجتمعون وبدلاً من الذهاب لتصحيح المسار وإعادة الحقوق لأهلها، والبحث عن مخرج آمن، نزعوا لتكريس الفشل والقفز على المشكلة والهروب من الحل ليوجدوا صيغة جديدة للاحتلال بنسخة أخرى، فكانت مخرجات ذلك الحوار بمثابة مرجعية “حرب” أنتجت واقع أكثر تعقيدا وسيناريوهات أكثر رعباً، نظراً لجنوحه فوق مشكلات الواقع، ليرسم اليمن الجديد على ورق، ووفق مقاسات نفس تلك القوى التقليدية التي تقاسمت الوطن لعقود طويلة، وتسعى لإعادة تقاسمه بالشكل والنسق القديم المتجدد، والتي لم تكن تبحث في دهاليز المؤتمر عن اقامة نظام القانون والعدالة والمواطنة المتساوية، بل كانت تبحث عن أسباب جديدة تُشرعن وتُبيح لها استمرار نهب ثروات الجنوب وخيراتها.
الأخوة الحاضرون جميعاً إن انقلاب الحوثيين وحلفائهم واندلاع حرب 2015 م، ما هو إلّا محصلة ونتيجة لتراكمات طويلة آخرها ما تم اقراره في مؤتمر الحوار كمشروع حرب، تلك الحرب التي شنها الحوثيين عام 2015 م، لغزوا الجنوب وشكلت مخاطر وطنية وقومية، لكنها دفعت الجنوبيين ومن منطلق الحرص إلى التعامل بمرونة وتغليب المصلحة القومية، فقدموا حسن النوايا وانطلقوا بكل جهودهم ومقوماتهم لمحاربة الحوثيين وحليفهم صالح الحاملين للمشروع الايراني الذي يهدد الأمن والسلم المحلي والإقليمي والدولي، وتشكلت على إثر ذلك المقاومة الجنوبية التي قادت عمليات تحرير الأراضي الجنوبية وطرد قوى الاحتلال ومليشياته السلالية الانقلابية من الجنوب بمساندة ودعم مباشر من دول التحالف العربي. إن التجربة التاريخية القاسية التي مر بها الشعب الجنوبي، علمته دروسا سياسية كثيرة، وأكدت دون شك أنه لا بديل عن استعادة دولة الجنوب على كامل ترابها الوطني، تلبية لتطلعات شعب الجنوب المشروعة، وحقه في نيل استحقاقاته السياسية التي تؤكد عليها كافة الشرائع السماوية، والقوانين الدولية.
إن العملية الثورية والكفاحية التي جسدها شعب الجنوب بامتداداتها المختلفة وبجهود جماعية تراكمية قادتها مختلف قوى الحراك الجنوبي، قد أفضت اليوم إلى إنتاج المجلس الانتقالي الجنوبي كإطار سياسي لتمثيل الشعب الجنوبي وحامل للقضية الجنوبية، ومعبر عن تطلعات شعب الجنوب في كافة المحافل المحلية والدولية. إن تلك الإفرازات التي أنتجها الحرب على أرض الجنوب سياسياً وعسكرياً، ما هي إلّا ترجمة لأهداف ومطالب الشعب الجنوبي، وقضيته الوطنية وإيمانه بحق الدفاع عنها، والتي سارت باطراد وتزايد، لتضعنا أمام قضية، هي أكبر من سياسات الاحتواء أو الإنهاء التي مارسها نظام الرئيس السابق،وعلى النهج ذاته وبنفس الخطى تمضي بتكريسها نفس القوى والاحزاب ولكنها بعنوان آخر، لتولد بذلك مشكلات مضافة تزيد من حالة احتقان الشعب الجنوبي. الأخوات والأخوة أعضاء الجمعية الوطنية:
في هذا اليوم التاريخي من مسيرة شعبنا نحو التحرير والاستقلال، ومن عاصمة الجنوب الأبدية عدن، يجترح شعب الجنوب مرحلة جديدة لإرساء دولة النظام والمؤسسات، وتتوجه أعين الشعب الجنوبي لمتابعة أعمال الدورة الأولى للجمعية الوطنية للمجلس، التي تعتبر البداية للجمعية لاختطاط طريق العمل بمختلف مستوياته تلبية لتطلعات الشعب الجنوبي. وهي فرصة لنا لنضعكم في مشهد الأحداث والمتغيرات الجارية وافرازاتها الراهنة وتداعياتها المستقبلية على الواقع الجنوبي، من خلال المحاور الآتية:
أولاً : أبعاد وتداعيات الأوضاع الأمنية والإقتصادية على الواقع الجنوبي: رغم ما أفرزته مرحلة ما بعد حرب 2015، من واقع جديد تمثل بتمكين الجنوبيين من تحرير أرضهم، والذي يأتي كنتيجة طبيعية وموضوعية لسلسلة من الاحداث والتطورات التي انتجتها الازمة اليمنية اخرها الحرب. إلا أن الجنوب لا يزال يواجه مخاطر جمة على مختلف المستويات تهدد أمنه واستقراره في حاضره ومستقبله، يمكن تلخيص أهمها من خلال الاتي:
1. الوضع الامني : على المستوي المحلي ورغم تعرض الجنوب لعمليات ارهابية، إلا أن وضع جماعات الارهاب بات واضحاً بأنه أكثر ضعفاً من السابق، وسيزداد هشاشة مع استمرار العمل الامني وتتبع جيوب ومخابئ العناصر والخلايا الارهابية النائمة. حيث تمكنت الأجهزة الأمنية الجنوبية رغم حداثة نشأتها، من اضعاف الجماعات الإرهابية وتأمين محافظات الجنوب محققة انتصارات تاريخية على الإرهاب، ما كانت لتحدث لولا الإرادة الشعبية والبيئة الجنوبية الطاردة للفكر المتطرف،ومساندة الأشقاء في دول التحالف العربي والمجتمع الدولي. وخارجياً وبالنظر إلى عناصر التحليل الجيواستراتيجي لوضع الجنوب، فإن حماية (باب المندب) وممر التجارة الدولية، لا يمكن أن يتحقق إلا بتوافر عناصر ضامنة لحماية مصالح العالم، من خلال وجود عنصر الدولة القادرة على حماية مصالح العالم، متمثلا بدولة ( الجنوب ) وهو ما يلتزم به ( المجلس الانتقالي الجنوبي ) ويضعه في أولويات عمله.وإزاء ذلك يمكن تحديد متطلبات تعزيز الأمن وحماية الاستقرار من خلال الآتي: أ. متطلبات تعزيز الأمن المحلي: – تشكيل قوة أمنية مدربة مهنيا وجسديا لمكافحة الإرهاب باستخدام الأدوات التقنية الحديثة. – تحصين المجتمع الجنوبي من مخاطر الفكر الإرهابي والتطرف، من خلال استغلال طاقات الشباب بشكل إيجابي في التعليم والبناء والتطور.
– إنشاء جهاز استخباراتي أمني عسكري جنوبي موحد في كافة المحافظات الجنوبية. – تقديم الدعم الكامل لإعادة بناء المؤسسات الأمنية وتفعيل عمل مراكز الشرطة. – معالجة مشاكل الموظفين الامنيين السابقين، ووضع آلية تعيد حقوقهم كاملة غير منقوصة. – تفعيل عمل المحاكم والنيابات، لتعزيز استتاب الامن المجتمعي وسد الثغرات الحقوقية أمام المنظمات المدعومة من جهات مناوئة، والتي تحاول تصوير الوضع الحقوقي في الجنوب على غير حقيقته. ب. اتجاهات تعزيز الأمن الإقليمي والدولي: – الجنوب شريك رئيسي مع دول التحالف العربي والإسلامي والمجتمع الدولي في مكافحة الإرهاب وتجفيف منابعه.
– الالتزام بحماية أمن واستقرار المياه الدولية ومضيق “باب المندب” واعتبار حماية المصالح المحلية والاقليمية والدولية هدف مشترك. – الجنوب شريك أساسي لدول لتحالف العربي في محاربة المطامع الإيرانية والوقوف في وجه تدخلاتها الهادفة لزعزعة أمن واستقرار المنطقة.
2. الوضع الاقتصادي: منذ طرد الانقلابيين من الجنوب والوضع الاقتصادي مستمر في الانهيار لأسباب عديدة أهمها تعمد الحكومة اليمنية – الواقعة تحت سيطرة أحزاب وقوى النفوذ الشمالي المعادية لشعب الجنوب- تجريع الجنوبيين كل صنوف المآسي والعقاب الجماعي، مستغلة بذلك سيطرتها على القرار السياسي والإداري والذي ينعكس على الواقع المعاش، حيث مارست الحكومة حرمان محافظات الجنوب من أبسط متطلبات الحياة الكريمة كالرواتب والخدمات الضرورية، فضلا عن دعمها للإختلالات الامنية التي تقوض استقرار الجنوب ونهوضه، وتعطيل أي جهود لمعاجلة ملفات ما بعد الحرب وإعادة بناء مؤسسات الدولة بالمحافظات الجنوبية.
عليه تتحدد أبرز انعكاسات الوضع الاقتصادي الراهن بالآتي: – يعتبر حرمان المواطن من الخدمات الاساسية، خرقاً وانتهاكاً لحقوق الإنسان، ومخالفة صريحة وواضحة للمادة (25) من الإعلان العالمي لحقوق الانسان. – إن بقاء الوضع الاقتصادي الوطني منهاراً سيؤدي لتكاثر الاعباء على كاهل المواطن، من خلال تضييق المعيشة، وتفشي البطالة، وتردي الخدمات، وزيادة نسبة الفقر. – استمرار الوضع الاقتصادي والخدمي بحالته الراهنة سيعكس نفسه سلباً على مختلف الجوانب الامنية والسياسية والاجتماعية،ويشكل تهديداً للأمن قد تستغله الاطراف الارهابية لاستقطاب الشباب.
– يؤثر الوضع الاقتصادي في الجنوب على سير معارك الشمال ضد الانقلاب الحوثي، وينمي حالة عدم الثقة لدى الحواضن الشعبية في الشمال. مما يطيل أمد الحرب ويضاعف من تداعياتها وأعباءها على الوضع الانساني محلياً، وعلى أمن واستقرار دول الجوار. ثانياً : تداعيات الوضع السياسي وانعكاساته على الواقع الجنوبي: إزاء ما واجهه الشعب الجنوبي وقيادته بعد الحرب من استهداف سياسي وامني وإعلامي، من قبل القوى المسيطرة على قرار الحكومة الشرعية، واستمرارها بانتهاج سياسات النيل من الجنوب والالتفاف على قضيته، والقفز على ما افرزته الحرب من واقع واستحقاقات ومكاسب لا يمكن التفريط بها، ولتفادي الخطورة التي تشكلها تلك الممارسات، كان من الطبيعي أن يتجه الجنوبيين لخياراتهم العادلة والمشروعة، والتي تجسدت بإقدام الشعب الجنوبي التفويض بتشكيل قيادة سياسية جنوبية، عبر عن ذلك بنص (إعلان عدن التأريخي) الصادر عن مليونية 4 مايو 2017 الذي تمخض عنه تشكيل (المجلس الانتقالي الجنوبي) وتلاه تعيين (هيئة رئاسة المجلس) بتاريخ 11 مايو 2017 برئاسة اللواء عيدروس الزبيدي، ليؤكد الجنوبيين عبر عدد من المليونيات، منح ثقتهم وتأييدهم لقيادة المجلس بإدارة المرحلة الانتقالية وتمثيل الشعب الجنوبي وحمل لواء قضيته في كافة المحافل. ومنذ تشكيل المجلس الانتقالي الجنوبي، وأنظار الشعب الجنوبي شاخصة إليه، معلقين عليه آمال عريضة، في تمثيل القضية الجنوبية واستكمال المسار النضالي لثورة شعب الجنوب، حتى تحقيق الهدف المنشود المتمثل باستعادة دولة الجنوب، وهو ما أكدته الرؤية السياسية للمجلس. وبالنظر إلى الواقع المعاش اليوم، وإدراك المهام الجسيمة أمام المجلس الانتقالي، وخاصة في ظل وضع استثنائي ومتداخل للغاية، وما يترتب على عمل المجلس من الانعكاسات والتأثيرات المحلية والإقليمية، وهو ما جعل المجلس يسير حتى الان بخطوات ثابتة ومدروسة.
وبناءً على ذلك نوفر لكم قراءة سياسية لأبرز تداخلات المرحلة الراهنة، وذلك من خلال التالي:
1. فشل الحكومة وانعكاساته على الواقع الجنوبي: إن حالة الإرباك الذي يعيشها الجنوب في ظل ما تفرزه عملية إدارة الصراع وتداخلاتها المتشابكة والتي تتقاطع فيها المصالح والأهداف، بين عددٍ من الأطراف والقوى المحلية والإقليمية والدولية، أوجدت العديد من المتغيرات السياسية منها ما هو لصالح الجنوب، ومنها ما هو عكس ذلك. ولعل ما زاد مستوى التعقيد والإرباك، واستصعب معه انتهاج معالجة نمطية تتسم بالشفافية والوضوح، تستمد نهجها بإسلوب علمي مدروس ومُتقن، هو بأننا لسنا أمام حكومة يهمها خدمة الشعب وحماية مصالحه بقدر اهتمامها بحماية مصالح وخدمات أفراد وقوى متنفذة ولو كان ذلك على حساب معاناة الشعب.
حيث أن تلك الحكومة لا تستمد سياساتها من روح القانون وأبجديات النظام، بل تتخذ من الأزمات حائطاً تحتمي به من سهام النقد والمحاسبة وأداة لاستدامة مواقع أشخاصها في السلطة، فكلما استشعرت وقوعها في مأزقٍ، لجأت لخلط الأوراق وصناعة حدث تشغل به الرأي العام، من خلال استخدام سياسة -الهروب إلى الأمام – لتخفف من حدة الضغط الشعبي على ممارساتها، كما تفعل الأمر ذاته لإفشال احراز أي تقدم في العملية السياسية، ويأتي ذلك لأن الحكومة عبارة عن خليط من الفاسدين والمتنفذين الذين وجدوا بأن الأزمة قد هيأت لهم مناخ ملائم للتكسب والربح والنفوذ والفساد دون اخضاعهم للمحاسبة، أو أن تطالهم يد العدالة، مما جعلهم أكثر حرصاً على استدامة الوضع الراهن ليتمكنوا معه من تحقيق أكبر محصلة من المكاسب الشخصية، غير عابئين بتبعات ذلك وتداعياته على الشعب شمالاً وجنوباً وعلى التحالف العربي. وعلى النقيض من الحكومة نقف اليوم في المجلس الانتقالي كجهة مسئولة تحرص كل الحرص على اجتناب أي صراع قد يتسبب بإلحاق خسائر في أرواح ومصالح وخدمات شعبنا، غير اننا نحمل مسؤولية تستوجب علينا المحافظة على المكتسبات التي تحققت لشعبنا بعد الحرب وعدم التفريط بها وحمايتها بطريقة ناجعة تمنع الصراع وتحمي مكتسبات وتضحيات شعبنا الجنوبي. لا شك أن فشل الشرعية في إدارة مسرح عمليات الحرب في الشمال، وفي إدارة المحافظات الجنوبية وتوفير الخدمات الأساسية لمواطنيها، بالإضافة إلى تفشي الفساد والمحسوبية وظهور آثار الثراء الفاحش على قيادات الشرعية، أبرز إلى الواجهة حقيقة مفادها أن الشرعية هي نقطة الضعف والتحدي الأبرز الذي يعيق التحالف العربي من دخول صنعاء، والتي أهدرت كافة الفرص التي قدمها التحالف والمجتمع الدولي ولم تستفد منها وتسخرها لحسم الصراع مع الإنقلابيين، وبالتالي فإن ما أهدرته من الفرص المتتالية التي منحت لها، قد تتحول إلى مخاطر تهدد وجود الشرعية، فما تشهده جبهات الحرب من حالة جمود لدليل دامغ بأن الشرعية لا تنوي تحرير صنعاء وأخواتها، بل تهدف لاستنزاف أموال دول التحالف، أضف إلى ذلك تفشي الفساد وممارسات النهب والتي تسببت بانهيار العملة، مما أدى إلى فقدان مصداقية الشرعية وبرزت كتحدي يعيق التحالف العربي. وذلك ما تسبب بنشوء حالة تذمر تتطور يوماً عن يوم دفعت لتغيير وجهة نظر المجتمع الدولي والإقليمي تجاه الشرعية، ويبدو بأن تلك المواقف قد تتحول إلى سياسات إجرائية قد تنتهي لإتخاذ قرار بفرض صيغة معالجة خارجية تضمن إنهاء الحرب وإلزام جميع القوى اليمنية على القبول به.
وتتمثل أبرز ممارسات ما بعد الحرب من قبل الحكومة بحق محافظات الجنوب المحرر في الآتي:
– عدم السماح باعادة بناء المؤسستين الامنية والعسكرية بالجنوب بشكل وطني، وتعطيل انهاض بقية المؤسسات. – تفشي الفساد المالي والإداري مما أجهز على مقدرات الدولة وأهدر امكانياتها.
– ممارسة المحسوبية وسيطرة الأحزاب والقوى الشمالية والعبث بالقرار السيادسي والإعلام الرسمي والمال العام الذي سخرته لشراء الذمم والولاءات، ومحاربة الشعب الجنوبي واستهداف قواه الفاعلة ورموزه الوطنية، وزعزعة أمنه واستقراره، وتغذية الدعوات المناطقية.
– استحواذ القوى الشمالية المتنفذة على القضاء وتسييسه لخدمة أجندتها.
– استمرار الاقصاء والتهميش والحرمان والقتل والتنكيل ومصادرة حقوق أبناء الجنوب. وإزاء ذلك الفشل الكبير الذي تولد جراء فشل الحكومة في إدارة محافظات الجنوب المحرر، وتفادياً لحدوث المزيد من الانهيار في المنظومة السياسية والأمنية والخدماتية، وما يمكن أن ينتج عنها من تبعات تمس معيشة المواطن وتهدد أمنه واستقراره، فإن الأمر يستدعي تولي المجلس إدارة المناطق المحررة،بالتنسيق والتعاون مع قيادة التحالف العربي، وذلك نظراً للآتي: – أن القوى الحزبية المسيطرة على قرار الحكومة ما لبثت تكرس نفس النهج السابق الذي مارسه نظام صنعاء بشأن الجنوب منذ الاجتياح الأول للجنوب في 1994م.
– أن الحكومة فاشلة وعاجزة عن ادارة شؤون الجنوب المحرر ولا تمتلك أي إدارة للشمال الواقع تحت سيطرة الانقلابيين، لذا فإن استمرار الحكومة بفشلها وعجزها سيزيد الوضع تعقيدا ويرفع كلفة الحلول للازمات المختلفة.
– أن الأحزاب المسيطرة على الحكومة سخرت موارد الدولة ودعم التحالف لتقوية مراكزها في ظل تخاذلها عن التقدم في جبهات الحرب،رغم الكلفة العالية والدعم السخي الممنوح لها. – ان كل ما يجري يوجب على شعب الجنوب التحرك الفاعل لمعالجة الاختلالات وتحقيق اهدافه السياسية والحقوقية، وليس من الداعي ربط مصير الجنوب الخدمية والاقتصادية وبناء مؤسساته بتسوية الازمة اليمنية أو الانتظار إلى أن تحسم المعركة في صنعاء فيما شعب الجنوب يتكبد معاناة مضاعفة رغم تحرير ارضه واستقرارها.
– ليس من العدل بقاء محافظات الجنوب المحرر في حالة فراغ بعد تعطيل الحكومة للخدمات والإعمار والتنمية وتعكير صفو الحياة العامة للمواطنين.
– لا يمكن القبول برهن قرار وإدارة الجنوب تحت تصرف قوى معادية لقضية الجنوب، لأنها لن تسمح بالاستقرار وتطبيع الحياة العامة في الجنوب.
2. أحداث صنعاء الأخيرة وانعكاساتها على الواقع الجنوبي: لقد أدت الاحداث الاخيرة في صنعاء، وقتل الرئيس السابق علي عبدالله صالح، إلى خلط الاوراق وبروز تغير ملحوظ في المواقف والتحالفات.
وإزاء ذلك فإن ما يجري بصنعاء من تطورات تشكل منعطفاً جديداً في مسار الحرب باليمن، وله تأثيرات محلية وخارجية، قد تتغير معها التحالفات المحلية وفقاً لتطورات المشهد، ويؤثر ذلك على الجنوب سياسياً أكثر منه ميدانياً، وفقا لمتغيرات الاستراتيجية المتبعة. وحتى لا يكون الجنوب بمعزل عن أي تفاهمات قادمة ضمن طاولة التسويات، يجب ان يكون المجلس حاضراً برؤيته لمختلف التطورات وتداعياتها، لحماية الجنوب والسير به سياسيا وفق التوازنات المطلوبة، من خلال القدرة على التأثير في قواعد اللعبة السياسية بكل اطرافها المحليين والإقليمين والدوليين، بما لا يخالف اهداف التحالف العربي، ولا يمس أو يتجاوز هدف شعب الجنوب وحقه في استعادة دولته.
3. الإنعكاسات الناشئة عن تدخلات القوى والأحزاب الشمالية: لقد ظلت الاحزاب والقوى السياسية اليمنية الشمالية التي استفردت بالحكم سواء (المؤتمر الشعبي العام – الاصلاح – الحوثي) طوال الـ27 سنة الماضية جامدة وعاجزة عن وضع حلول للأزمات السياسية التي عصفت باليمن جنوبا وشمالاً وعلى رأسها (القضية الجنوبية، وقضايا نظام الحكم وشكله والإصلاحات السياسية وفقدان السيادة – وظهور الإرهاب وتغذيته من اطراف سياسية وعسكرية حاكمة – وبروز مشاكل اجتماعية خطيرة)، حتى أصبحت تلك الأحزاب والقوى تدور في متاهةٍ حول دائرة مفرغة أدت لتراكمات وأخطاء جسيمة، أدخلت اليمن شمالا وجنوباً في صراعات وحروب كارثية،كان آخرها انقلاب(الحوثي وصالح) الذي أدخل البلد في حرباً مدمرة لا تزال قائمة. ومن المنطقي القول أن الازمة السياسية في اليمن عامة، تتلخص في تلك الأحزاب والقوى اليمنية المشتغلة في الجانب السياسي (مؤتمر – اصلاح – حوثي) وعدم امتلاكها أي مشاريع أو رؤى حقيقية لحل الأزمات، فهي لا تزال تتمسك بمواقف سياسية قاصرة تجاه الازمات والأحداث والتطورات في اليمن، وانعكاس تلك الازمات بشكل خطير على دول الجوار والإقليم ويهدد الأمن والسلم الدوليين. ثالثاً : أبرز أنشطة وأعمال المجلس المنجزة خلال الفترة المنصرمة: بتدشين أعمال الجمعية الوطنية اليوم تأمل هيئة رئاسة المجلس، أن تضطلع (الجمعية) بمهامها واختصاصتها التشريعية والعملية، لتدعيم عمل المجلس، وإقرار أدبياته ولوائحه، لما لذلك من أثر في منح المجلس قوة وتأثيراً في مختلف المسارات وعلى كافة المستويات المحلية والخارجية، وبما يحقق بناء هيئات المجلس ودوائره على أساس متين وقاعدة صلبة، ويحقق تكامل وانتظام عمله كخلية نحل واحدة، بالتزامن مع الدعم والمساندة الشعبية التي يعبر عنها غالبية الشعب الجنوبي، وذلك باستكمال ما بُذِل من الجهود خلال الفترة الماضية، والتي تمثل أبرزها على سبيل المثال لا الحصر بالآتي: 1. أبرز الأعمال المنجزة على الصعيد الداخلي: – إعداد مسودة وثائق المجلس والتي ستُعرض على الجمعية لإقرارها، والمتمثلة بالآتي: – وثيقة المبادئ والأسس. – النظام الأساسي للمجلس. – الرؤية السياسية للمجلس. – تشكيل هيئة رئاسة المجلس بتاريخ 11 مايو 2017م. – عقد الدورة الأولى لهيئة رئاسة المجلس للفترة من 5 وحتى 9 يوليو 2017م والتي تمخض عنها تشكيل ثمان دوائر رئيسية منبثقة من هيئة رئاسة المجلس.
– باشرت الدوائر أعمالها في اختيار طواقمها العاملة منذ الوهلة الأولى لإعلانها وعمدت على إعداد وتقديم برامجها وخططها العملية، لإجتماعات هيئة الرئاسة. – تشكيل لجان التشاور والتوافق لاختيار وتشكيل القيادات المحلية بالمحافظات واختيار أعضاء الجمعية الوطنية، والتي تمخض عن نشاطها صدور قرار تعيين أعضاء الجمعية الوطنية ورؤساء القيادات المحلية بالمحافظات يوم الـ30 نوفمبر2017م. – تدشين وافتتاح فروع المجلس المحلية بالمحافظات
– التواصل مع العديد من الشخصيات الجنوبية الفاعلة من مختلف الشرائح والتخصصات بما فيهم الشباب والمرأة من سياسيين ورجال الدين والأكاديميين والإعلاميين ورجال القبائل وقيادات الحراك والمقاومة الجنوبية، والقيادات العسكرية والمدنية. اقرأ المزيد من الاتحاد نيوز : الخبجي يستعرض التقرير السياسي للجمعية الوطنية بالمجلس الانتقالي الجنوبي .