الإثنين , 23 ديسمبر 2024
screenshot_2017-12-18-16-26-39-1

ما الفارق بين “قطار” غوارديولا و”حافلة” مورينيو؟

((الواقع الجديد)) الاثنين 18 ديسمبر 2017م / لندن

 
تتعاظم في الآونة الأخيرة الهالة الإعلامية والجماهيرية حول الإسباني جوسيب جوارديولا، مدرب فريق مانشستر سيتي، بسبب النتائج القوية المتتالية التي يحققها هذا الموسم، والتي جعلت فريقه متصدرا لترتيب بطولة الدوري الإنجليزي الممتاز بفارق 11 نقطة قبل نهاية الدور الأول.

جوارديولا في مؤتمر صحفي قبيل مباراة بالتشامبيونز

فالسيتيزنز الذي يسطر تاريخا جديدا بالبريميرليغ بفضل سلسلة انتصاراته المتوالية محققا رقما قياسيا ، جعل الانظار ليس فقط تنصب على الفيلسوف بيب، ولكن تتوجه بعين المقارنة للجار الغريم مانشستر يونايتد، بقيادة البرتغالي المحنك جوزيه مورينيو، في مقارنات معتادة بينهما منذ أن تواجها بالليجا لعدة مواسم من قبل لقيادة ريال مدريد وبرشلونة.

لكن هذه المقارنات عادت لتطفو على السطح من جديد وبقوة، بل أنها مالت وجنحت لصالح بيب، ولكن علينا الاجابة على سؤال هام يتردد كثيرا في الآونة الأخيرة، عن أفضلية جوارديولا على مورينيو.. وهو ما سنجيب عنه أو سنؤكده في نقاط محددة..

مواجهة بيب ومورينيو في ديربي مانشستر

– النتائج : هذه النقطة تحديدا تصب في مصلحة جوارديولا بشكل واضح، فنتائج بيب خاصة مع الفرق الكبرى، سواء على ملعبها أو في ملعب الاتحاد، دامغة ولا تقبل التشكيك بها، وتؤكد على أفضلية بيب، بينما في المقابل مورينيو لديه تذبذب في مواجهاته مع كبار البريميرليغ خاصة خارج ملعبه، ليس على صعيد النتائج فقط، بل حتى على مستوى المردود الفني أمامهم، من الواضح عدم صلابة شخصية فريقه في تلك المواجهات.

– الرؤية الفنية : وهو أمر قد يراه البعض نسبي، لكن سنحاول تلمس بعض المواقف التي قد ترشدنا الى أفضلية أيهما، فلدينا حالة شديدة الظهور والتجلي وهي البافاري المعتزل لام، والرؤية الفنية غير الاعتيادية لجوارديولا والذي تمكن بكل جرأة أن يحول مسار اسطورة ويغير مركزه بعد مواسم طويلة من التألق في مركزه السابق، ونفس الأمر مع الابا، وبدون الوقوع تحت ضغوط الغيابات للاعب الوسط الدفاعي، الامر فقط يتعلق بـ فلسفة ونظرة تتخطى العمل التقليدي للمدرب.

– الابتكار الخططي : ربما هي أكبر النقاط التي تحتسب لصالح بيب، فالفيلسوف تمكن من ادخال طرق لعب جديدة كليةً في عالم كرة القدم، سواء باللعب بطريقة “ظل المهاجم” وأحيانا بلا مهاجم، وقد يكون عليها ملاحظات وانتقادات، لكن يكفيه أنه يفكر خارج الصندوق، ويعمل على استحداث خطط توائم فكره وفلسفته التدريبية.

– قوة الشخصية : من الامور التي قد تؤخذ على بيب في بداياته التدريبية، وهي عدم المواجهة، وعدم الحسم مع نجوم فريقه، فشاهدنا هذا الأمر يحدث إبان توليه العارضة الفنية للبلاوغرانا، مع نجمين كبيرين بحجم إيتو وزلاتان، ولكن في الآونة الأخيرة تغير الوضع الى حدٍ ما- ربما بفضل تراكم خبراته الميدانية- حيث شاهدناه في أول مواسمه يصطدم بقوة مع نجم السيتي وقتها يحيى توريه، ويرفض مشاركته قبيل تقديم اعتذار علني عن تصريحات وكيل أعماله، وهو ما حدث بالفعل.

مواجهة بيب مع فينجر

– التطور التدريبي : هذه النقطة لها بعد مختلف عن الرؤية الفنية، فالمقصود هنا اتباعه واعتناقه لأفكار تدريبية قد تكون مخالفة لبداياته كمدرب، فالفيلسوف عندما تولى تدريب البرسا اشتهر نهجه بالكرة الهجومية، والفشل أمام الفرق الدفاعية الكبرى على غرار الفرق الإيطالية، ولم يكن يؤمن بالنهج الدفاعي على الإطلاق، وهو أمر كان يؤخذ عليه وقتها، ولكن حاليا نجده يتعامل بطريقة جيدة مع الفرق الدفاعية، وحتى الإيطالية منها على غرار نابولي، كما بدأ ينحو تجاه الخطط الدفاعية، فشاهدنا دفاعاته الحصينة التي كفلت له أن يكون أقل الفرق تلقيا لأهداف بالبريميرليغ حتى الآن.

• كلمة أخيرة.. لم أحبذ أن أقول رأيي الشخصي في أفضلية بيب على المو في بداية حديثي، آثرت أن أسوق مبرراتي قبل أن أعلنها صراحةً، بأن جوارديولا هو أفضل مدرب حاليًا في عالم كرة القدم، فليس الأمر منحصرًا فقط حول التفوق بالنتائج مؤخرا، ولكن الأمر يتعلق بـ الجماعية .. الشغف بالكرة ومتعة ممارستها والذي ينقله بدوره الى لاعبيه.. الروح التواقة للفوز.. المتعة التي تجعلك بلذة الساحرة المستديرة دون أن تلمسها.

وسأضرب لكم مثالا لتدركوا مدى قيمة بيب وأفضليته على المو، لو كان دي بروين في فريق بيب هل كان يستخلى عنه مثلما فعل المو؟

بل أني أكاد أحزم بأنه لو تواجد ميسي مع مورينيو وقت صعوده من مرحلة الشباب، من المؤكد كان سيتركه يرحل سواء معارا أو نهائيًا، بحجة قلة خبراته وضعف بنيته وعدم تأقلمه…إلخ من مبررات يسوقها مدرب ليس لديه ملكة اضافة شيء للاعب صاعد أو تطويره هو فقط يرغب في أفضل اللاعبين الجاهزين ثم يجبرهم على الدفاع واللعب بطريقته.

على العكس جوارديولا ادرك مدى عبقرية موهبة ميسي، وسخر الفريق لخدمته، فجعل عظماء اللاعبين يلعبون بفكر يؤدي لتعظيم الاستفادة من قدرات الليو، مثل تيري هنري، فيا، ابراهيموفيتش، ايتو، فساهم في صناعة مجد اسطورة.

الامر ليس تقليلا لحجم انجازات ومسيرة المو، التي لا غبار عليها ابدا، ولكن الحديث يتمحور حول مدرب ذكي يطور ويبتكر ولديه نهم للتدريب، عن مدرب تحول الى ما يشبه المخرج الذي لديه “تابوهات” حركية للممثلين، يكررها في كل عمل مسرحي، مفتقدا للابداع، ومعتمدا على خبراته في تحقيق نجاحات بدون أي روح ملهمة، فالفارق بين “قطار” جوارديولا و”حافلة” مورينيو، هو الابداع والمتعة..

واخيرا.. لست من عشاق السيتيزنز.. لكني أصبحت أتابع أي مباراة لهذا الفريق.. عشقا للمحبوبة كرة القدم، التي عشقنا متعتها قبل نتائجها.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.