رحيل عملاق الطرب الاصيل الفنان الكبير أبوبكر سالم بلفقيه
((الواقع الجديد)) الاثنين 11 ديسمبر 2017 / الرياض – جمعه: عدنان باسويد
توفي الفنان الحضرمي الكبير ابن مدينة تريم (السعودي الجنسية) أبوبكر سالم بلفقيه في احد مستشفيات مدينة الرياض بعد صراع طويل مع المرض، هذا وقد اعلنت ا
لجهات المعنية عن وفاته مساء الاحد 10 ديسمبر 2017.
عانى الفنان أبو بكر سالم بلفقيه من مشاكل صحية في الـ(10) أعوام الأخيرة، على إثرها أجرى عملية قلب مفتوح في ألمانيا، ثم أدخل إحدى المصحات لفترة امتدت لأشهر، وكان قد رقد لفترات متقطعة في مستشفى الملك فيصل التخصصي بالرياض، لإجراء فحوصات طبية.
ولد أبوبكر سالم بن زين بن حسن بلفقيه في 17 مارس 1939 في مدينة تريم التاريخية بحضرموت، وهو مغن وملحن وشاعر وأديب من أصول حضرمية، وانتقل للسعودية منذ سبعينيات القرن الماضي، عاش متنقلا بين عدن وبيروت وجدة والقاهرة إلى أن استقر في الرياض.
نشأ في أسرة معروفة بالعلم والأدب في رعاية جده وعدد من أعمامه؛ إذ توفي أبوه وهو في عامه الأول، فدرس على عدد من أقاربه القرآن الكريم ومبادئ العلوم، ثم التحق بمدرسة (الإخوة) في مدينة تريم، ثم عمل مدرسًا لمادة اللغة العربية، ثم اتجه نحو الغناء والطرب، ومارس إلى جانب ذلك عددًا من الأعمال التجارية. تميز بجمال صوته في فترة مبكرة من عمره، فكان يؤذن ويردد تكبيرات العيدين في بعض مساجد مدينة تريم، وكان يشارك بعض أعمامه في إنشاد بعض الموشحات الدينية في عدد من الحفلات،
أبوبكر هو من اسرة (آل بلفقيه) المعروفة في حضرموتوهي اسرة متدينة ومثقفة اشتهرت بالعلم والتدين متفرعة من السادة باعلوي.
وقد سمي أبوبكر سالم تيمنا بجده العلامة أبوبكر بن شهاب أبرز علماء حضرموت. عاش أبوبكر طفولته يتيما حيث توفي والده وهو ابن ثمانيه أشهر واحتضنه جده الشيخ زين بن حسن، تلقى أبوبكر تعليمة على يد أكبر علماء حضرموت واتم دراستة في علوم الفقه والدين وحفظ ثلثي من أجزاء القرآن الكريم وهو في سن الثالثة عشر وقد اظهر تفوقا ملحوظا في علوم اللغة العربية والشعر وظهرت مواهبه الفنية منذ صباه. اشتهر في صباه كمنشد للأناشيد والموشحات الدينية بالإضافة إلى أنه كان مُولعاً بالأدب والشعر إلى جانب حبه الكبير للغناء الذي ما رسه بشكل رسمي بعد الانشاد.
في فترة العشرينات من عمره عمل أبوبكر في حـقـل التعليم لمدة ثلاث سنوات فهو خريج معهد إعداد المعلمين وأظهر تفوقاً في الأدب والشعر وكان أحد المعلمين المتميزين في مادة النحو كما أن مواهبه الشعريه بدأت منذ بلوغه السابعة عشر من عمره حينما كتب أول اغنيه له من كلماته وهي “يا ورد محلا جمالك بين الورود” ولديه ديوان شعري وقد سماه ديوان شاعر قبل الطرب تحتوي القصائد التي غناها والفنانين الآخرين أيضا.
غادر أبوبكر تريم في مقتبل شبابه واستقر في مدينة عدن في عهد الخمسينات وهناك تعرف بالكثير من شعرائها وفنانيها وإعلاميين من امثال الشاعر لطفي جعفر امان والفنان احمد بن احمد قاسم ومحمد سعد عبد الله ومحمد مرشد ناجي والشاعر والإعلامي فضل النقيب وغيرهم. وقدم أبوبكر نفسه على الصعيد الفني من خلال الحفلات الموسمية التي كانت تُقام في عدن، وحقق نجاحا باهرا ليفتح له الحظ أبوابه وتعرض حفلاته مسجلة ومباشرة في تلفزيون عدن، ثم الإذاعة التي بشرت بقدوم موهبة غير عادية. وكانت من أوائل اغانيه “ياورد ماحلى جمالك” من كلماته والحانه وسجلها في اذاعه عدن عام 1956م والتي غناها بعد ذلك الفنان السعودي الكبير طلال مداح. شكل ثنائي ناجح برفقة الشاعر والملحن الكبير حسين ابوبكر المحضار، فصدح بأغانيه التي أسمعت اصقاع المستديرة على مدى عقود.. وكانت لتلك الاغاني شهرة واسعة جعلت من بلفقيه فناناً عربياً وعالميا.
وفي العام 1958م غادر إلى بيروت وكانت اقامته شبه مستقره هناك في حي الروشه وسجلت معظم اعماله الفنية في تلك الحقبه هناك واستطاع من بيروت ان يوسع انتشاره إلى جميع أنحاء الوطن العربي إلا أنه غادر بيروت في العام 1975م بسبب الحرب الاهلية هناك وعاد إلى وطنه واستقر في عدن مدة قصيرة وغادرها ليستقر بعدها في مدينة جدة ثم في الرياض.
تميز الفنان أبوبكر سالم بثقافة عالية انعكست وعيًّا فنيًّا واسعاً في تجربته الطويلة، كما تميز بعذوبة صوته، وتعدد طبقاته بين القرار والجواب، وبالقدرة على استبطان النص وجدانيًّا بأبعاده المختلفة فرحًا وحزنًا، كما تميز بقدرته على أداء الألوان الغنائية المختلفة، فإلى جانب إجادته للأغنيتين الحضرمية والعدنية، فقد أجاد الغناء الصنعاني الذي بدأ يمارسه منذ بداياته الفنية.
2017-12-11