“الواقع الجديد” الخميس 26 أكتوبر 2017
خلال ما سمي بالربيع العربي راهنت قطر على الإطاحة بالعديد من الحكومات العربية، مفترضة أنه سيحل محلها المجموعات الإسلامية الأكثر تنظيماً من بقية الكيانات المعارضة الضعيفة وغير السياسية، وربما كان في ذهن القيادة القطرية ثورة الخميني التي أطاحت بشاه إيران، وأحلت مكانه الملالي .
أما في اليمن فقد تمت ترجمة هذا الأسلوب بدعم كبير لجماعة الإصلاح، الذين يسيطر عليهم الفرع المحلي لـ «الإخوان المسلمين»، والذين شكلوا مجموعة إسلامية متطرفة لها تداخلات كثيرة مع «تنظيم القاعدة».
ونتيجة الدعم المالي والسياسي والإعلامي القطري، لعبت مجموعة الإصلاح دوراً كبيراً في معارضتها ضد الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح، والذي كانت له مقولة شهيرة قالها في خطاب له عام 2011 قبل بضعة أشهر من توقيع الاتفاق الذي رعته دول مجلس التعاون الخليجي، لنقل السلطة: «نحن نحصل على شرعيتنا من الشعب اليمني وليس من قطر التي نرفض مبادراتها».».
ووجدت قطر نفسها في علاقة وثيقة مع قيادة جماعة الحوثيين، وفي الوقت ذاته كانت تدعم مجموعة الإصلاح، إضافة إلى «تنظيم القاعدة». وعندما اندلعت الأزمة الدبلوماسية الحالية سارعت قيادة الحوثي إلى الإعراب عن دعمها لقطر.
ولطالما استخدمت قطر، التي تعتبر أكبر مصدر للغاز في العالم، ثروتها الضخمة لتنفيذ سياستها الخارجية ولدعم المجموعات المتطرفة جهاراً نهاراً، بمن فيهم «الإخوان المسلمين»، وهي تستضيف أكبر قاعدة أميركية عسكرية في الشرق الأوسط هي قاعدة العيديد التي تضم نحو 11 ألف جندي أميركي، إلا أن قطر كانت تؤكد دائماً أنها وسيط محايد.
اعترافات اخوانية تدين قطر
أبرز تلك الاعترافات وردت في قضية 304 من التنظيم المسمى “حسم” التابع للإخوان، المتورطين في تنفيذ أعمال إرهابية، ففي اعترافاتهم أمام أجهزة الأمن، في 19 يناير الماضي أكدوا أنهم تلقوا تدريبات على يد أجهزة استخبارات قطر وتركيا.
من أهم الاعترافات التي جاءت على لسان قيادات الإخوان، تفضح قطر، اعترافات كريمة الصرفي، ابنة مستشار الرئيس مرسي أمين الصرفي، الذي أكدت أنها سلمت وثائق متعلقة بالأمن القومي المصري إلى مسئولين قطريين، في عهد الرئيس محمد مرسى، وذلك في القضية المتهم فيها الرئيس مرسي وعدد من قيادات الإخوان والمعروفة إعلاميا بـ “التخابر مع قطر” والتي قضى فيها بالحكم بالسجن المؤبد ضد مرسى.
ومن أبرز الاعترافات التي جاءت على لسان الإخوان ما قاله عبد الرزاق مقري رئيس حركة مجتمع السلم “إخوان الجزائر” عن وجود علاقة قوية بين النظام القطري بإسرائيل، مشيرا إلى وجود علاقة تجارية سرية بينهما منذ عام 1996.
وقال “مقري” في مقال نشر على الموقع الرسمي لإخوان الجزائر:” الدوحة اتجهت نحو ربط علاقات تجارية سرية وعلنية مع إسرائيل منذ 1996″ مؤكدًا النظام القطري من أكبر الأنظمة الداعمة للحركات الإسلامية والجماعات في المنطقة، زاعما أن نجاح النظام القطري في الجوانب الاقتصادية وراء محاصرته من جانب دول عربية وإسلامية، مشيرا إلى أن قطر تربطها علاقة قوية جدا بأمريكا ولذلك أنشت الولايات المتحدة الأمريكية قاعدة العيديد داخل الدوحة.
وأوضح “المقري” أن الدوحة تعتمد على قناة الجزيرة للعب دور كبير في إشعال الثورات داخل المنطقة، مشيرًا إلى أن الدوحة دعمت الربيع العربي من خلال قناة الجزيرة ومن خلال المساعدات التي قدمتها للإخوان في مصر وتونس واليمن.
وفى هذا السياق يقول الدكتور طارق فهمي، استاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة أن الإخوان فضحت قطر دون ان تقصد، فالجماعة تحرص دائما على أن تخفى علاقة قطر بإسرائيل وتكذب التطبيع بين الطرفين، ولكن اعترافات رئيس إخوان الجزائر فضحت الدوحة أمام أنصار الجماعة.
ويشير أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة، إلى أن قطر تعد من أكثر الدول العربية التي تطبع مع إسرائيل، وهناك استثمارات ضخمة بين الطرفين منذ التسعينيات حتى الآن، على خلاف باقي الدول العربية التي لم تقدم على ما أقدمت عليه قطر.
قطر وإرهاب جماعة الاخوان في اليمن
كشف تقرير أميركي عن رصد المخابرات الأميركية لعمليات دعم وتمويل الجماعات المتطرفة باليمن من قبل قطر التي تربطها علاقة وطيدة بجماعة الإخوان باليمن خصوصاً حزب التجمع اليمني للإصلاح. وبحسب التقرير الصادر عن وحدة من الاستخبارات الأميركية تم رصد حوالي 4 ملايين أرسلت في العام 2012 من دولة قطر إلى اليمن بواسطة القيادي في حزب الإصلاح صلاح مسلم باتيس الذي تسلم المبلغ على دفعات عبر مؤسسة العمقي إخوان للصرافة (فرع حضرموت).
وبحسب المعلومات التي حصلت عليها المخابرات الأميركية فإن صلاح باتيس الذي يترأس إدارة جمعية البادية الخيرية التابعة لجماعة الإخوان بحضرموت قام بتحويل نصف المبلغ إلى قيادات من حزب الإصلاح في صنعاء لتمويل أنشطة الحزب ونشطاء ممن شاركوا بالثورة الشبابية التي اندلعت في اليمن ضد النظام السياسي العام 2011.
وسعت الاستخبارات الأميركية جاهدة إلى معرفة مصير مليوني دولار المتبقيّة لدى باتيس بعد أن ساورها القلق في أن يكون المبلغ المحوّل إلى صنعاء سلمَّ لأيدي قيادات يشتبه في انتمائها لتنظيمات إرهابية ترتبط بشكل مباشر بحزب التجمع اليمني للإصلاح وكانت وزارة الخزانة الأميركية أدرجت أواخر العام الماضي مؤسسة «العمقي إخوان للصرافة» ضمن الشركات المموّلة للإرهاب مما أثار تساؤلات حول النشاطات المشبوهة التي تزاولها الشركة كعمليات غسيل أموال (القاعدة) التي نهبت أكثر من 17 مليار ريال يمني من البنك المركزي في المكلا، علاوة على احتكار الشركة للسيولة النقدية المحلية، وتهريب مبالغ طائلة من النقد الأجنبي خارج البلاد. ما مكنها من التحكم بأسعار العملات، إضافة إلى علاقتها بعدد من المتنفذين اليمنيين في منفذ الوديعة الحدودي، الذي تتولى الشركة مهمة ضخ إيراداته إلى صنعاء. وقضى قرار الخزانة الأميركية إلى فرض عقوبات على الشركة، وإضافة إلى مراقبة أصولها المالية بالعملة الأجنبية، في حين حذر الأميركيين من التعامل معها للاشتباه في دعمها لتنظيم «القاعدة في جزيرة العرب».
وكشفت وثائق تمت مصادرتها في 29 يناير 2017م من قبل القوات الامريكية التي قامت بأنزال مباغت في محافظة البيضاء التي تعد الوكر الأبرز لتنظيم القاعدة، عن علاقة علي محسن الأحمر والتجمع اليمني للإصلاح المدعومين من قطر بعملية التسليح لتنظيم القاعدة الإرهابي وعمل وصول المواد المتفجرة إليه والمستخدمة في تفخيخ السيارات والعبوات والأحزمة الناسفة.
وكشف الناطق باسم وزارة الدفاع الأميركية «بنتاغون» جيف ديفيس أن الهدف من الإنزال كان جمع معلومات استخبارية في عملية خاطفة تضع خلالها القوات الأميركية يدها على أكثر قدر ممكن من الوثائق والحواسيب والأجهزة الإلكترونية.
وبحسب مصادر استخباراتية، فإن الوثائق كشفت عملية إشراك حزب الإصلاح لتنظيم القاعدة في السيطرة على بعض المناطق الجديدة تحت مسمى اللجان الأهلية، خاصة في شبوة ومأرب والبيضاء، حيث أقيمت معسكرات لأول مرة للتنظيمات الإرهابية.
كما كشفت الوثائق عن استخدام حزب الإصلاح للإرهابيين لتنفيذ اغتيالات ضد معارضيه، والتي من أبرزها تنفيذ عملية الاغتيال التي طالت محافظ عدن اللواء جعفر محمد سعد بتاريخ 6 ديسمبر 2015، حيث تم التخطيط للعملية في البيضاء، وتم تنفيذها بالتعاون مع جماعة إرهابية كانت تسيطر أنذاك على مدينة التواهي قبل تطهيرها من قوات الأمن فيما بعد.
كما أكدت الوثائق أن حزب الإصلاح وحلفاءه يقفون وراء تفجيرات فندق القصر بتاريخ 6 أكتوبر 2015، وعدد من عمليات الهجوم على معسكر قوات التحالف العربي في البريقة، بالإضافة لعمليات الاغتيالات والتي طالت عدداً من الأمنيين في عدن ولحج وابين وحضرموت.
وقيام قيادات في حزب الإصلاح بالوقوف خلف إطلاق سراح معتقلي تنظيم القاعدة في كل من ابين وحضرموت والبيضاء وعدن في العام 2011، مشيرة إلى أن عملية إطلاق السجناء الإرهابيين تكررت حتى وقت قريب في عدن بتساهل وتحركات من حزب الإصلاح. وشهد مارس الماضي مفاجأة من العيار الثقيل حين كشف عن تورط قيادات يمنية وبدعم قطري في تبني تنظيم القاعدة في اليمن.
موقف قطر من الاسماء اليمنية التي تم تصنيفها ضمن قائمة الإرهاب
فرضت الولايات المتحدة عقوبات مالية على أفراد وكيانات يُشتبه في صلتها بتنظيمي القاعدة والدولة الإسلامية في اليمن.
واستهدفت العقوبات المالية 11 فردا، بينهم رضوان قنان، مسؤول التمويل بتنظيم الدولة الإسلامية، ونشوان العدني “أبو سليمان” الذي تفيد تقارير بأنه مسؤول الاغتيالات بالتنظيم.
وتشمل قائمة الأفراد كذلك نايف صالح سالم القيسي، وعبد الوهاب محمد عبد الوهاب الحميقاني، وهاشم محسن عيدروس، خالد عبد الله صالح المرفدي، وسيف الرب سالم الحيشي، وعادل عبده فاري عثمان الذهباني، ووالي نشوان اليافعي، وخالد سعيد غابش العبيدي، وبلال علي الوافي.
كما استهدفت العقوبات كيانين، هما جمعية الرحمة الخيرية، وسلسلة متاجر “الخير” في اليمن.
وتهدف العقوبات إلى منع التحويلات المالية مع هؤلاء الأفراد، وذلك في محاولة لتجفيف منابع تمويل العمليات التي ينفذها التنظيمان.
وتأتي هذه العقوبات في إطار إجراء جماعي اتخذته كافة الدول الأعضاء في مركز مكافحة تمويل الإرهاب (TFTC) وهي: (الولايات المتحدة الأمريكية ودولة قطر والمملكة العربية السعودية ومملكة البحرين ودولة الكويت وسلطنة عمان والإمارات العربية المتحدة).
ونتيجة لهذه الإجراءات، فرضت دولة قطر عقوبات على 11 شخصاً وكيانين بموجب المرسوم بقانون رقم (11) لسنة 2017، وبالتالي، يخضع هؤلاء الأشخاص وهذان الكيانان لعقوبات من بينها تجميد الأصول وحظر السفر، مما يؤكد على التزام دولة قطر التام والمتواصل بمكافحة الإرهاب وتمويله.