((الواقع الجديد)) السبت 7 اكتوبر 2017 / الشحر – انور السكوتي
وسط اجواء فرائحية تجلى فيها عبق الماضي برياحينه وعبير الحاضر بأزهاره, احيت مدينة الشحر زيارتها السنوية الشهيرة والمعروفة بزيارة (سالم بن عمر) والتي تستمر كعادتها لخمسة ايام متتالية ابتدأ من 12 محرم حتى 16 محرم من كل عام, حيث شهدت المدينة هذا العام حضور بشري منقطع النضير لهذا العرس التراثي مقارنة بالاعوام السابقة التي كادت فيه هذه الزيارة ان تندثر وتموت.
هذا وكتقليد دأب الشحريون على التمسك به وإحيائه ومعهم من يشاركهم فرحتهم العرائسية هذه من الفرق الشعبية القادمة من غيل باوزير وحضرموت الوادي, ان شاركت في احيائه عدد من الفرق الشعبية التابعة لأحياء وحارات المدينة والتي تقدمت المواكب بعروض راقصة للعبة العدة الشهيرة, ومنها عدة المجرف وعدتي عقل باعوين وعقل باغريب والخور والتي أمتعت المتفرجين بعروضهم الراقصة.
ولعل اشهر ماميز هذه الفعالية هذا العام وجعل لها رونقاً خاصاً في النفوس يجدد الامل ويبعث النشوة على قرب تحقيق حلم الجنوبيين في استعادة دولتهم, ان رفعت في الساحة الاعلام الجنوبية, وعلت راياتها رؤوس الراقصين, في رسالة واضحة تفيد ان هذا الشعب الحر لازال متمسك بآماله وتطلعاته التحررية بالرغم من كثر المحاولات للنيل منها. وانه رافضاً لأية مشاريع لا تلبيها كالأقلمة او الدولة الاتحادية التي تروج لها السلطة الحاكمة.
والجدير ذكره فأن تاريخ هذه الزيارة يعود الى قيام الإمارة البريكية (إمارة آل بن بريك) التي حكمت المدينة وضواحيها في الفترة (1165-1283هــ/ 1751-1866م) وجعلت من مدينة الشحر عاصمة لها. ويعود الفضل في إرساء دعائمها بناء على احد الاقوال الى الامير (علي بن ناجي بن بريك) الملقب بـ(القحوم) الذي حكم في الاعوام (1193-1220هـ/ 1779-1805م), وهذا الرأي تبناه المؤرخ عبدالله بن محمد باحسن جمل الليل في كتابه نشر النفحات المسكية في اخبار الشحر المحمية بينما رأي آخر تبناه المؤرخ محمد عبدالقادر بامطرف يفيد الى ان من تبنى هذه الزيارة واقام قبه على قبر الولي (سالم بن عمر العطاس) هو الامير (علي بن ناجي) (الثاني), عرفاناً وتقديراً منهم بالدور الذي لعبته أسرة آل العطاس في تثبيت وترسيخ حكمهم بعد ان تم ازاحة الفصائل اليافعية الأخرى التي كانت تتقاسم سيطرتها على المدينة, فضلاً عن تدخل تلك الاسرة (العلوية) لفض بعض النازعات داخل الاسرة البريكية نفسها.
وقد تباينت الاقوال في تاريخ وفاة الولي (سالم بن عمر العطاس) بين من قال عام 1195هـ/1781م, وبين من قال عام 1225هـ/ 1810م والاخير اقرب للصح بإتفاق بعض الباحثين. كما دفن في داخل قبة سالم بن عمر كلاً من الامير علي بن ناجي بن بريك, والامير حسين بن ناجي بن عمر بن بريك, وصالح بن عبود بن قحطان بريك. اما عن تفاصيل الزيارة وبرنامجها فهو لا يختلف كثيراً عما هو حاصل الأن وللتفصيل يمكن الرجوع الى كتاب (امارة آل بن بريك) لخالد بن حسن الجوهي, او بحث الاستاذ عبدالله صالح حداد بعنوان زيارة الشحر وصاحبها العطاس, فضلاً عما كتبه كلاً من المؤرخين سابقي الذكر باحسن وبامطرف.