((الواقع الجديد)) الاحد 4 يونيو 2017
بقلم / م. جمال باهرمز
لو كان الشهيد الثلايا عايش لكرر مقولته لنخب ومكونات الشمال السياسية الحاكمة (لعنكم الله من عصابات. اراد شعب الجنوب لشعبكم الحياة الكريمة. فانقلبتم على الوحدة وأعلنتم الحرب عليه. وكفرتم شعبه ونهبتم ثرواته واقصيتم واغتلتم كوادره وجهلتم اجياله).
لعنة الثلايا هذه المرة إن كان عايش لن تكون موجهه لشعبنا العربي الطيب في الشمال. لان الاحداث اثبتت انه خانع مستسلم وليس بيده الا ما تقرره عنه عصابة صنعاء بطرفيها الهاربة والمتمردة.
ستستمر لعنة الثلايا ولعنة الرئيس الشهيد الحمدي للعصابة التي اختطفت دولته المدنية واغتالته. وصادرت القرار في الشمال. ستستمر مادام تتوفر أسباب البقاء لهذه العصابة واولها بقاء وحدة الفيد والنهب والارهاب.
البداية كانت مع اقتراب يوم الوحدة بين الشمال والجنوب. ولان هذه العصابة بطرفيها في صنعاء لا تستطيع البقاء في ظل دولة مدنية ديمقراطية عادلة فكان لزاما إيجاد مولود لقيط وغير شرعي منها يعمل في الظل او في العلن ليعطل كل الاتفاقيات مع قادة دولة الجنوب بعد الوحدة مباشرة.
الجنوب الذي يرفد دولة الوحدة ب 80% من ميزانيتها. الجنوب الذي يعتبر قبل الوحدة رابع دولة عالميا في الرعاية الاجتماعية لمواطنيه وأول دولة في الشرق الأوسط تقضي على محو الامية والفساد. الجنوب الذي أراد قادته وشعبه انتشال الشمال من اللا دولة فهوت به عصابات الشمال الى الدولة الإرهابية العميقة.
وتم لطرفي العصابة ذلك بلحظة مكر سرية بين الرئيس المخلوع عفاش وشيخه المقبور عبد الله الاحمر ، لحظه من اوسخ لحظات الغدر والمكر والخيانة تتجلى حين رئيس الدولة يحث شيخه وشيخ مشايخ قبائل دولته ويقول له (ستكونوا حزب رديف لنا وعونا مهمته التعطيل بدلا عنا لأي اتفاقيات وقعنا او سنوقع عليها. ولكنها لا تتوافق مع توجهاتنا). وطبيعي ان العصابات تنكث العهود والأمانة والمواثيق بل ان نكث العهود من أسباب بقائها.
وجاءت اللقيطه لتظهر وتكبر وتتآمر وتكسب أنصار بعيدا عن اعين الشرفاء في البداية. بلحظه غادره من زمن الافراح والدموع بانتظار قادم الايام لرفع علم دولة الوحدة. كانت هذه اللقيطه الغير شرعية. ميلاد للدولة العميقة في صنعاء.
ظهرت اللقيطه للملا بعد الوحدة مباشره بهيئة متخفية كأحزاب سياسية شمالية وزعت الأدوار والمهام والقرار فيها لقادة وعناصر الامن الوطني الشمالي والذي هو جزء من طرفي نفس عصابة صنعاء. فأصبح الناصري والبعثي والقومي والسلفي والشيعي والإصلاح والمؤتمر يصادروا قرار الدولة المدنية الوليدة لخدمة الدولة العميقة التي ستنشى على أنقاض دولة الوحدة.
-كسبت هذه اللقيطة وأنصارها واعوان واعلام وأدوات قوة واموال من الداخل والخارج. يكذبون بكل صدق يمارسون التقيه بكل فنون التمثيل. يصلون بكل نفاق يذبحون الابرياء مع التكبير والتهليل. يدمرون المجتمع بكل اخلاص. يمارسون التبعية والعمالة بكل مصداقيه جهارا نهارا.
حقيقة ماذا ينتظر من رئيس دولة بدلا من محاربة الرشوة والفساد يصرح لشعبه ويقول عليكم بتقليب الايادي ليسمح لهم بممارسة الفساد والرشوة والمحسوبية.
كانت مهمة هذه الأحزاب والمكونات اللقيطه ضم وإلحاق ارض وثروات الجنوب لنفوذ عصابة صنعاء. وطمس هويته وثقافته ومسحها ولو بإبادة شعبه.
ظهرت هذه التصرفات والاعمال الإجرامية مع اول سنه وحده بين الشمال والجنوب. فكان الوزير الجنوبي منزوع الصلاحيات لصالح نائبه الشمالي وكل من في الوزارة ومؤسساتها في صنعاء لا ينفذ له أي تعليمات.
تم اغتيال كوادر الجنوب وتهييج وتهيئة الشعب في الشمال لخوض معركة الدفاع عن الحق اليمني في الجنوب. فأصبحت المساجد والمعاهد والمنتديات خطبا ومرتعا لتكفير أبناء الجنوب وقتالهم وابادتهم بعذر شرعي.
لم تعد مؤسسات لدولة الوحدة تسير بدستورها وقوانينها. فالغوا الدولة ومؤسساتها فأصبح قاضي المحكمة الرسمي والنائب العام وكل مؤسسات الدولة تتبع ما يحكم به العرف والشيخ القبلي او شيخ الدين او القائد العسكري. وهم امتداد لأركان الحكم والقرار لعصابة صنعاء بطرفيها قادة الدولة الإرهابية العميقة.
وحتى عندما اختلف قادة هذه الأحزاب (طرفي عصابة صنعاء) على السلطة والتوريث في 2014م فهرب طرف منهم الى الجنوب واحتضنهم شعبه وامنهم من خوف واطعمهم من جوع. ودافعت عنهم مقاومته وانتصرت على الطرف الاخر المتمرد من العصابة.
-أبى هذا الطرف الا ان يصادر قرار هذا الشعب الطيب ويسرق معوناتهم واغاثتهم ويحارب ابطال الجنوب وحراكه ومقاومته وسلطاته المحلية وشعبه بحرب الخدمات القذرة حتى اللحظة. بدلا من توجيه جهده والتعاون مع ابطال الجنوب ودول التحالف للقضاء على التمرد في صنعاء.
وهذا الدور الذي انيط بالطرف الهارب من عصابة صنعاء. يضعف المقاومة في المناطق المحررة (الجنوب) وبعض محافظات الشمال حفاظا على قوة الطرف المتمرد في صنعاء. لتسيير دفة الحرب باتجاه حل سياسي وإعادة اللحمة لطرفي عصابة صنعاء. لتعود باسم الشرعية ويعود الجنوب لباب اليمن بالقرارات الدولية والتسوية السياسية.
لان الاحداث والأدلة اثبتت ان جيوش الأحمر والمقدشي في مارب المنضوية كذبا تحت شرعية الرئيس هادي. اثبتت انها على اعلى تنسيق مع صنعاء ولا يهمها القضاء على التمرد بقدر ما يهمها القضاء على مقاومة وحراك الجنوب وإعادته مره اخرى تحت إدارة باب اليمن. فكان لأرسال مواد الإغاثة والمواد العسكرية والقتالية التابعة لدول التحالف لحكام صنعاء واعطائهم احداثيات قوات التحالف والمقاومة الجنوبية لضربها اهم الأدلة على خيانة هؤلاء والتنسيق مع صنعاء.
هذا السيناريو الذي تقودنا اليه طرفي عصابة صنعاء يؤسس لإهداء الشمال والجنوب والامن القومي العربي لدولة فارس سياسيا متجاهلا وملغيا انتصارات الجنوب ودول التحالف العربي عسكريا وهو الخطر الأكبر بعينه كالاتي:
اعتقد ان الحصار السياسي للخليج ودول العالم العربي يبدا بالحصار البحري أولا .اي بالتحكم بخطوط الملاحة .وبما ان الملاحة في الخليج العربي ومضيق هرمز من الجهة الشرقية لجزيرة العرب تتحكم فيه ايران وخاصه بعد احتلالها لجزر الامارات الثلاث والتي نصبت فيها صواريخ تهدد كل دول الخليج واضعاف قوة العراق والذي اصبح يسير في فلكها .فلم يعد ممكنا ان يفرط العرب واولهم مصر والخليج بالملاحة والممرات المائية في اتجاه الحدود الغربية والجنوبية لجزيرة العرب (بحر العرب والبحر الاحمر وجزره ومضيق باب المندب) لان تمكين حلفاء ايران منهما يعني السيطرة الفعلية لها على الملاحة والاقتصاد والتجارة في سبيل الضغط السياسي والعسكري .واي تصعيد بعد ذلك ستكون نهاية للوجود العربي والهيمنة العربية على هذه الممرات المائية.
ومن هذه الجزئية. ليس من الحكمة ان يفرط العرب بالجنوب واعادت شعبه الى باب اليمن لان ذلك يعني سيطرة إيران على الجنوب الى جانب الشمال الحليف بعد ايقاف الحرب والذي سيترتب عليه منع تدخل الدول في الشأن المحلي اليمني.
-اذن مسالة القضية الجنوبية تبنى عليها مبدا استمرار الحفاظ على الامن القومي العربي والخليجي وهي مساله سياسية بالدرجة الأولى وصراع وجود وحدود.
وهذه الأدلة تدعم رأينا بان فك ارتباط الجنوب يعتبر اهم ركن في الحفاظ على الامن القومي العربي في صراع الوجود بين إيران وحلفائها والعرب. ولا نبالغ ان قلنا ذلك لان ابناء الجنوب اثبتوا انتمائهم لعروبتهم واشقائهم وامانتهم وبسالتهم.
ان الاعتراف بالمجلس الجنوبي الانتقالي يعتبر حجر الزاوية وفي مصلحة الدول الخليجية والعربية وامن العالم .والعكس هو ضياع هذه المصلحة .لأنه عندما تنتهي الحرب بتسوية سياسية غير ممثل فيها شعب الجنوب .فمن الطبيعي ان تعود جيوش صنعاء المتمردة بأمر قيادتها في صنعاء والهاربة في مارب الى مدن عدن والجنوب بحجة فرض الجيوش الوطنية على كامل السيادة والتراب الوطني لليمن وهذا حقهم الدستوري والقانوني مع انه في الواقع انقضاض وإعادة اجتياح الجنوب .ولأيمكن ان يتدخل الاشقاء او الأصدقاء مما سيجعل الجنوب وشعبه بعد سنوات التطبيع وبحكم الحاجه اداه بأيد دولة فارس سيصبح ابناء الجنوب عساكر يأتمروا بأمر زيود الهضبة (طرفي عصابة صنعاء الهاربة والمتمردة) ليصبحوا راس الحربة في الهجوم على دول الخليج واولها السعودية .مثلما ابناء تعز الان هم اكثر المقاتلين في جيوش الحوثي وعفاش والاحمر.
هذا السيناريو المخيف لن ينتهي ويفشل في مهده الا في حالة واحدة وهي الاعتراف ثم التعامل مع (المجلس الجنوبي الانتقالي) والذي شكل حديثا بأجماع جنوبي شعبي كبير. ان الاعتراف والتعامل مع هذا المجلس بصوره رسمية من قبل الأمم المتحدة لتكون له شرعية الاستنجاد واستدعاء الاشقاء والأصدقاء والمجتمع الدولي سيمنع العدوان تحت أي حجج او مبررات. وسيرفع وينهي الوصاية من أي أطراف او مكونات شمالية على الجنوب وشعبه في حالة السلم او الحرب. وهنا فقط ينتهي التهديد الإيراني للسيطرة على الجنوب وتهديد امن العرب ووجودهم. مثلما هو حاصل في الشمال.