((الواقع الجديد)) الاربعاء 5 أبريل 2017 / bbc (متابعات)
قال البيت الأبيض إنه “واثق” من أن حكومة الرئيس السوري بشار الأسد تقف وراء هجوم كيميائي محتمل وقع يوم الثلاثاء وأودى بحياة 58 شخصا على الأقل في بلدة خان شيخون، التي تسيطر عليها المعارضة في محافظة إدلب، شمال غربي سوريا.
وبحسب المرصد السوري لحقوق الانسان (المعارض)، ومقره بريطانيا، فإن طائرات سورية أو روسية شنت ضربات جوية أدت إلى اختناق العديد من الأشخاص.
وأفادت مصادر طبية ونشطاء بأن طائرات حربية أغارت بعد ذلك على عيادات محلية كانت تعالج الناجين من الهجوم.
ونفى الجيش السوري أن تكون الحكومة قد استخدمت أيا من هذه الأسلحة.
وندد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب في بيان له ما وصفه “بالهجمات الشنيعة” التي شنتها حكومة الرئيس الأسد.
وقال وزير الخارجية الأمريكي ريكس تيلرسون: “إنه من الواضح أن هذه هي الطريقة التي يعمل بها بشار الأسد من خلال الهجمية الوحشية ودون تردد.”
ونددت بريطانيا وفرنسا ودول أخرى بهذا الهجوم، والذي، حال تأكده، سيكون واحدا من أكثر الهجمات الكيميائية دموية في الحرب الأهلية السورية.
روايات شهود عيان
وبحسب التقارير، فإن طائرات حربية هاجمت بلدة خان شيخون الواقعة تحت سيطرت المعارضة والواقعة على بعد نحو 50 كيلومترا جنوب مدينة إدلب في وقت مبكر من يوم الثلاثاء بينما كان العديد من الأشخاص نائمين.
وقال حسين كيال، وهو مصور لدى مركز إدلب الإعلامي المؤيد للمعارضة، في تصريح لوكالة أسوشيتد برس إنه استيقظ على صوت انفجار نحو الساعة 06:30 صباحا بالتوقيت المحلي (03:30 بتوقيت غرينتش).
وأوضح أنه فور وصوله إلى موقع الهجوم لم تكن هناك أي رائحة ووجد بعض الأشخاص مستلقين على الأرض وغير قادرين على الحركة بينما كان هناك تلاميذ صغار محاصرون.
وقال محمد رسول، رئيس هيئة الإسعاف المحلية، في إدلب لبي بي سي إن المسعفين التابعين للهيئة وجدوا بعض الأشخاص العديد منهم أطفال يعانون من اختناق في الشارع.
ونقل المرصد السوري لحقوق الإنسان عن مسعفين قولهم إنهم عالجوا أشخاص بسبب إصابتهم بغثيان وقيء ورغوة عند منطقة الفم.
وشاهد صحفي يعمل لدى وكالة فرانس برس فتاة صغيرة وامرأة واثنين من كبار السن متوفين في المستشفى وكانت عليهم جميعا آثار رغوة حول الفم.
وذكر الصحفي أن نفس المنشأة تعرضت لهجوم بصاروخ بعد ظهر الثلاثاء ما تسبب في سقوط الركام على رؤوس الأطباء وهم يعالجون المصابين.
ولم يتضح مصدر القذيفة، لكن مركز إدلب الإعلامي ولجان التنسيق المحلية المعارضة ذكرا أن طائرات حربية استهدفت العديد من العيادات.
لكن صحفيين موالين للحكومة نقلوا عن مصادر عسكرية محلية قولها إنه كان هناك انفجارا في مصنع للأسلحة الكيميائية تابع لتنظيم القاعدة في خان شيخون حدث جراء غارة جوية أو حادث عرضي.
وأكدت وزارة الدفاع في روسيا، حليفة الأسد، أنها لم تنفذ أي ضربات جوية في هذه المنطقة.
كم عدد الضحايا؟
قدّر المرصد السوري لحقوق الإنسان عدد القتلى بـ58 شخصا من بينهم 11 طفلا، لكن رئيس هيئة الإسعاف المحلية محمد رسول ذكر أن الهجوم أودى بحياة 67 شخصا وأصاب 300 آخرين.
وذكرت وكالة خطوة الإخبارية الموالية للمعارضة أن 100 شخص قتلوا جراء الهجوم.
وقال اتحاد منظمات الرعاية الطبية إن أكثر من 100 شخص لقوا حتفهم في الهجوم الذي وقع في خان شيخون الثلاثاء.
وأشار مركز إدلب الإعلامي إلى أنه توقف عن إحصاء القتلى بسبب كثرة الضحايا.
“هجوم مروع”
وأكد مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، ستافان دي ميستورا، أن مجلس الأمن الدولي سيجتمع للمطالبة بمحاسبة المسؤول عن الهجوم.
وقال دي ميستورا، في مؤتمر دولي حول سوريا في بروكسل “كان هذا مروعا، ونطالب بتحديد واضح للمسؤولية وبالمحاسبة، وأنا على ثقة بأن اجتماعا لمجلس الأمن سيعقد بهذا الشأن”.
ونقلت وكالة رويترز للأنباء عن مسؤول بارز في وزارة الخارجية الأمريكية، رفض الكشف عن هويته، قوله إن واشنطن تتحرى الحقائق بشأن الهجوم “وإن تأكد ما يعتقد بشأنه فإنه بالتأكيد جريمة حرب”.
واتهم الرئيس الفرنسي، فرانسوا هولاند، القوات الحكومية السورية بالمسؤولية بشكل مباشر عن الهجوم، مضيفا أن الرئيس السوري “يعول على تواطؤ حلفائه للتصرف دون خوف من العقاب” في إشارة إلى روسيا.
وأضاف هولاند “بوسع أولئك الذين يدعمون هذا النظام مجددا تقييم حجم مسؤوليتهم السياسية والاستراتيجية والأخلاقية”.
“دليل آخر على همجية النظام السوري”
وأعربت رئيسة الوزراء البريطانية، تيريزا ماي، عن صدمتها “للتقارير التي تشير إلى هجوم بالأسلحة الكيميائية على مدينة جنوب إدلب”.
وأضافت ماي أن “هذا الهجوم دليل آخر على همجية النظام السوري إن ثبت تورطه”.
وأكدت رئيسة الوزراء البريطانية أن بلادها “كانت في مقدمة الجهود الدولية للدعوة لمحاسبة النظام السوري وداعش بشأن استخدام الأسلحة الكيميائية”، مضيفة “أنا واضحة جدا في أن لا مستقبل للأسد في سوريا مستقرة تمثل كل السوريين”. ودعت ماي إلى مرحلة انتقالية بدون الأسد.
ما هي المادة المستخدمة في الهجوم؟
أوضح المرصد السوري أنه لا يمكنه تحديد المادة التي أسقطت بالضبط في الهجوم.
لكن مركز إدلب الإعلامي ولجان التنسيق المحلية قالا إنهما يعتقدان أن المادة التي استخدمت في الهجوم هي غاز الأعصاب سارين وهي مادة عالية السمية وأقوى 20 مرة من مادة السيانيد.
ومن المستحيل تقريبا اكتشاف غاز السارين لأنه مادة شفافة وليس لها لون أو طعم أو حتى رائحة في أنقى صورها.
وأكد الجيش السوري في بيان بثته وكالة الأنباء الرسمية (سانا) أنه لم ولن يستخدم مطلقا الغاز السام.
وكانت دول غربية اتهمت الحكومة السورية من قبل بإطلاق صواريخ محملة بغاز السارين على مناطق في ريف دمشق تخضع لسيطرة المعارضة في أغسطس/آب عام 2013، ما أسفر عن مقتل مئات الأشخاص.
ونفى الرئيس الأسد هذا الاتهام آنذاك وألقى باللائمة على مقاتلي المعارضة، لكنه وافق بعدها على تدمير ترسانة سوريا من الأسلحة الكيماوية.