الجمعة , 15 نوفمبر 2024

لا يعرف الفضل لأهله إلا ذووه

((الواقع الجديد)) الخميس 23 مارس 2017

 

كتبه/ د. محمد بن غالب العمري

 

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه.
وبعد : فقد قدمت الإمارات ولازالت تقدم فلذات أكبادها نصرة للمظلوم، ودفعا للظالم، وإقامة للعدل، وتثبيتا للأمن.
لم تكن الإمارات حين خاضت موقفها المشرف مع شقيقتها الكبرى المملكة العربية السعودية في عاصفة الحزم وإعادة الأمل. لم تكن على علم كم هي مدة الحرب وإلى متى ستستمر. والحرب هذه طبيعتها فربما نعرف بداياتها ولكن نهايتها بيد الله هو العليم بذلك.
لكن الإمارات كانت على يقين أن التحدي قائم وأن الصعاب لا تدعو للاستسلام فلم يقف عطاؤها ولا ضعف عن أوله. بل تزداد عطاء، كما تزداد أصرارا.
من لم يعرف تربية أبناء زايد وعناية خليفة ونظرة المحمدَين فلن يحسن تفسير موقف الإمارات، فأي جهل يعيشه بعض المحللين، المتحللون من الأخلاق والقيم، الذين عرضوا دينهم ثم وطنيتهم للبيع في سوق النخاسة؟! .
نعم هناك الطاعنون المنتقدون المنتقصون لكلّ عمل شرعي نافع، وهم في حقيقة الأمر يغردون خارج السرب بعيدا جدا عن ميدان العمل.
هؤلاء لا يخلو منهم زمن ولا ينجو منهم مكان، وهم أشد شبها بالمنافقين على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم الذين لم يشاركوا في الخير بل كانوا أداة تثبيط ونقد وتنقص للجهود وهذا هو قدْرهم ومكنتهم.
قال تعالى (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نَافَقُوا يَقُولُونَ لِإِخْوَانِهِمُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَئِنْ أُخْرِجْتُمْ لَنَخْرُجَنَّ مَعَكُمْ وَلَا نُطِيعُ فِيكُمْ أَحَدًا أَبَدًا وَإِنْ قُوتِلْتُمْ لَنَنْصُرَنَّكُمْ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ * لَئِنْ أُخْرِجُوا لَا يَخْرُجُونَ مَعَهُمْ وَلَئِنْ قُوتِلُوا لَا يَنْصُرُونَهُمْ وَلَئِنْ نَصَرُوهُمْ لَيُوَلُّنَّ الْأَدْبَارَ ثُمَّ لَا يُنْصَرُونَ).
بل نجد أن كبارهم بل وتجارهم رضوا بأن يكونوا متفرجين عن بُعدٍ بل ومنتقدين لدول التحالف التي تستر عوراتهم وتحمي أملاكهم.
أليس هذا فعل أهل النفاق الذين قال الله فيهم: (وَإِذَا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُوا بِاللَّهِ وَجَاهِدُوا مَعَ رَسُولِهِ اسْتَأْذَنَكَ أُولُو الطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُوا ذَرْنَا نَكُنْ مَع).
ما تقوم به الامارات هو ما يمليه عليها دينها ثم واجب الجوار وفزعة الأخ لأخيه. فليست تنتظر شكرا ولا كان فعلها على سبيل المقايضة وطلب الثناء ولا التباهي والفخر.
لست هنا في مقام تعداد ما صنعته وتصنعه الإمارات في اليمن دفاعا وبناء. فهذا شيء صارت معرفته أمر معتاد وخرج من دائرة الإعجاب والاستغراب إلى دائرة العادة المستمرة.
ولست أتعجب هنا من انتقادات غير اليمنيين ممن حملهم موقف الإمارات في الوقوف ضد المفسدين الذين هؤلاء يسيرون على نهجهم.
ولا العجب من العفاشيين الذين خلعوا عروبتهم بعد أن باعوا عقيدتهم لحثالة إيرانية بثمن بخس دراهم معدودة.
لكن العجب ان يتنكر لهذا الفضل من يتنعم به،
وينكره من يعيشه ليلا نهارا آمنا مستقرا، ليس لشيء غير أنه مقيّد بحزبه منطلق من تعصبه المقبت.

معاشر الإخوان في اليمن خذوا دروسا وعبرا من التاريخ.
فالحزبيات دمرت دولا كما دمرت بلدكم ايضا على مدار سنوات طوال.
وكنتم للأسف من أكبر المساهمين في ذلك. فلا تزيدوا الطين بِلةً والوضع سوءا بنكران الجميل.
الواجب عليكم أن تقبلوا الجباه التي حررتكم في الوقت الذي كنتم في سجناء حزبكم قبل أن تكونوا سجناء بيوتكم.
لا يجرمنكم بغضكم لمن وقف ضد طموحكم الدولي الفاسد أن تنصفوه وتشكروه وتثنوا عليه حين أنقذ دينكم وبلدكم.
تذكروا كباركم حين تركوا كل شيء وتنازلوا عن كل شيء وخرجوا هاربين بلا شيء كي ينقذوا أنفسهم ويحفظوا ما بقي من قطرات من ماء الوجه إن بقي شيء من ذلك.
تذكروا رؤس جماعتكم حين طالبت بوقف قتال الحوثيين وحين طالب كبراؤكم بإنصافهم ودفع الخمس لهم.
تذكروا كلّ شيء لتقارنوا وتعرفوا المحسن من المسيء والصالح من الطالح.
لست هنا لأدافع عن الإمارات، ولا أنا موكل بذلك، وهو شرف لا أدعيه.
فصفحتها البيضاء وأبناؤها في ساحات الوغى وميادين البناء يشهدون لدورها وجهدها. وأهل الانصاف الصادقون يشهدون بذلك (وما شهدنا إلا بما علمنا).
لكنني هنا لأوجه رسالة بعدم نكران الجميل ومعرفة الحق لأصحابه وشكر الجهود وتحقيق الوفاء في النفوس قبل ترجمته قولا وعملا.
ويكفي أن تتفكروا فيما لو رفعت الامارات وشقيقتها الكبرى أيديهم وهو ما لن يفعلوه بإذن الله. كيف سيكون حالكم.
وما موقفكم وقد رفع الحوثيون شعاراتهم البائسة فوق سطوح منازلكم وخرجتم معهم كي تعلنوا الصرخة القبيحة. وهل كان الواقع غير ذلك حين تخاذلتم ووقف أولا الصادقون من أهل السنة من طلبة علم وعوام ضد المشروع الصفوي ثم ساندهم التحالف فتغيرت ملامح الواقع وتحررت بلاد شتى.
اعرفوا لأهل الفضل فضلهم وجهدهم وبذلهم.
فعوام الناس في عدن وحضرموت وشبوة وغيرها كانوا أحسن منكم موقفا وأكرم منكم أخلاقا
حين شكروا وعرفوا لأهل الفضل منزلتهم
بينما أنتم خرست ألسنتكم عن الشكر حين كبلتكم سلاسل الحزبية ولم تأذن لكم بالشكر وقولةِ الحق.
تذكروا عند كل عمل وانجاز وجهد حديث (لا يشكر الله من لا يشكر الناس ).

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.