((الواقع الجديد)) الاربعاء 8 مارس 2017م/المكلا
كم مرة سمعت فيها عن المراهقين وعن مشاكلهم؟ ماذا عن النساء وتغير أمزجتهن في مراحل الدورة الشهرية المختلفة؟ وماذا عن الحوامل اللواتي تتغير حياتهن وأجسامهن بشكل جذري خلال فترة الحمل؟ هل يوجد رابط يجمع هذه الأمور؟ هناك جملة قد تسمعها في هذه الحالات جميعاً “إنه تغير الهرمونات”.
وفي بعض الأمراض يطلب الطبيب إجراء تحاليل لتحديد مستويات بعض الهرمونات في الدم، وقبل أن نتحدث عن هذه التحاليل تعالوا نذهب سوياً في رحلة للتعرف على هذه الهرمونات؟ ومن أين تنتج؟ وماهي وظائفها؟.
* تعريف الهرمونات
الهرمونات هي مواد كيميائية ينتجها الجسم عن طريق بعض الخلايا الموجودة في بعض الأعضاء، أو عن طريق خلايا متفرقة في أنحاء الجسم.
تعمل هذه المواد على تنظيم عمل عضو أو مجموعة من الأعضاء في الجسم، وتتميز الهرمونات كونها تفرز في مكان معين من الجسم، لكنها تؤدي وظيفتها في أماكن بعيدة عن هذا المكان، لكن بعض الهرمونات تؤثر كذلك في مكان قريب من مكان الإفراز.
بالإضافة إلى ذلك، قد تؤثر الهرمونات على الخلايا ذاتها التي أفرزتها.
* تقسيم الهرمونات
يمكن تقسيم الهرمونات إلي مجموعات حسب مكان الإفراز:
1. هناك الهرمونات التي يتم إفرازها من الغدة المعروفة بتحت المهادHypothalamus في المخ، وهي التي تؤثر على عمل الغدة النخامية.
2. الغدة النخامية بدورها تفرز عدداً من الهرمونات التي تؤدي وظيفة مباشرة مثل هرمون النمو (Growth hormone) وهرمون إدرار الحليب (Prolactin)، بالإضافة إلى مجموعة أخرى من الهرمونات التي تؤثر على عمل العديد من الغدد الصماء.
3. الغدد الصماء الأخرى التي تفرز الهرمونات التي تؤدي العديد من الوظائف. من بين هذه الغدد الغدة الدرقية التي تفرز هرمون الثيروكسين وهرمون الكالسيتونين، والغدة الجار درقية التي تفرز هرموناً بنفس اسمها. كما أن هناكالغدة الكظرية الموجودة أعلى الكلى، والتي تفرز العديد من الهرمونات مثلالكورتيزون والألدوستيرون من الجزء المسمى بالقشرة، والأدرينالين والنور أدرينالين من النخاع الموجود بداخلها. كما يعمل المبيض والخصية كغدد صماء كجزء من وظيفتهما، حيث يفرز الأول هرمونات الأنثوية الإستروجين والبروجستيرون، أما الأخيرة فتفرز الهرمون الذكوري التيستوستيرون بشكل أساسي. وتعملالمشيمة أثناء الحمل على إفراز الإستروجين والبروجيستيرون بالإضافة إلى هرمون الحمل المعروف بالهرمون البشري المشيمي الموجه للغدد التناسلية HCG. أما البنكرياس فهو يعمل على تنظيم مستوى الغلوكوز في الدم من خلال إفراز الإنسولين والغلوكاجون. بالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الهرمونات التي يتم إفرازها من العديد من الأعضاء الأخرى مثل الكبد والكلى والمعدة.
* وظائف الهرمونات
بصفة عامة، تنقسم وظائف الهرمونات إلي ثلاث وظائف أساسية كبيرة، وهي:
– النمو والتطور.
– تنظيم عمليات الأيض.
– تنظيم عملية إنتاج الطاقة واستخدامها وتخزينها في الجسم.
الوظيفة الأولي تعتمد علي علاقات ووظائف بين العديد من الهرمونات مثل هرمون النمو، الكورتيزون وهرمون الثيروكسين، بالإضافة إلى الهرمونات التي يتم إفرازها من الأعضاء التناسلية مثل الإستروجين والبروجيستيرون. وتتم هذه العملية تحت رقابة وتنظيم من الهرمونات التي يتم إفرازها من الجزء الأمامي من الغدة النخامية.
أما تنظيم عملية الأيض فيتم من خلال تنظيم العديد من العناصر مثل مستوى الغلوكوز في الدم الذي يتم عن طريق إفراز الإنسولين من البنكرياس، والذي يعمل على خفض مستوى الغلوكوز. في المقابل تعمل العديد من الهرمونات الأخرى على رفع مستوى الغلوكوز في الدم عند الحاجة، وتشمل هذه المجموعة الكورتيزون، والغلوكاجون، والأدرينالين، وهرمون النمو.
لا يقتصر الأمر علي الغلوكوز، فتنظيم مستوى الكالسيوم يتم هو الآخر تحت رقابة دقيقة من العديد من الهرمونات التي تشمل هرمون الغدة الجار درقية بشكل أساسي. يعمل هذا الهرمون في حالة انخفاض مستوى الكالسيوم في الدم علي رفع مستواه عن طريق إعادة امتصاص الكالسيوم عن طريق الكلى، وزيادة مستوى فيتامين د في الدم.
هناك أيضاً دور هام للهرمونات في تنظيم أيض الماء، ومستويات الصوديم والبوتاسيوم عن طريق هرمون الألدوستيرون من الغدة الكظرية، والهرمون المضاد للتبول Antidiuretic Hormone (ADH) الذي يفرز بواسطة الغدة النخامية.
أما وظيفة تنظيم الطاقة فهي تتم بشكل كبير تحت ضبط الهرمونات في الظروف الطبيعية، أما في حالة زيادة الاحتياج للطاقة في حالة الجوع الشديد، أو بذل مجهود عضلي كبير، أو الضغط العصبي، فيزداد مستوى العديد من الهرمونات التي تعمل على زيادة مستوى من المواد الغذائية وتسريع عملية الأيض لإنتاج الطاقة. عادة ما تصحب هذه العملية العديد من التغيرات الفسيولوجية مثل زيادة عدد ضربات القلب، وإنتاج العرق في الجسم.
* آثار اضطرابات الهرمونات
يؤدي حدوث اضطرابات في الهرمونات إلى العديد من المشاكل. هذه الاضطرابات عادة ما تكون في صورة نقص أو زيادة مستوى الهرمون، كما أن هناك حالات يقاوم فيها العضو أثر الهرمون برغم وجوده بنسبة كافية.
قد يحدث هذا النقص منذ الولادة أو في مرحلة لاحقة. كما أن زيادة مستوى الهرمونات قد يحدث نتيجة زيادة الإفراز أو نتيجة تناول أدوية تحتوي على هذا الهرمون من الخارج.
تتوقف الأعراض والمشاكل التي قد يسببها الهرمون على طبيعة الاضطراب (نقص أو زيادة)، وعلي نوع الجهاز أو العضو الذي يؤثر فيه هذا الهرمون.
لعل المثال الأشهر هو مرض السكري الذي يمثل مشكلة عالمية، وهو المرض الذي ينتج من نقص هرمون الإنسولين الذي يفرزه البنكرياس، أو مقاومة الأعضاء لتأثيره (هذه المقاومة تحدث بشكل خاص في السكري من النوع الثاني)، وهو ما ينتج عنه ارتفاع نسبة الغلوكوز في الدم.
في المقابل قد ترتفع نسبة الهرمون في الدم في حالة وجود ورم يفرزه من البنكرياس بشكل غير طبيعي، وهو ما يظهر في صورة انخفاض كبير في نسبة الغلوكوز في الدم.
على مدى الحلقات القادمة سنناقش الهرمونات كل على حدة بشكل مفصل من حيث وظيفتها، وتأثيرها، والمشاكل التي يمكن أن تحدث في حالات اضطراب مستوياتها في الدم، بالإضافة إلى كيفية فهم التحاليل الخاصة بها، والاستعدادات المطلوبة لعمل هذه التحاليل.