((الواقع الجديد)) الاربعاء 15 فبراير 2017م/ المكلا
بقلم/ سعيد علي بقرف
بمفهوم مبسط يمكننا القول بأن الاستقرار الاقتصادي والاستقرار النقدي هما وجهان لعملة واحدة لذا فأن وجود فترات من عدم الاستقرار الاقتصادي سيؤدي بالنتيجة الى فترات اخرى من عدم الاستقرار النقدي ، لذلك نجد أن غاية كل مجتمع هو الحصول على استقرار اقتصادي يتجه نحو تحقيق نمو مستدام ولو بنسب بسيطة على أن يقابله حرص و اهتمام موازي من قبل صناع السياسيات النقدية للعمل على تحقيق الاستقرار النقدي كونه من المستحيل أن نحقق اثار ايجابية على النشاط الاقتصادي دون ان يتوفر اي استقرار نقدي بالمقابل ولعل واقع بلدنا الحالي خير شاهد على ذلك.
ان عملية قياس الاستقرار النقدي غالبا ما تتم بواسطة ثلاثة معايير اساسية وهي القوة الشرائية والمتمثلة في مستوى الاسعار ، تكلفة الفرصة البديلة فيما يتعلق بالمبالغ المتاحة في المستقبل والمتمثلة في سعر تكلفة التمويل او ما يسمى بسعر الفائدة ، ثالثا واخيرا القيمة النسبية فيما يتعلق بالعملات الاخرى والمتمثل في سعر الصرف.
لذا يمكننا القول ان الحصول على استقرار اقتصادي مرتبط بشكل مباشر باستمرار الاستقرار النقدي من خلال الحفاظ على القوة الشرائية للنقود وأن يقوم النقد بأداء وظائفه الأساسية عبر الزمن والذي سيؤدي بالنتيجة الى انخفاض اسعار تكلفة التمويل واستقرارها وهو ما سيعود بالنفع على النشاط الاقتصادي من خلال تحفيز وتشجيع الاستثمار واستقطاب رؤوس الاموال المحلية والاجنبية.
لعل المعيار الثالث اصبح حديث الشارع اليوم لما نشاهده من ارتفاع وتذبذب كبير في اسعار الصرف والذي يعود سلبا في المحاولة لتحقيق الاستقرار النقدي لما له من ارتباط مباشر على مستوى الاسعار في مجتمع مستهلك كمجتمعنا حيث ينصب اعتمادنا الكامل على الواردات سواء كان في شكل مواد انتاج اولية او سلع جاهزة ، أضف الى ذلك ضبابية الموقف من صناع السياسات النقدية تجاه هذا الارتفاع الذي قد سبق وان حذرنا منه كون ان نتائجه السلبية تفوق قدرة المواطن البسيط نتيجة أن عملية ترحيل الأثر ظاهرة للجميع من خلال الارتفاع الموازي في مستوى الاسعار العام.
إن انخفاض مستوى الاحتياطات النقدية وانعدام الموارد المالية بالعملات الصعبة قد يمثل عقبة كبيرة أمام متخذي القرار بالإضافة الى ضعف دور القطاع المصرفي والذي يشكل كذلك معضله اخرى قد تجعل من ارتفاع اسعار الصرف سلوك يستمر الى مستويات تتعدى كل التوقعات مالم يكن هنالك تحرك حقيقي لإيجاد المعالجات المناسبة لها وبشكل يؤكد على ظهور مؤشرات حقيقية تطمئن الجميع ان هنالك بوادر لإيجاد استقرار نقدي في مثل هذه الظروف.
لقد اصبح من الضروري البحث عن حلول وإن كانت مؤقته الا أنها قد تساهم في الحد من آثار الارتفاع الكبير في مستوى اسعار الصرف والذي انعكس على مستوى الاسعار العام فهنالك الكثير من الادوات التي يمكن استخدامها في مثل هذه الظروف ومنها دراسة أثر إلغاء او إعادة هيكل الجمارك على السلع الاساسية ومواد العمليات الانتاجية وبشكل موازي لنسب الارتفاع في اسعار الصرف مع توفير جوانب الرقابة الضرورية حماية للمستهلك كي نضمن بذلك ايجاد حاله من الاستقرار الظاهر للمواطن البسيط بشكل عاجل على ان نعمل على تحليل ودراسة الحلول الاخرى والتي يمكن من خلالها ان نجعل من المستحيل حقيقه من اجل تحقيق غاية أي مجتمع والمتمثلة في الاستقرار الاقتصادي والنقدي.