كم نحتاج لنصنع الحب والسلام؟!
بقلم: أحمد بوعابس
رأيت طفل هزيل الجسد مهتز الكتفين ضعيف الرجلين يكاد يتكئ في مشيته ، شفقه ملأت قلبي انطلقت نحوه فإذا أمه تلاحقه ولم تستطع مجارته نظرت فيها فإذا هي ذات العينين المتعبة المنهمكة أحاط بهما سواد الإرهاق لم أستطع التركيز أكثر ، ألمها أثر في ضميري ورحلت بعيني إلى منظر آخر يسعدني لأنسى ذلك عن يميني عن يساري فتتلقف عيني آلام أخرى..
وقفت متأملا متألما ما جرى لوطني؟! ما ذنب أولئك الرجال أن يقفوا على سكك المصارف منتظرين لقمة عيشهم ولا يجدونها؟! السعادة كادت تنقرض والبؤس تنفس الصعداء لما؟ سؤال حار في نفسي وجدت إجابات لبعضه وصمتت عن آخره..
كسى الفقر الجانب الأكبر من وطني ولبس ثياب القهر يكتوي بنار الحرب ، القماش رث بالصراعات ظهرت معالم الفجوات فيه..
الحرب لم تنتهي ستبدأ آثارها من لحظة خمودها ، حرب أنهكت خزينة الدولة وحرقت إيراداتها في قذائف ترجع على نفس الأرض ، تبلغ رصاصة واحدة في البنذقية ما بين الدولار والدولارين كم أنها كانت كفيلة لترجع بسمة طفل وكم يكون عدد الرصاص في نهاية كل معركة يوقد لهيبها ، وضع القياس ستذهل من الاستنزاف الذي يساق أقف وأسأل نفسي “كم نحتاج لنصنع الحب والسلام؟”.
دماء وأشلاء تملأ الأركان وأرى في تلك الناحية رجل منهمك يشهر بندقيته وفي الناحية الأخرى كذلك ، فوقي طائرة أزعجت السامع ترمي بصاروخ يبلغ سعادة أسرة ويقيها الفقر في بلادي لشهر أو بضعه شهور أسأل نفسي كل مرة “كم نحتاج لنصنع الحب والسلام؟”.
استطرق الدمع ليحكي معاناة عجزت الشفتين عن التحدث بها حين بكت وصاحت الأرملة في فقد زوجها وأغميت أم على فراق ابنها واهتز الحي نحيبا بتوديع صديق غالي ارجع والسؤال يروي الألم “كم نحتاج لنصنع الحب والسلام؟”.
أصبحت تعيسا مثخن بجراح القلب تركني في ليلة يتخطفني الأرق للتفكير “كيف الخلاص؟!” استذكرت أن صديق لي أخبرني أني سأجد السعادة والنجاح عند باب المطار أو منفذ حدودي “حلم الهجرة” يراودني ويراود الشباب مثلي.
مات الوطن!! .. لا بل لم نحافظ عليه ، إذا لم نحافظ على وطننا كالرجال سنبكي عليه كالنساء ، بينما أكتب هذه المعاناة أيقضني صياح رجل في إحدى المصارف عن انهيار العملة المحلية أردت ترتيب حروفي وأفكاري فتبعثرت لتكتمل قصة الشتات في وطن دمرته الأزمات ودوامة الصراعات فلنعيد التفكير ونجد الحلول لنحيي ما يمكن إحياءه ونضع استفهام كبير للإجابة عن .. “كم نحتاج لنصنع الحب والسلام؟!”.
#بوعابس