((الواقع الجديد)) الخميس 2 فبراير 2017م/المكلا
الربو هو مرض القصبات (Bronchi)، وهي الأنابيب التي توصل الهواء من وإلى الرئتين.
يتميز مرض القصبات الهوائية بنوبات تنفس حادة مع فترات راحة بينها. تكون النوبات الربو أكثر صعوبة في الليل وتتميز بسعال، تنفس سريع، صعوبة في استنشاق الهواء (زفير) وفي الحالات الصعبة – الاصابة بالزراق (Cyanosis) بسبب نقص الأكسجين.
تكون نوبات الربو شائعة عند وجودأمراض فيروسية في جهاز التنفس وفي فصول معينة، خصوصا الخريف، وفي الربيع بالنسبة لقسم من المرضى.
هناك أيضا عدة محفزات لنوبات الربو تؤدي لنوبات فورية مثل الجهد الجسدي، الهواء البارد أو التعرض لعوامل حساسية مثل الدخول لبيت فيه قطة أو عامل آخر يكون المريض يشكو من حساسية له. تبرز في أساس المرض ظاهرتين، الأولى هي فرط تفاعلية القصبات والثانية هي حساسية لعوامل مسببة لنوبة الربو. هذه المواد هي مستأرجات (Allergen – وهي مواد تسبب حساسية) ومميزة لكل شخص.
تعتبر المقتضمة المنتسة (Dermatophagoides pteronyssinus) المستأرج الأكثر إنتشارا، علما أن هناك عوامل حساسية شائعة أخرى هي جراثيم العفن، حيوانات بيتية كالقطط والكلاب، غبار طلع الأشجار، عشب وشجيرات. وهناك، أيضا، عوامل لا تؤدي الى حساسية مثل الفيروسات، عوامل تشغيلية، أدوية (مثل الأسبيرين)، بالاضافة الى نوبات ربو ما زال سببها غير معروف.
من الممكن ظهور الربو في أي جيل ولكن الربو عند الاطفال شائع أكثر. وتختلف مراحل المرض بين مريض وآخر. لدى جزء كبير من المرضى تختفي نوبات ضيق النفس في جيل الطفولة ولا تتكرر، فيما تعود لتصيب قسما آخر في جيل متقدم، وأما القسم الثالث فيبقى المرض ملازما لهم لسنوات عدة وأحيانا يستمر لمدى الحياة. هناك إرتفاع ملحوظ في السنوات الأخيرة بإنتشار المرض في الدول الغربية المتطورة. بالإضافة لذلك، لوحظ ابتداء من الستينيات وحتى نهاية القرن العشرين، ارتفاع نسبة خطورة المرض بشكل واضح، وارتفاع نسبة الوفيات بين المصابين بالربو.
أدت وبائية (Epidemic) المرض لإنقلاب في فهمه وشكل علاجه. من المقبول الإعتقاد اليوم أن الحياة العصرية، جودة النظافة والصرف الصحي (Sanitation)، وتقلص عدد الأولاد في العائلة، تزيد من عرضة الإصابة بمرض الربو. يؤدي المحفز المؤرّج (حساسية مُحفزة – Allergenic) الثابت لإلتهاب حساسية في القصبات، فيزيد من خطورة المرض، وقد يؤدي أيضا لأضرار غير قابلة للزوال، تنعكس في أمراض رئوية مزمنة.
يشكل الأطفال الذين يصفرون عند التنفس مشكلة جدية للتشخيص، كون التصفير يعتبر أمرا شائعا جدا في هذا الجيل، والأمر نفسه بالنسبة لاختفاء التصفير مع التقدم في العمر. إن انعدام إمكانية إجراء فحص لأداء الرئتين يمنع إمكانية تثبيت الاصابة بمرض الربو عند الاطفال ، ويصعّب القرار حول ما اذا كان سيتم نصحهم بتناول الدواء المضاد بشكل دائم. تدل التجربة على أن الغالبية العظمى من الأطفال الذين يصفرون لا يصابون بالربو، لاحقاً.
يشكل الأشخاص الذين يصابون بالربو في جيل متقدم مجموعة فريدة. ولا يمكن، لدى جزء كبير منهم، تحديد وجود مستأرج (ربو داخلي المنشأ – Intrinsic asthma)، وفي حالات عديدة من الممكن حدوث مرض خطير، يحتاج تثبيطه إلى كمية كبيرة من الأدوية.
تشخيص الربو عند الاطفال
يتم التشخيص على أساس إنسداد في مجرى الهواء الخارج من الرئتين. ويتم تحديد هذه الإعاقة بواسطة فحص بسيط لأداء الرئتين – Spirometry (قياس التنفس). ولكن وجود عقبة في الزفير، لا تكفي لتشخيص الربوعند الاطفال , ويجب إظهار تحسن بعد تناول مواد موسعة للقصبات. لأن المرض غير دائم حيث أنه يظهر ويختفي بالتناوب, تكون هناك حاجة أحيانا لتحفيز تضيّق القصبات بواسطة فحص جهد أو بواسطة مواد تؤثر على مرضى الربو عند الاطفال دون غيرهم, وعلى أداء الرئتين بعد التحفيز. يحتاج فحص أداء الرئتين لتعاون وقدرة تقنية, لذلك يمكن، عمليا، إجراء هذا الفحص لمن تجاوزا جيل الـ 6-8.
علاج الربو عند الاطفال
الادراك بأن الربو هو مرض التهابي وأن العوامل المحفزة للالتهاب, المؤرجات, موجودة طيلة الوقت, ادى إلى احراز تقدم في مجال العلاج. فقد أتاح تطوير العلاجات المضادة للالتهاب من عائلة الستيرويدات، التي يتم استنشاقها، إلى معالجة للربو. في الثمانينيات من القرن العشرين بدأ العلاج بواسطة السترويدات المستنشقة, بامتصاص نظامي منخفض. وقد قلص هذا النوع من العلاج من الأعراض الجانبية المرافقة لتعاطي الستيرويدات بطريقة فمويّة وإمتصاصها في جهاز الهضم. وابتداء من مطلع التسعينيات تمت بلورة توجيهات دولية حول طرق علاج مرضى الربو.
يتم تصنيف علاج الربو عند الاطفال الرئيسي، حاليا، إلى علاج مخفف (مسكّن – Reliever), بواسطة توسيع القصبات، مما يؤدي إلى تخفيف الحالة بشكل فوري, بين ثوان ودقائق معدودة, ولمدة زمنية تتراوح بين 4-12 ساعة. أما التصنيف الثاني لعلاج مرض الربو عند الاطفال وهو الأكثر اهمية, فهو علاج مانع بشكل دائم (ضابط – Controller) على أساس ستيرويدي يتم تقديمه للمريض من خلال الإستنشاق بصورة ثابتة ولكن جرعات متغيرة. وقد أدت طريقة العلاج هذه الى تقليل خطورة الامراض ونسبة الوفيات في عدة دول.
تم مؤخرا إضافة أدوية من أنواع أخرى, بما في ذلك أضداد ليكوترينات (Leukotrien – وهو أحد المواد المسببة لتضيّق القصبات), وكذلك مضادات للمضاد (antibody) الوسيط في ردة الفعل التحسسي IgE. كما تشمل العلاجات الإضافية حقن تحصين لتثبيط رد الفعل التحسسي والعلاج المانع ضد المؤرجات (حساسية) الموجودة في البيئة, مثل: علاجات ضد المقتضمة المنتسة, أو إخراج الحيوانات من بيت مرضى الربو الذين يشكون حساسية لها. لقد كانت علاجات التحصين مسألة متعارف عليها في الفترة التي سبقت تطوير الستيرويدات المستنشقة, ولكن يتم إقتراحها اليوم في حالات نادرة فقط.