“الواقع الجديد” الأحد 13 أغسطس 2023م /خاص
لا يخفى على أحد تنامي الهجمات الإرهابية في المحافظات الجنوبية في الجنوب ، وتركيز التنظيمات المتطرفة نشاطها في هذه المنطقة الحيوية بطريقة مشبوهة وفاضحة.
بل إن ثمة تأكيد على أن هذا التنامي للهجمات الإرهابية في الجنوب يستهدف بالدرجة الأساسية المجلس الانتقالي الجنوبي، في ظل تحالفات وتخادم واضح بين تنظيمي القاعدة والإخوان ومليشيات الحوثي.
زرع الإرهاب في الجنوب
الأستاذ الأكاديمي بجامعة عدن الدكتور يحيى شايف الجوبعي أكد ترابط قضية الإرهاب في الجنوب وتأثيراته على استقرار المنطقة والإقليم والعالم، وقال: “إن استقرار العالم والمنطقة مرهون باستقرار الجنوب “.
وأضاف: “العالم يدرك أن الجنوب بيئة نافرة للإرهاب ولا يقبله، ولكن هناك من حاول تضليل المجتمع الدولي والإقليمي من خلال تصدير الإرهاب إلى الجنوب، بهدف الهيمنة على ثرواته والسيطرة على الموقع الاستراتيجي المؤثر له على المنطقة والعالم، عبر توظيف الإرهاب وتنظيم القاعدة لتحقيق هذه الغاية”.
ولفت الجوبعي إلى أن “تنظيم الإخوان في اليمن تولى عملية تصدير الأزمات إلى الجنوب، وتمكن من تحقيق أهدافه عقب حرب عام 1994 في المحافظات الجنوبية وزرع عناصر إرهابية من القاعدة فيها، باتت بمثابة (جيش حقيقي للإخوان في الجنوب) يعمل لصالح الإخوان للسيطرة على ثروات المنطقة”.
استهداف “الانتقالي”
ويواصل الأكاديمي الجوبعي حديثه، مشيرًا إلى تاريخ من محاولات قمع (الانتصارات الجنوبية) عبر توظيف القاعدة والإرهاب ضدها، منذ بدء الحراك الجنوبي السلمي، بينما لم نرَ هذا الإرهاب في مناطق الإخوان التي نشأ فيها أصلا.
وتابع: “تطورت أساليب هذا التوظيف الإرهابي بعد عام 2015، بعد تحرير الجنوب من المليشيات الحوثية وحتى اليوم، وتحولت إلى استهداف المجلس الانتقالي الجنوبي تحديدًا وقادته ورموزه”.
وعلل الجوبعي هذا الاستهداف بكون الانتقالي قد تبنى رسميًا محاربة الإرهاب بأبعاده العالمية وليس فقط المحلية أو الإقليمية، عبر قيام الوحدات الأمنية التابعة للانتقالي بمحاربة الإرهاب، كقوات الحزام الأمني والنخبة الحضرمية والشبوانية، وجميعها تواجه الإرهاب في مناطق مهمة واستراتيجية في الجنوب، تزخر بالثروات النفطية والغازية، كوادي حضرموت وشبوة، وأبين المطلة على بحر العرب.
وأكد أنه “في كل مكان يتواجد فيه ثقل للانتقالي ويحظى فيها بحاضنة شعبية يتم استهدافه بأدوات إرهابية واضحة”.
وتابع: “الهدف هو النيل من الحامل السياسي للقضية الجنوبية، بما فيهم القادة أنفسهم منهم رئيس المجلس الانتقالي عيدروس الزبيدي، واللواء شلال شائع قائد مكافحة الإرهاب، وجميعهم تعرضوا لمحاولات اغتيال بعمليات إرهابية في عدن”.
واعتبر الجوبعي أن محاولات النيل من الانتقالي تأتي بهدف استمرار الهيمنة على ثروات الجنوب الطبيعية والجغرافية.
وينطبق الأمر أيضًا حتى على مليشيات الحوثي التي توظف القاعدة والإرهاب ضد الجنوب، وما يؤكد ذلك فرار العناصر الإرهابية من وادي الرفض بأبين مؤخرًا نحو محافظة البيضاء، حيث معقل الحوثي الذي يحمي الإرهاب والقاعدة.
نقل الصراع للجنوب من جانبها، ترى الحقوقية والأكاديمية بجامعة عدن الدكتورة زينة محمد خليل أن “المجلس الانتقالي الجنوبي يمثل القوة الوحيدة لمواجهة التحديات الأمنية والسياسية، ومواجهة حرب الاستنزاف التي يخوضها مع تنظيم القاعدة في أبين وشبوة، وهو ما كلفه فقدان قادته واحدًا تلو الآخر”.
وتضيف الدكتورة خليل، في حديثها أن “المواقف الإقليمية والدولية غير الواضحة تخوض مسارًا خطيرًا تسعى من خلاله بالاتفاق مع مليشيات الحوثي لإنهاء الحرب بأقل الأضرار؛ تحقيقًا لمصالحها على حساب السير بالجنوب والجنوبيين إلى المجهول”.
واعتبرت أن “هذا التوجه مؤشر استباقي لنقل الصراع إلى الجنوب ، وهو ما يثير تساؤلًا حول الأسباب الكامنة وراء تزايد وتكثيف الهجمات الإرهابية التي تشنها عناصر إرهابية في تلك المناطق منذ مطلع عام 2023 تحديدًا”.
وأشارت الدكتورة زينة خليل إلى أن “من أسباب ذلك ضعف القدرات الأمنية خاصة بعد عام 2015؛ ما أدى إلى تنامي الهجمات الإرهابية؛ وهذا الضعف الأمني تستغله الجماعات الإرهابية للانتشار تحديدًا في المناطق الخالية من وجود مكثف للقوات المسلحة، وشنت المزيد من هجماتها المركزة بشكل خاص على استهداف القادة الجنوبيين”.
وأضافت، أن “تصاعد الصراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي وجماعة الإخوان التي تقف خلف استحداث كيانات قبلية وسياسية في المحافظات الجنوبية لمواجهة المجلس الانتقالي، يمثل أحد عوامل الرغبة في نقل الصراع إلى الجنوب”.
كما لفتت إلى “دور الثروات والموارد الطبيعية والمعدنية التي تتمتع بها شبوة وحضرموت؛ ما يجعلها بيئة خصبة لتزايد أطماع التنظيمات الإرهابية؛ للاستفادة منها بأقصى قدر ممكن، كدافع رئيسي لتفاقم أنشطتها الإرهابية من جهة، والحفاظ على وجودها من جهة أخرى”.