الأحد , 17 نوفمبر 2024
1676886104.jpeg

قبر نبي الله هود زيارة سنوية يحضرها عشرات الآلاف من العالم الإسلامي

“الواقع الجديد” الأثنين 20 فبراير 2023م /محمد عبدالوهاب التوي

– سباق الهجن والشعبانية من عوالق موروث تريم.

– موسم تبادل ثقافي تجمله التهاويد والملابس البيضاء.

– أكبر تجمع ديني ومعرض تراثي يحتضنه وادي حضرموت.

تعد زيارة نبي الله هود هي واحدة من أكبر التجمعات الدينية التي تقام في محافظة حضرموت الوادي حيث يحضرها الآلاف من بقاع مختلفة من العالم الإسلامي ، ويسبق الزيارة تمهيد واسع لها من نهاية شهر رجب لما يقارب عشرة أيام عبر المساجد مع ترديد ما يسمى ” بالتهاويد ” بمكبرات الصوت والتي يرددو فيها ” هود يا نبي الله ” ثم تبدأ طقوس الزيارة في الثامن من شهر شعبان لمدة ثلاث أيام.

ومن الطقوس التي تمارس في هذه الزيارة ما يسمى محلياً ” بالدخلة ” ، بحيث يُحدد وقت معين لدخول أفواج الزوار من بيوت العلويين ، والتي يتقدمها كبارهم من علماء الدين والشخصيات الاعتبارية رافعين شعار معين يشير إليهم ثم تقام مجالس الدعاء والذكر والمحاضرات الدينية.

*موقع الزيارة:*

شِعب هود هو قرية صغيرة تابعة لمديرية السوم في محافظة حضرموت الوادي باليمن ويبعد عن مدينة تريم بحاولي 80كم شرقاً ، وتعد هذه القرية مهجورة طوال العام معمورة بالزوار في الأسبوع الثاني من شهر شعبان لبضعة أيام في العام فقط خلال مناسبة دينية سنوية تتمثل بزيارة لقبر النبي هود ثم تبقى بيوتها خالية من السكان في بقية أيام السنة.

وتشهد هذه القرية في موسم الزيارة حضوراً كبيراً من عشرات الآلاف من الزوار من مختلف أنحاء اليمن والعالم ، كما أن موقعها كان سوقاً من أسواق العرب المشهورة في الجاهلية ويسمى سوق الشحر.

*تسمية القرية بشِعب نبي الله هود:*

سميت القرية نسبة لقبر النبي هود عليه السلام والذي تفيد المصادر التاريخية والقرآن الكريم بأنه دفن في تلك البقعة من الأرض ، حيث سميت قديماً بأرض الأحقاف وهي عبارة عن وادي تحيط به الجبال ويوجد قبر النبي هود في سفح إحدى الهضاب المطلة على الوادي وتغطيه قبة كبيرة مصبوغة بمادة ” النورة البيضاء “.

ويوجد بقرب المكان مغارة “بَرْهُوت” الشهيرة الواقعة في الجزء الأسفل من الوادي كما تشتهر المنطقة بالصخرة المنسوبة لنبي الله هود والتي قيل بأنه صعد عليها ودعا الناس للصلاة وأصبحت اليوم واقعة وسط المنطقة التي يزورها الناس.

*تزيين الجمال قبل شد الرحال:*

تشهد مناطق مدينة تريم الغناء في يوم الفصل الخامس من شعبان تزيين الجمال بالحناء الحضرمي حيث تتجمع الجمال في ساحة عامة تقصدها إعداد كبيرة من المواطنين الذين يصطحبون معهم أطفالهم ويتم إحضار الحناء ويقوم الشباب المتمرس والمبدع بعمل نقوش على ظهور الجمال وأرجلها وأعناقها وكتابة عبارات دلالية مختصرة يتم اختيارها وتحضر المباخر التي تفوح بالروائح الطيبة بعلك اللبان وهو ما يجعل المشهد في غاية الجمال والأصالة.

*شد رحال قوافل الجمال للزيارة:*

وبعد إكمال أعمال الزينة وكسوة تلك الجمال بالأقمشة الفاخرة والقطع التاريخية ذات الدلالة المعنوية المعروفة لدى عشاق الإبل وتزينها بكل أنواع الزينة تغادر قافلة الجمال في اليوم السادس من شعبان المدينة متجهه صوب شِعب نبي الله هود شرق المدينة برفقة المئات من المواطنين وعشاق الإبل والمهتمين بالتاريخ والتراث الحضرمي وتستمر رحلتها على مدى ثلاث أيام متنقلة بين المناطق وصولاً إلى شِعب نبي الله هود.

*موسم الزيارة:*

تبدأ أولى أيام الزيارة في الثامن من شهر شعبان وتنتهي في العاشر من نفس الشهر والتي تستمر على مدى ثلاثة أيام ، وتتولى عملية الإشراف على جميع تلك الطقوس لجان خاصة ويساعدها في ذلك دار المصطفى للدراسات الإسلامية في حضرموت التابع للصوفية المرتبطين تاريخياً بالطائفة العلوية نسبة لعلي بن أبي طالب كرم الله وجهه ولذلك يحضر العلويون بكثرة في مختلف محطات وطقوس الزيارة.

وتتنوع غايات الزيارة حيث يأتي البعض للتفرغ للعبادة ومجالسة مشائخ وعلماء الصوفية ، في حين يأتي الآخرون للتنزه مع الأصدقاء والأولاد فقط كون أوقات الزيارة لا يسمح للنساء حضورها إضافة إلى شراء هدايا للأطفال والأهل من الأسواق الشعبية المقامة بمناسبة الزيارة.

*الطقوس الدينية للزيارة:*

تبدأ أولى محطات الطقوس الدينية لزيارة قبر نبي الله هود بزيارة مقابر مدينة تريم ، عقب ذلك زيارة قباب “عينات” وهي قباب قديمة على جانب الطريق المؤدي إلى موقع الزيارة ويتواجد بها ضريح الشيخ أبي بكر بن سالم أحد مشائخ العلم وأبناؤه ، ومن ثم يذهب الزائرون إلى الاجتماع بمسجد حصاة الإمام عمر المحضار في قرية شِعب نبي الله هود وهي مكان كان يجلس تحتها المحضار للخلوة والعبادة.

بعد ذلك يتوجه الزائرون إلى بئر ” التسلوم “وهي بئر لا تزال آثارها باقية ويعتقد أنها ملتقى أرواح الأنبياء والرسل والأولياء والصالحين.

يليها الصعود إلى هضبة بها قبة بيضاء ويقع تحتها قبر النبي هود جوار حجرة متصدعة وكان في السابق الصعود إليه مشياً على الأقدام ولكن في الوقت الراهن تم تمهيد الطريق إسفلتي إليها للعبادة والقراءات الدينية المترننة ليلاً ونهاراً.

*مايلبسه الزائرون في الزيارة:*

يرتدي الزائرون على شرف المكان المراد زيارته الثياب البيضاء كما يلبسون كوافي (طاقيات) بيضاء على رؤوسهم.

*عادات وتقاليد الزيارة:*

يتزاحم المكان بالزائرين الذين يؤدون تلك الطقوس والتي لا تخلو من أعمال احتفالية تحضر فيها الطبول والأهازيج والرقصات الشعبية المعروفة بالمنطقة ويتم توزع أغلبهم على خيام في المكان نفسه.

*سباق الهجن( الجمال) :*

سباق الهجن هو عادة سنوية مرافقة للزيارة وتتم في ختامها وهو تقليد لا يزال مستمراً منذ مئات السنين حين كان الناس يذهبون على ظهور الجمال ويتم استقبالهم عند العودة على أطراف وضواحي مدينة تريم لمعرفة الوفد الواصل أولاً.

كما ترافق رحلة العودة ما تسمى ” بالشعبانية ” وهي الاحتفالية التي توافق الـ13 من شهر شعبان من كل سنة هجرية وفيها يقوم أهالي مدينة تريم والوفود القادمة من خارجها بزيارة القبور والدعاء لأصحابها.

وخلال احتفالية ” الشعبانية ” يقوم المحتفلون بأداء بعض الرقصات الشعبية منها ما تُسمى ” رَزيح البقّارة ” ويتم فيها ترديد بعض الأهازيج الشعبية ويتقدم الناس بعض الراقصين المتمكنين وهم يرتدون شعر مستعار على رؤوسهم.

ويعتبر أهالي مدينة تريم ” الشعبانية ” بمثابة عي، فيلبسون الجديد من الثياب ويذهبون للتسوق في ساحات عامة، كمثل ” الجبّانة ” ووسط المدينة حيث تمتلئ تلك الساحات بالأسواق الشعبية ولُعب الأطفال.

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.