“الواقع الجديد” الثلاثاء 2 أغسطس 2022م / خاص
أضاف الحوثيون شروطا جديدة إلى شروطهم السابقة للموافقة على تمديد الهدنة الأممية التي شارفت على الانتهاء دون نجاح الجهود الدولية لدفع الفرقاء اليمنيين لتمديد الهدنة لفترة ثالثة لستة أشهر، بحسب المقترح الذي تقدم به المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ.
ونقلت وكالة الأنباء التابعة للحوثيين عن رئيس المجلس السياسي الأعلى للجماعة مهدي المشاط، خلال لقائه بوفد الوساطة العماني في صنعاء، تمسك الميليشيات الحوثية بثلاثة شروط لتمديد الهدنة، وهي وقف ما أسماه “العدوان” ورفع الحصار ابتداء بالفتح الكلي والفوري لمطار صنعاء وميناء الحديدة، وصرف مرتبات كافة الموظفين من إيرادات النفط والغاز.
وفي ذات السياق، قال القيادي الحوثي البارز يوسف الفيشي إن جماعته ترفض تمديد الهدنة إلا بعد فتح ما أسماه الحصار البري والجوي والبحري.
وقالت مصادر سياسية مطلعة لـ”العرب” إن التحرك العماني لمنع انهيار الهدنة يأتي جراء فشل الرهانات الأممية في دفع الحكومة المعترف بها دوليا للموافقة على حزمة الاشتراطات الحوثية الجديدة، وهو الأمر الذي اصطدم برفض مجلس القيادة الرئاسي الالتقاء بالمبعوث الأممي خلال زيارته إلى عدن، وإبلاغه عن طريق وزير الخارجية في الحكومة اليمنية عدم استعداد الشرعية لتقديم أيّ تنازلات جديدة أو التفاوض على بنود مستحدثة في الهدنة قبل انصياع الحوثيين لبنود الهدنة الأساسية.
وتتضمن مطالب الهدنة فتح الطرقات في مدينة تعز ودفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرة الحوثي عبر إيرادات ميناء الحديدة الذي كشفت إحصائية لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن أن كمية الوقود التي وصلت إليه خلال الأشهر الثلاثة الأولى من الهدنة تفوق الكمية التي وصلت إلى الميناء خلال العام الماضي بالكامل.
وقال مجلس القيادة الرئاسي، السبت، إن “الحديث عن تمديد الهدنة لا قيمة له، في ظل استمرار جماعة الحوثي بأعمالها العدائية ضد المدنيين العزّل، ورفضها فتح الممرات الإنسانية” وفقا لما ذكرته وكالة الأنباء الرسمية التابعة للحكومة الشرعية.
وعلى صلة بالضغوط الأميركية لمنع انهيار الهدنة، جراء التعنت الحوثي، وتمسك الشرعية بموقفها الرافض لتقديم المزيد من التنازلات، تلقى رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي، الأحد، اتصالا هاتفيا من وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية الرسمية إن الرئيس العليمي أكد “التزام المجلس الرئاسي بنهج السلام العادل والشامل القائم على المرجعيات الوطنية والإقليمية والدولية، وخصوصا قرار مجلس الأمن 2216”.
وذكّر بتجارب التهدئة مع الميليشيات الحوثية المخيبة للآمال، وصولا إلى “الهدنة القائمة التي تنصلت فيها الميليشيات من كافة التزاماتها، بما في ذلك إبقاء الحصار على مدينة تعز والمحافظات الأخرى وعدم دفع رواتب الموظفين في مناطق سيطرتها، والتلكؤ في تنفيذ التفاهمات المتعلقة بملفي الأسرى والمحتجزين، وناقلة النفط صافر”.
وأعلنت سلطنة عمان، الأحد، أن وزير خارجيتها بدر بن حمد البوسعيدي بحث مع نظيره الأميركي أنتوني بلينكن جهود تمديد الهدنة في اليمن، في إشارة إلى طلب واشنطن من مسقط لعب دور الوسيط لإقناع الحوثيين بالتخلي عن اشتراطاتهم الجديدة التي تعيق تمديد الهدنة.
وأكدت سفيرة واشنطن في الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفليد، في حديث تلفزيوني نشره موقع البعثة الأميركية في الأمم المتحدة، عمل بلادها على تحويل تلك الهدنة التي وصفتها بالضعيفة إلى وقف دائم لإطلاق النار. كما اتهمت الحوثيين باتخاذ بعض الإجراءات التي قالت إنها “لا تصب في مصلحة السلام”، مشيرة إلى اعتزام واشنطن ممارسة الضغط على الجماعة المدعومة من إيران.
وفي تصريح لـ”العرب” عزا الباحث السياسي الجنوبي ياسر اليافعي زيادة وتيرة الحراك الدولي حول اليمن إلى اقتراب نهاية الهدنة وسعي المجتمع الدولي والإقليم لتمديدها، في ظل استمرار تعنت ميليشيا الحوثي وتهديدها المستمر برفض التمديد، بهدف تحقيق مكاسب سياسية واقتصادية وعسكرية إضافية.
وقال “جاءت زيارة الوفد العماني إلى صنعاء لإقناع ميليشيا الحوثي بالقبول بالهدنة، خاصة وأن الميليشيا وضعت شروطا تعجيزية منها الاستحواذ على إيرادات المحافظات المحررة تحت عذر دفع رواتب الموظفين في المناطق التي تخضع لسيطرتها”.
وتابع اليافعي “تقابل ميليشيا الحوثي جهود الوساطة بالمزيد من التصعيد من خلال استمرار تحشيد المقاتلين، وتنظيم العروض العسكرية بهدف إظهار عدم رغبتها في تمديد الهدنة للحصول على مكاسب جديدة، ولكن في الواقع الميليشيا هي في حاجة إلى الهدنة في هذه المرحلة لامتصاص الرغبة الدولية في إنهاء الحرب في اليمن والاستعداد لمرحلة استكمال أجندتها للسيطرة على كل البلاد”.
ويتزامن التعنت الحوثي على المسار السياسي مع مؤشرات على مضي الجماعة قدما في التحشيد والتعبئة لشن جولة جديدة من الحرب باتجاه مناطق تعز ومأرب والساحل الغربي التي سجل الحوثيون فيها العدد الأكبر من خروقات الهدنة، بحسب تقارير صادرة عن الجيش اليمني والقوات المشتركة في الساحل الغربي.
وحول فرص تمديد الهدنة في ظل استمرار حالة التعبئة والحشد الحوثية قال الباحث العسكري اليمني العقيد وضاح العوبلي في تصريح لـ”العرب” إن فرص تمديد الهدنة واردة، مع رغبة الحوثيين في استثمار التوجه والمزاج الإقليمي والدولي الداعم للهدنة لممارسة ابتزازهم المعهود، وهو ما يفسر وفقا للعوبلي موافقتهم المبدئية على التمديد، بالتوازي مع إرسال رسائل القوة عبر تخريج الدفعات العسكرية التي يختارون توقيت بثها بعناية، بحيث تكون متزامنة مع زيارات المبعوث الأممي أو بالتزامن مع الجهود الرامية لتجديد الهدنة وتمديد.ها
وتابع “استعراض القوة هذا هو للتعبئة واستحضار ظروف الحرب وإعلان الجهوزية من جهة، ومن جهة أخرى هو للابتزاز الذي يمكّنهم من تحقيق أعلى نسبة من المكاسب السياسية التي يمكن للجماعة تسويقها اعلامياً كانتصار سياسي ودبلوماسي”.
وحول استعداد الحكومة لخيار الحرب في حال انهيار الهدنة، قال العوبلي “على الرغم من توجه الشرعية للسلام، إلا أن المؤشرات العسكرية أيضاً تبدو جيدة، وهناك استعدادات جارية على قدم وساق لإعادة تأهيل عدد من الوحدات والكتائب في عدد من المناطق العسكرية وتدريبها، فضلاً عن المؤشرات والمعطيات المشجعة عن مستوى التفاهم والانسجام، وانخفاض حدة الخلافات والتباينات بين أجنحة وأطراف الشرعية، وهذا بدوره سينعكس إيجاباً على الأداء العسكري لهذه القوى مجتمعة خلال أيّ تصعيد عسكري قادم، وأستطيع الجزم أن قادم المعركة – إن انهارت الهدنة – سيختلف تماماً عمّا كان خلال الأعوام الماضية”.