“الواقع الجديد” الأثنين 1 أغسطس 2022م / خاص
ترى أوساط سياسية يمنية أن زيارة وفد عماني إلى صنعاء تندرج في سياق مساع لإقناع المتمردين الحوثيين بخفض سقف مطالبهم من أجل تمديد الهدنة الأممية التي تنتهي الثلاثاء.
وتوضح الأوساط أن التحرك العماني يأتي على ما يبدو بطلب من الأمم المتحدة والولايات المتحدة، حيث فشلت تحركات المبعوثين الأممي هانس غروندبرغ والأميركي تيم ليندركينغ في التوصل إلى اتفاق مع طرفي الصراع بشأن التنازل من أجل تمديد الهدنة لمدة ستة أشهر إضافية.
وتقول الأوساط إن مهمة الوفد العماني هي دفع الحوثيين إلى التخلي عن مطالب من أجل تمديد الهدنة والتي ترفضها بشدة السلطة اليمنية المعترف بها دوليا وفي مقدمتها دفع رواتب الموظفين في مناطق السيطرة الحوثية، وإعادة الخدمات، ورفع جميع القيود عن موانئ الحديدة ومطار صنعاء.
وتعتبر السلطة اليمنية الممثلة في المجلس القيادي الرئاسي أنه لا يمكن القبول بمثل هذه الشروط المجحفة في مقابل رفض المتمردين تقديم أي تنازلات أو الإيفاء بالتزاماتهم لناحية بنود الهدنة وفي مقدمتها فك الحصار عن مدينة تعز، ووقف التحشيد العسكري في بعض الجبهات.
وأعلنت جماعة الحوثي الأحد وصول وفد عماني إلى صنعاء للتشاور حول تطورات الهدنة. جاء ذلك وفق بيان مقتضب صادر عن المتحدث الرسمي باسم الجماعة الحوثية ورئيس فريقها المفاوض محمد عبدالسلام.
وقال عبدالسلام “وصل صنعاء وفد من عمان الشقيقة للتشاور مع القيادة الحوثية حول التطورات المتعلقة بالهدنة، والمقترحات التي قدمها الممثل الأممي هانس غروندبرغ لمعالجة القضايا الإنسانية والاقتصادية”.
ولم يورد المسؤول الحوثي المزيد من التفاصيل عن أسماء أعضاء الوفد، بينما لم يصدر تعليق فوري من سلطنة عمان حول الأمر.
ولعبت عمان على مدى سنوات الحرب في اليمن دور الوسيط بين الحوثيين والسلطة الشرعية وحلفائها الإقليميين، وقد كانت بصمتها حاضرة في التوصل إلى اتفاق بشأن الهدنة التي أعلن عنها في أبريل الماضي لمدة شهرين جرى تمديدها مجددا في يوليو الماضي لتنتهي في الثاني من أغسطس الجاري.
ويقول مراقبون إنه رغم الانتقادات التي توجه من بعض مكونات السلطة اليمنية تجاه دور عمان، إلا أن مسقط ساهمت بشكل مهم في تخفيف حدة الحرب، بحكم الروابط التي تجمعها بالحوثيين الذين لا يخفون ثقتهم بها كطرف محايد.
ويشير المراقبون إلى أن زيارة الوفد العماني قبيل ساعات فقط من انتهاء الهدنة، تعود لعجز المنظمة الأممية عن إجبار الجماعة الموالية لإيران على تليين موقفها، أو في إقناع السلطة اليمنية بالموافقة على الشروط الحوثية المستجدة.
ويلفت المراقبون إلى أنه من غير الممكن التكهن بمدى نجاح زيارة الوفد إلى صنعاء، حيث أن الأمر يبقى رهين حسابات الجماعة وأيضا حليفتها إيران.
وأعلن الحوثيون الأحد عن تجنيد أكثر من ثلاثة آلاف مقاتل، لرفد جبهات القتال في البلاد. وقال العميد يحيى سريع، المتحدث العسكري باسم الحوثيين في بيان له “إن أراد العدو (الحكومة والتحالف العربي) السلام، فقد قدم وفدنا المفاوض ما فيه الكفاية، وإن أراد الحرب، نحن جاهزون وحاضرون في كل ميادين القتال وكل الجبهات”.
وشدد سريع بالقول “ما هذه الدفع الكبيرة والمدربة تدريبا عاليا من معسكرات في المنطقة المركزية، إلا خير دليل على جاهزيتنا”.
ويعتبر المراقبون أن إعلان الحوثيين عن تجنيد هذا العدد من المقاتلين يندرج في سياق استعراض قوة، قبل انتهاء الهدنة، التي راهنت عليها الأمم المتحدة من أجل التوصل إلى وقف شامل لإطلاق النار تمهيدا للحل السياسي.
ويقول المراقبون إن عمليات التجنيد التي اعترف بها المتمردون، تتناقض والهدنة التي تضمنت جملة من البنود من بينها ضرورة عدم استغلال الهدنة من أجل التعبئة العسكرية، لافتين إلى أن هذا الإعلان لا يخلو من استخفاف بالمجتمع الدولي ولاسيما بالمنظمة الأممية، التي من غير المرجح أن تتخذ أي قرار بشأنه.
ويرى متابعون أن ما يبديه الحوثيون حتى الآن من تعنت يعكس قناعة لديهم بأنهم في موقع قوة يسمح لهم بفرض شروطهم، وأن الطرف المقابل لا يملك الكثير من الخيارات لاسيما وأنه إلى الآن ما يزال في طور إعادة ترميم صفوفه بعد اختيار قيادة جديدة للبلاد في أبريل الماضي.
ويشير المتابعون إلى أن الثقة المبالغة لدى الحوثيين قد تقود إلى إجهاض جهود المجتمع الدولي في تمديد الهدنة، خصوصا وأن مجلس القيادة الرئاسي لا يمكنه القبول بتقديم المزيد من التنازلات، التي من شأنها أن تزيد من إضعاف موقفه في المواجهة مع المتمردين، وأيضا مع القوى التي تم تحجيم دورها في المشهد على غرار جماعة الإخوان المسلمين الممثلة في حزب الإصلاح.
وأعلن مجلس القيادة الرئاسي في اليمن أنه تسلم من المبعوث الأممي إطارا لتمديد الهدنة جاء ذلك في اجتماع لمجلس القيادة مساء السبت بالعاصمة المؤقتة عدن جنوبي البلاد.
وقالت وكالة الأنباء اليمنية إن “تسلم الإطار يأتي في ظل تعنت الميليشيات الحوثية عن الوفاء بالتزاماتها بموجب إعلان الهدنة، وخروقاتها، وانتهاكاتها المستمرة في مختلف الجبهات”، دون ذكر تفاصيل عن الإطار الأممي.