“الواقع الجديد” الأربعاء 4 مايو 2022م / خاص
بعد أكثر من أسبوعين على مباشرة “القوة المشتركة 153” مهامها في البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن لم يبق للحوثيون غير الضجيج الأجوف ومثلهم إيران.
وبدت مليشيات الحوثي ترى دنو أجلها وفداحة تصعيدها في البحر الأحمر، آخرها قرصنة سفينة “روابي” الإماراتية، وسفينة صيد مصرية بين يناير/كانون الثاني ومارس/آذار الماضيين وذلك عقب دخول “قوة المهام المشتركة 153” التي شكلها الأسطول الأمريكي الخامس لاحقا في 17 أبريل/نيسان الماضي.
وسارعت مليشيات الحوثي، مؤخرا، بالتزامن مع عرض البحرية الأمريكية للسفن المشاركة في قوة المهام هذه، بمشاركة فرقاطة البحرية المصرية “الإسكندرية” لتفادي أي عواقب وخيمة إلى إطلاق البحارة المصريين وسفينة الصيد.
وقال مصدر أمني يمني لـ”العين الإخبارية”، إن مليشيات الحوثي أطلقت سراح سفينة الصيد المصرية و20 بحارة كانوا عليها، أول أيام العيد، عقب 45 يوما من قرصنة السفينة من عرض البحر الأحمر وزج البحارة في السجن الاحتياطي في الحديدة وإخضاعهم لمحاكمة صورية.
وبشأن أعمال التهريب الحوثية للأسلحة، يعتقد المصدر أن تحول مليشيات الحوثي نشاطها من الغرب عبر البحر الأحمر بعد دخول “قوة 153” إلى أقصى الشرق وسواحل المهرة على بحر العرب، مشيرا إلى أن الـ5 شهور الماضية حملت مؤشر اعتماد الانقلابيين بشكل مكثف على هذا الخط البري والبحري.
ردود الفعل الحوثية والإيرانية من “قوة 153”
بخلاف ذلك، فقد حملت ردود الفعل الحوثية تجاه استلام “قوة المهام المشتركة 153” مهمتها رسميا، خليطا من الارتباك والتخبط لدى المليشيات بوصفها “نوايا عدوانية”، فيما عدته طهران “مؤشر تصعيد خطيرا”.
واعتبرت وسائل إعلام إيرانية تشكيل القوة “مؤشرا خطيرا وتصعيدا أمريكيا في البحر الأحمر”، يأتي في سياق ما تبناه التحالف العربي من تهديدات حوثية لـ”أمن الملاحة البحرية”، و”تهريب الأسلحة” و”استغلال موانئ الحديدة عسكريا”.
وهاجم الإعلام الإيراني هدنة الأمم المتحدة بزعم أن دول التحالف تعتزم “استغلالها كفرصة لخلط الأوراق وترتيب الصفوف عسكريا”، وحاولت الترويج لرواية بعض قادة الحوثي التي وصفت القوة بـ”النوايا العدوانية المبيتة”.
وكانت مليشيات الحوثي خرجت على لسان كبار قياداتها أبرزهم ناطق الجماعة محمد عبدالسلام، والقيادي النافذ محمد علي الحوثي، حيث زعم الأول أن “التحرك الأمريكي في البحر الأحمر يكرس الحصار والعدوان”.
فيما أشار الثاني، أي محمد علي الحوثي، إلى قدرت المليشيات البحرية كنوع من الاستعراض الفارغ للقوة أمام أتباع الجماعة المصنفة كيانا إرهابيا ومدرجة تحت الحظر الشامل لتوريد الأسلحة منذ آخر فبراير/شباط الماضي.
ما حجم القوة؟ .. أحدث المعلومات
كان قائد الأسطول الخامس الأمريكي الجنرال براد كوبر قال منتصف أبريل/نيسان الماضي أن “قوة المهام المشتركة 153” تتألف من سفينتين إلى 8 سفن، لكن الصور المنشورة مؤخرا وطالعتها “العين الإخبارية”، أظهرت أكثر من 9 سفن فضلا عن المراكب المسيرة.
ورغم أن طبيعة حجم “قوة 153” والسفن المشاركة وأسلحتها ستبقى سرية وبعيدا عن الأنظار ، إلّا أن ما كشفته البحرية الأمريكية أظهر قوة عسكرية ضاربة لن تركز على الأمن البحري وبناء القدرات، وإنما لمكافحة الإرهاب وقد تصل لمعركة بحرية خاطفة.
ونشرت البحرية الأمريكية على حساباتها في موقع التواصل الاجتماعي “تويتر” منذ أول مايو/أيار الجاري سلسلة صور للانتشار العسكري لسفن أمريكية وبريطانية وإيطالية ومصرية وأوروبية ضمن القوة المشكلة حديثا في نطاق البحر الأحمر وباب المندب وخليج عدن.
وتقدمت سفينة القيادة البرمائية الأمريكية”ماونت ويتني”، السفن المشاركة خلال عملية الإبحار إلى جانب فرقاطة البحرية البريطانية”مونتروز”، ومدمرة الصواريخ الموجهة الأمريكية “غونزاليس” و “فيتزجيرالد” والسفينة الأمريكية أيضا “يو إس إن إس تشوكتاو كاوينتي”.
كما ظهرت فرقاطة البحرية المصرية “الإسكندرية” والفرقاطة الإيطالية “كارلو بيرجاميني”، وسفينة المساعدة للأسطول البريطاني “RFA” والسفينة الرئيسية لبحرية الاتحاد الأوروبي “كارلو بيرجاميني”.
قوارب جوالة ذكية
كذلك أظهرت الصور الجوية، استخدام البحرية الأمريكية رسميا سلاح القوارب المسيرة ذات التحكم عن بعد والتي تحاكي الذكاء الاصطناعي للكشف والتأمين إلى جانب السفن المشاركة في قوة المهام المشتركة.
وتشير معلومات الجانب الأمريكي عن هذا النوع من القوارب الجوالة الذكية والتي تعمل بالطاقة الشمسية والرياح أنها تحمل مستشعرات لجمع البيانات فوق سطح البحر وتحته وقياس الأعماق بسرعة إبحار متوسطة تصل إلى 5 عقد.
وعبر مزيج من الرادارات والأقمار الصناعية ونظام التتبع الآلي والكاميرات الضوئية وخوارزميات التعلم الآلي، يمكن للقوارب من طراز “Saildrone Explorer” تحديد الأهداف المهمة وتتبعها في آن واحد، واستخدامها في الرقابة الصامتة على نطاق واسع في البحر الأحمر.
ومن شأن هذه القوارب المسيرة رصد قوارب الصيد التي يستخدمها الحوثيون عادة لتهريب الأسلحة والمخدرات، وستوفر العديد من القدرات القيمة في بيئة تصنف بأنها ذات “خطورة عالية”، عقب بث المليشيات الألغام العائمة وهجمات القوارب المفخخة من طرازي “شارك” وتضع تهديدات المليشيات وتحركاتها تحت المجهر دوما.
نطاق العمل.. سد الفراغات الأمنية
ويتركز نطاق العمل لقوة 153 في “البحر الأحمر” و”باب المندب” و”خليج عدن” ما يسد أي ثغرات أمنية كانت تتسلل منها مراكب التهريب الحوثية والإيرانية.
ووفقا لرئيس مركز باب المندب للدراسات باليمن معاذ المقطري فإن “التهديدات الإيرانية للملاحة الدولية عبر مليشيات الحوثي المصنفة أمميا كجماعة إرهابية استدعت تكثيف وتشديد هذه الحماية إثر الهجمات المباشرة للانقلابيين على السفن التجارية العابرة قبالة السواحل اليمنية وفي المياه الدولية”.
وأوضح في تصريح لـ”العين الإخبارية”، أن قوة المهام المشتركة 153 تضم بالفعل دولا محورية في المنطقة كالسعودية ومصر والإمارات والأردن وكذا اليمن ستشترك مع الولايات المتحدة الأمريكية في هذه القوة البحرية.
وأضاف المقطري أنه “تختنق حركة الملاحة الدولية في مضيق باب المندب الذي يتمتع بحماية قوات التحالف والقوات المشتركة في الساحل الغربي، ما استدعى تشكيل قوات لسد الفراغات الأمنية الواسعة في مياه البحر الأحمر وخليج عدن”.
ويرى أن هذه القوة ستواجه “تهديدات الحوثيين المتصاعدة على حركة السفن العابرة في الفراغات المفتوحة على القوارب الحوثية المفخخة والزوارق المتطورة من طراز ” شارك 33″ التي وصلت إلى الحوثيين عبر الفراغات الأمنية ذاتها”.
ودلل الباحث والخبير اليمني بقرصنة مليشيات الحوثي سفينة الشحن “روبي” الإماراتية مطلع العام الجاري تلاها قرصنة سفينة صيد مصرية في “مؤشر على مدى التهديد الذي تشكله المليشيا الحوثية على السفن التجارية العابرة عبورا بريئا في المياه”.
كما شنت المليشيات الحوثية “الهجمات البحرية وعديد المحاولات العدائية والتي رصدتها الأمم المتحدة ودول العالم المعنية بأمن الملاحة الدولية في منطقة البحر الأحمر وخليج عدن”، طبقا للمقطري.
ومن الواضح أن الأمريكان ومن خلال مراقبتهم سلوك الحوثيين المهدد للملاحة، وفق المقطري، قد أيقنوا أن المليشيات تستعد لشن هجمات أنكى وأشد على السفن ما فرض تأسيس هذه القوة لمجابهة هذه الهجمات المحتملة.
ويعكس إنشاء قوة المهاة 153 خيبة أمل دولية في مقدمتها واشنطن من انصياع مليشيات الحوثي لدعوات السلام، وأهمها وقف شامل لإطلاق النار والشروع في عملية سياسية تفضي إلى حكومة يمنية ضامنة للأمن الاقليمي والدولي وتنهي أي تهديد لأمن الملاحة، بحسب رئيس باب المندب للدراسات باليمن.
وتتخذ مليشيات الحوثي من شريط ساحلي يصل طوله إلى 300 كيلومتر بما فيه ميناء الحديدة الحيوي نقطة انطلاق للهجمات البحرية وأعمال القرصنة وذلك بالتنسيق مع سفن إيران الجوالة في البحر الأحمر.