الجمعة , 27 ديسمبر 2024

عذراً نوفمبر .. !!

((الواقع الجديد)) الاربعاء 30 نوفمبر 2016م

 

بقلم / وهيب الحاجب

 

 

تحلُّ علينا ذكرى الثلاثين من نوفمبر التي انتصرَ فيها شعبُ الجنوب العربي على أكبر وأعتى إمبراطورية عرفها التأريخ .. وشعب الجنوب اليوم يئنُّ تحتَ أسوأ احتلالٍ عرفته المنطقةُ العربية بأسرها ، تحلُّ علينا ذكرى خروج آخر جندي بريطاني من عدن والجنوبُ اليوم ساحةٌ لجحافلِ الاحتلال الجديد ونافذيه ، تحلُّ علينا ذكرى الاستقلال دون استقلالٍ .

 

تحلُّ علينا ذكرى انتزاع الحرية من براثنِ إمبراطوريةٍ لا تغيبُ عنها الشمسُ لتنتزع حريتَنا وكرامتَنا عصاباتٌ قبليةٌ متخلّفة لم ترَ الشمسَ ولا النورَ قط .

 

عذراً ثوار أكتوبر ، عذراً صانعي أمجاد نوفمبر ، عذراً لتلك الدماءِ التي روتْ أرضَ الجنوب فانتزعتْ استقلالاً وشيّدتْ مجداً جنوبياً شامخاً ، عذراً لتلك الجباه السُمرِ التي استعادتْ وطناً محتلاً وبنتْ دولةً ونظاماً رفعَ عزةَ وكرامة المواطن الجنوبي ردحاً من الزمن ، عذراً جبال ردفان الأبية ، عذراً قلعة صيرة فلم يَعُدْ بيننا اليوم من يمتطي شموخَكِ ليكسرَ شوكةَ المحتلِ ، عذراً لذلك الرعيل الأول من مناضلي حرب التحرير الذين صمدوا في وجه المحتلِّ البريطاني حفاةَ الأقدمِ عراةَ الأجسام عطشى جوعى مسلوبي العتاد إلا سلاح الإرادة والصمود وحُب الحرية وعشق الشهادة لأجل تراب الوطن ، عذراً نوفمبر فلم يَعُدْ بوسعنا إلا أن نحتفلَ بذكرى شموخِك سوى محتلينَ خاضعينَ صاغرينَ منكوسي الرؤس مسلوبي الحرية فاقدي الوطن الذي رسمتْ حدودَه دماءُ شهدائك وتضحياتُ رجالك الأوائل .. عذراً نوفمبر فلا معنى ولا دلالةَ من الاحتفال بذكراك اليوم غيرَ الحسرةِ والندم بما فرّطْنا في حقِّ الوطن وبما كسبتْ أيدينا ضد ترابه وسيادته واستقلاله ! عذراً نوفمبر فلا معنى للاحتفالِ بالنصر في زمنِ اللانصر  ولا قيمةَ للتغنّي بمآثرَ الانتصارِ في زمن الذل والانكسار ، ولا معنى للاحتفال بذكرى الحرية في زمن الاستبداد ..

 

عذراً نوفمبر ، عذراً رجال نوفمبر  ، عذرا صانعي نصر نوفمبر وشموخه وعزته فهذا حالُنا وهذا واقعُنا اليوم في الجنوب من بعدكم .

 

حقا.. إننا اليومَ في حاجةٍ قصوى إلى استنهاضِ همم أكتوبر لردِّ الاعتبار لنصر نوفمبر وأمجاده ومآثره ثم التكفير عن “رذيلة” مايو ومحو عار يوليو الأسود ، إننا في حاجةٍ -أكثر من أي وقتٍ مضى- إلى مآثرَ تشرينيةٍ تعيدُ للجنوبِ ،الوطن والإنسان، عزتَه وكرامته وحريته واستقلاله ولتلك الذكرى ألقَها ورونقَها ، فوا تشريناه عذراً عذرا !!

أضف تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.