“الواقع الجديد” الأثنين 3 يناير 2022م / خاص
كشفت مصادر عسكرية في قوات العمالقة الجنوبية لـ”العرب” عن بدء المرحلة الثانية من عملية “إعصار الجنوب” التي تستهدف تحرير مديريات شبوة الثلاث التي سيطر عليها المتمردون الحوثيون أواخر سبتمبر الماضي.
وأشارت المصادر إلى أن المرحلة التالية وهي الأصعب وتهدف لتحرير مديرية بيحان الاستراتيجية بعد انتهاء المرحلة الأولى التي تمكنت خلالها ألوية العمالقة الجنوبية وفي وقت قياسي من تحرير مديرية عسيلان وتطهير مركزها والجبال المحيطة بها من عناصر الحوثيين.
ورجحت المصادر أن تحرز قوات العمالقة تقدما سريعا خلال المرحلة الثانية من العملية بعد تمكنها بدعم من طيران التحالف العربي من التمركز في حيد بن عقيل، ومناطق الهجر وجبل لخيضر، والسليم وهي المناطق التي تعطيها أفضلية عسكرية في المواجهة مع الحوثيين.
ويؤكد مراقبون يمنيون أن الانتصار السريع الذي حققته ألوية العمالقة الجنوبية في شبوة يعطي انطباعا عن ضعف الميليشيات الحوثية عندما تكون في مواجهة خصم حقيقي ومنظم، الأمر الذي يكشف عن أكذوبة تفوق الميليشيات وعدم القدرة على إلحاق الهزيمة بها.
وقال عزت مصطفى رئيس مركز فنا لبحوث السياسات في تصريحات لـ”العرب” إن الانتصارات السريعة لألوية العمالقة في تحرير مديريات بيحان وعين وعسيلان بمحافظة شبوة تؤكد أن استيلاء ميليشيا الحوثي على تلك المديريات سابقا كان ضمن تخادم إخواني حوثي، خاصة وأن عملية التحرير السريعة التي تقودها ألوية العمالقة تأتي بعد أيام من تعيين محافظ جديد لشبوة وتحييد تنظيم الإخوان الذي كان يدير المحافظة.
ولفت مصطفى إلى أن الاستعانة بألوية العمالقة في عملية التحرير ونقل وحداتها العسكرية من الساحل الغربي إلى شبوة كان بمثابة بديل مناسب بعد تجميد تنفيذ الشق العسكري من اتفاق الرياض الذي كان يقضي بنقل الوحدات العسكرية التي قدمت من مأرب في 2019 وما بعدها وتمركزت في شقرة بمحافظة أبين ضمن صراع بين المجلس الانتقالي الجنوبي وجناح الإخوان المسلمين النافذ داخل الشرعية اليمنية، وكذا وحدات المنطقة العسكرية الأولى بوادي حضرموت.
وتابع “مع تعثر تنفيذ الشق العسكري من الاتفاق منذ ما يزيد عن عامين، بدا أن الخطة البديلة لوقف تمدد الحوثيين في مديريات محافظات الجنوب كانت تقتضي إشراك قوات أثبتت فعالية قتالية في مواجهة الحوثيين عبر استدعائها من مراكز عمليات قتالية بعيدة كالساحل الغربي وهو ما يفسر خطة إعادة التموضع التي حدثت على ساحل البحر الأحمر نتيجة اتفاق استكهولم الذي أوقف تحرير الحديدة ونتيجة عرقلة تنفيذ اتفاق الرياض مما أعطى امتيازا للحوثيين في التقدم صوب مأرب، وكان لزاما اتخاذ إجراءات من قبل التحالف العربي كحلول بديلة توقف تقدم الحوثيين وتحرر المديريات القريبة من منابع النفط في شبوة التي سبق وسقطت بيدهم كمرحلة أولى وتخفف الضغط عن مأرب المحاصرة وربما مشاركة العمالقة في مرحلة لاحقة في تحرير مديريات مأرب الجنوبية كالعبدية وحريب وجبل مراد والجوبة”.
ويشير رئيس مركز فنار إلى أن التقدم السريع الذي تحرزه ألوية العمالقة في تحرير مديريات شبوة التي سبق وسقطت بيد الحوثيين مشابه للتسارع الذي أحرزته هذه الوحدات منذ أواخر 2017 في تحرير الساحل الغربي بمشاركة الألوية التهامية حينها وصولا إلى مدينة الحديدة التي توقف تحريرها بسبب توقيع اتفاق استكهولم.
وهو ما يفسر، وفق مصطفى، القلق الحوثي المتزايد من دخول ألوية العمالقة خط المعركة في شبوة والذي عبرت عنه الميليشيات الحوثية من خلال ضرب مطار عتق وأماكن تمركز العمالقة بالصواريخ الباليستية، ومحاولة ضغط ميليشيا الحوثي في جبهات أخرى باتجاه محافظات الجنوب بشنها هجوما في جبهة ثرة ضد القوات الجنوبية.
ويعزز دخول ألوية العمالقة الجنوبية وعودة قوات النخبة الشبوانية إلى محافظة شبوة بعد ساعات من تعيين محافظ جديد خلفا للمحافظ الإخواني المقال، من إمكانيات حدوث تحول سريع في موازين القوة على الأرض بالتوازي مع تغييرات سياسية وإدارية في معسكر الشرعية.
ويعزز دخول ألوية العمالقة الجنوبية وعودة قوات النخبة الشبوانية إلى محافظة شبوة بعد ساعات من تعيين محافظ جديد خلفا للمحافظ الإخواني المقال، من إمكانيات حدوث تحول سريع في موازين القوة على الأرض بالتوازي مع تغييرات سياسية وإدارية في معسكر الشرعية.
ويفسر منصور صالح نائب رئيس الدائرة الإعلامية في المجلس الانتقالي الجنوبي نجاح قوات العمالقة في تحقق انتصارات متسارعة في مديرية عسيلان خلال فترة وجيزة، بأنه نتيجة ما وصفها “الاستراتيجية الجديدة في إدارة المعركة، التي تجاوزت عوامل الفشل السابقة بالعمل على تحييد القيادات والقوات المتخاذلة والدفع بقوة عسكرية ضاربة لديها المقدرة على خوض المعركة”.
ويتابع “للأسف أضاعت أطراف متخاذلة في الشرعية سبع سنوات كانت مليئة بالانكسارات والتراجع، بل وصل الحال في بعض الأحيان إلى التخادم مع الحوثيين وتمكينهم من التقدم والسيطرة كما حصل في مديريات بيحان في سبتمبر الماضي من السيطرة على ثلاث مديريات وهو ما يجري معالجته اليوم”.
واعتبر صالح في تصريحات لـ”العرب” أن إطلاق عملية “إعصار الجنوب” يعد تحولا نوعيا مهما في مسار العمليات العسكرية، مستدركا “لكن هذا التحول يتطلب تحركا مماثلا في باقي الجبهات في مأرب والبيضاء وتعز لتحقيق أكبر قدر من الضغط على الميليشيات الحوثية”.
وينظر مراقبون للشأن اليمني إلى التطورات العسكرية في محافظة شبوة بأنها بداية تحول شامل في طبيعة المواجهات العسكرية مع الحوثيين في اليمن، وفي هذا السياق يصف الباحث السياسي اليمني محمود الطاهر ما يحصل في شبوة بأنه مقدمة لعملية عسكرية كبرى يتم الإعداد لها بعناية كبيرة، لافتا إلى أن التحالف حصل على ضوء أخضر، بعد عام من الإخفاق الأميركي والأممي في إقناع الحوثيين بالسلام، وهو يشير إلى قرب انتهاء الحرب في اليمن بالحسم العسكري