“الواقع الجديد” الأثنين 20 ديسمبر 2021م/ العرب
كشفت أوساط سياسية من داخل السلطة الشرعية في اليمن عن قرار بإقالة محافظ شبوة محمد صالح بن عديو على خلفية تصاعد الضغوط الشعبية والسياسية المطالبة بتنحيه عن منصبه بسبب فشله في إدارة المحافظة الواقعة جنوب شرقي اليمن، وانحرافه عن دوره الوظيفي لخدمة أجندة حزب الإصلاح الذراع السياسية لجماعة الإخوان، ومن خلفه قطر.
وقالت الأوساط إن المملكة العربية السعودية لعبت دورا بارزا في الضغط على الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي لإقالة بن عديو الذي تحول إلى أحد عناصر التأزيم في المحافظات الجنوبية، وسط ترجيحات بأن تكون إقالة بن عديو مقدمة لتغييرات هيكلية تمس جسد الشرعية وتطال قيادات عسكرية كبرى.
ولفتت الأوساط السياسية إلى أن هناك استياء سعوديا من هيمنة الطرف الإخواني على السلطة الشرعية، والذي بات ينعكس سلبا على الوضع الميداني سواء من خلال الخسائر الميدانية المكلفة التي وقعت في محافظة مأرب آخر معاقل السلطة في الشمال، أو في علاقة بطريقة إدارة التنظيم لبعض المحافظات في الجنوب والوسط على غرار شبوة وتعز، والذي تحول إلى مصدر لتوترات اجتماعية تنذر بانفجار.
وغادر بن عديو قبل أيام محافظة حضرموت، في جنوب شرقي اليمن، إلى العاصمة السعودية الرياض، على وقع حراك شعبي واسع في شبوة يطالب بإقالته.
وكانت محافظة شبوة شهدت الأسابيع الماضية تصاعدا لوتيرة الاحتجاجات والاعتصامات رفضا لبقاء بن عديو الذي يتهمونه بالتورط في قضايا فساد كبرى، فضلا عن انتهاكات وتجاوزات جسيمة بحق مدنيين يعارضون استمرار هيمنة الإخوان لاسيما بعد تسليم ثلاث مديريات من المحافظة إلى المتمردين الحوثيين.
ولوح معتصمون في مديرية نصاب بنقل اعتصامهم إلى عتق مركز محافظة شبوة، في خطوة تصعيدية جديدة بسبب عدم تجاوب الرئيس اليمني مع مطالبهم المنبثقة عن اجتماع الوطأة الذي عقد الشهر الماضي برئاسة الزعيم القبلي البارز عوض ابن الوزير والتي تضمنت إقالة المحافظ ومحاسبته على الجرائم التي ارتكبها وتواطئه مع المتمردين الموالين لإيران.
ويرى مراقبون أن إقالة بن عديو في حال تحققت ستكون خطوة في سياق أشمل لتحجيم جماعة الإخوان المسلمين التي باتت تشكل حجر عثرة أمام توحيد الصف اليمني في مواجهة الحوثيين، وفي استقرار الوضع داخل المحافظات المحررة.
وأثارت التسريبات بشأن قرار إقالة بن عديو ضجة واسعة في صفوف جماعة الإخوان التي سارع عدد من قياداتها وأعضائها إلى التنديد بها.
وقال عضو البرلمان اليمني شوقي القاضي في تغريدة نشرها الأحد على حسابه على تويتر “إذا صحَّتْ تسريبات إقالة بن عديو من محافظة شبوة فهو اليقين بأن الرئيس هادي ونائبه محسن الأحمر وحكومة عبدالملك معين يطلقون النار على أقدامهم بل ويتآمرون على الشرعية بالتخلص من قياداتها الميدانيين”.
ونشر المستشار السابق لوزير الإعلام اليمني مختار الرحبي سلسلة تغريدات على توتير قال فيها “قام التحالف (العربي) بالضغط على الشرعية وتم استبعاد بن دغر بعد موقفه من الإمارات في عدن وسقطرى وبعد ذلك تم استبعاد جباري والميسري والجبواني والآن التحالف يمارس نفس الدور لاستبعاد بن عديو، لا يريدون أي شخصية قوية يريدون قيادات صامتة لا ترفض لهم طلبا”.
وتحدث الرحبي عن ضغط سعودي على الشرعية من أجل إقالة محافظ شبوة بن عديو، حيث التهديد بإيقاف ضربات الطيران على جبهات محافظة شبوة وتم التلويح بوقف الضربات المساندة للجيش في محافظة مأرب، مشيرا إلى أن “المحافظ غادر شبوة للعلاج خارج اليمن”.
ونجحت جماعة الإخوان في السنوات الأخيرة في فرض هيمنتها على السلطة اليمنية واختطاف القرار، الأمر الذي أدى إلى زيادة حجم الانقسامات داخل الشرعية. ورغم محاولات السعودية لإعادة ترميم الوضع من خلال “اتفاق الرياض”، بيد أنها فشلت في ذلك في ظل عراقيل تضعها الجماعة للحيلولة دون تنفيذه، حيث تسعى الجماعة للانفراد بإدارة دفة الأمور بعيدا عن إشراك القوى الأخرى.
ويرى متابعون للشأن اليمني أن هناك قناعة سعودية بأن تنفيذ اتفاق الرياض لن يتحقق في ظل الوضع الراهن، وأمام استمرار سيطرة الجماعة التي بان بالكاشف أنها أداة تستغلها بعض القوى الإقليمية على غرار قطر للإبقاء على الانقسام القائم.
وتضغط القوى الدولية لتوحيد صف الشرعية بتنفيذ اتفاق الرياض، حيث أنه المدخل الأساس لوقف تمدد المتمردين الحوثيين، فضلا عن كونه الأرضية التي على أساسها يمكن استئناف مفاوضات السلام المتعثرة، وأيضا لوقف حالة الانهيار التي تشهدها المحافظات المحررة.
ولفت المتابعون إلى أن تحركات السعودية باتجاه تحجيم الجماعة بدأت منذ فترة من خلال دعم إعادة تموقع قوات المقاومة الوطنية وتقدمها باتجاه تعز، الأمر الذي أثار غضب الإخوان ودفعهم إلى الاستنفار، لاسيما وأنهم كانوا أبرز المستفيدين من القيود المفروضة على تلك القوات في محافظة الحديدة.
وكشف الكاتب الصحافي هاني مسهور في وقت سابق عن توجه لإجراء تغييرات خلال الفترة القليلة المقبلة، تشمل إعادة هيكلة تطال قيادات عسكرية كبرى. وقال مسهور في تغريدة عبر تويتر “قريبا.. هيكلة جزئية للشرعية اليمنية تشمل قيادات عسكرية كبرى”.
وأثار خبر إقالة بن عديو موجة ارتياح في صفوف أهالي شبوة، مطالبين بضرورة محاسبته على الأفعال التي ارتكبها طيلة فترة إشرافه على السلطة المحلية.
وقال عبدالقادر عوض “بن عديو سارق وناهب ومتواطئ مع الحوثيين بتسليم مديريات بيحان.. إقالته لا تكفي بل يجب محاكمته”.
وصرح الأمير “لقد عاث بن عديو فسادا في شبوة وأقصى القيادات العسكرية والأمنية المؤهلة ومنح رتبا عسكرية للمدرسين المنتمين لحزبه وعينهم قادة تولوا قمع كل صوت يطالب بأبسط حقوقه وقتلوا وسجنوا أي معارض ونهبوا إيرادات شبوة وسلموا مديريات بيحان ومنعوا قيام أي مقاومة”.
وشدد الناشط السياسي علي الأسلمي على أن الإخواني بن عديو لن يفلت من الملاحقة القانونية، لامتلاكه سجلا حافلا بالجرائم والانتهاكات.
وتوجه الأسلمي بالقول للمحافظ “إن الإقالة من المنصب لن تحميك من الملاحقة القانونية، هناك ملف حقوقي فيه كل الانتهاكات التي مارستها ميليشيات حزبك بحق أبناء شبوة”.
وعدّد الناشط اليمني جملة من الانتهاكات لبن عديو “بداية بالاغتيالات التي طالت أفراد النخبة، والتعذيب في الغرف المظلمة، وقصف القرى بالسلاح الثقيل، وقطع الخدمات المتعمد”، متابعا “سيتخلى عنك من خططوا لك كما تخلوا عن غيرك”، في إشارة إلى الشرعية الإخوانية.