“الواقع الجديد” السبت 18 ديسمبر 2021م/ مقال للدكتور / عيدروس نصر ناصر النقيب
ظل العقلاء من أبناء محافظة حضرموت بساحلها وواديها بصحرائها ومدنها يحذرون من تحريك آلة 7/7 العسكرية لمواجهة هبتهم الشعبية الثانية المباركة، المطالبة باستعادة حقوقهم المنهوبة واسترجاع ثرواتهم المسلوبة على مدى ما يقارب ثلث قرن، وكان أبناء حضرموت يدركون أن الوادي والصحراء هما منطقتا احتلال منذ 7/7 / 1994م إذ لا التغيير السياسي الذي جرى في 2011م ولا مقاومة الانقلابيين والدواعش في 2015 وما بعد قد أدخلا تعديلا في وضع المنطقة وإخراجها وأهلها من استمرار سياسات الإلحاق والنهب والسلب وحتى التنكيل والقتل بحق ناشطيها وسياسييها.
ومع تحفظي على تعميم البيت الشعري الشهير للقاضي الشهيد محمد محمود الزبيري الذي يقول فيه:
والعسكريُ بليدٌ للأذى فطنٌ
كأنَّ إبلــيسَ للـطـــغيان ربَّـــاهُ
أقول رغم تحفظي الشخصي على تعميم مضمون هذا البيت على كل عسكري إلا إن قادة فيالق حراسة النفط المنهوب في ما يعرف بالمنطقة العسكرية الأولى مصممون على البرهان بأن الشهيد الزبيري كان على حق، وإنهم ينتمون إلى تلك الفئة التي قصدها الشاعر الشهيد، فقد بدأوا في توجيه وحداتهم وألويتهم العسكرية إلى النقاط الشعبية التي أقامها أبناء حضرموت عند معظم مخارج ومداخل المحافظة لمنع خروج الصادرات من الثروات الحضرمية التي لا يعرف أبناء حضرموت إلى أين تذهب ولا كيف تُصرَف عائداتها المقدرة بمليارات الدولارات.
يعتقد الحمقى من قادة وحدات 7/7 بأنهم بتلويحهم باستخدام القوة مع أبناء حضرموت سيكسبون الجولة وسيرغمون الشعب الجنوبي في حضرموت على التخلي عن حقوقه والتنازل عن مطالبه المشروعة، وإنهم والله لواهمون.
يعرف الجميع ميل أبناء حضرموت إلى السلوك المدني السلمي والحضاري واحترامهم للقوانين والنظم، وربما كان ذلك نقطة ضعف في نظر المتسلطين على الصحراء والوادي، يجعل من أبناء حضرموت صيدا سهلاً لنزعات هؤلاء المتسلطين وأهوائهم الشيطانية، لكن هؤلاء ينسون أنه ومن حضرموت وحاضرتها الرئيسية المكلا انطلقت أول انتفاضة شعبية جنوبية سلمية في العام 1996م بعيد ما عُرِفَ بحادثة “اغتصاب المكلَّا”وأن لا سياسات القمع ولا الملاحقة والتنكيل أجبرت الشعب في حضرموت على الاستسلام والخنوع منذ ذلك اليوم.
وليعلم هؤلاء المتهورون أن محاولة استدراج أبناء حضرموت المنتفضين من أجل استعادة حقوقهم إلى المواجهة المسلحة، لن تكون لعبة مسلية، لأن أبناء حضرموت مثل كل أبناء الجنوب ومثل كل شعب من شعوب العالم المتمسكة بحقوقها، . . .أقول أن أبناء حضرموت لا يمكن أن يستكينوا أمام سياسات الاستكبار والاستعلاء والتهميش والسلب والنهب، واستعراض العضلات التي تمارسها جماعة 7/7 في وجوههم وضداً على مطالبهم وحقوقهم المشروعة.
نصيحتي لجماعة 7/7 الذين صدئت بنادقهم وعجزت عن إطلاق رصاصة واحدة في وجهة جماعة الحوثي وداعش والقاعدة، أن يستمروا في سكينتهم المتواصلة، وأن لا يغامروا في الخوض في حلبة لا قدرة لهم على دخولها ولا على التحكم بنتائجها، وإلا فإنهم يذهبون باتجاه الهاوية السحيقة التي لن يخسروا فيها مصالحهم ومصالح أسيادهم غير المشروعة، بل وقد يخسر الكثير منهم حياته ومستقبله بمجرد أن يبدأ بتوجيه سلاحه إلى صدور أبناء حضرموت المعبرين عن مطالبهم بالوسائل السلمية والمدنية الغريبة على اعتيادات هؤلاء وثقافتهم.
ولأبناء حضرموت الذين لا يحتاجون إلى نصيحة، نقول: ثقوا أنكم على حق وأنكم لستم وحدكم، وواصلوا مسيرتكم السلمية والتمسك بحقوقكم المشروعة، ولا تلتفتوا إلى أصوات تلك الفئة القليلة ممن يتصرفون بطريقة ناشزة عن السلوك الحضرمي المعروف، واعلموا أن معظم تلك الأصوات هي مستعارة وملفقة أو من القلة القليلة التي لا صلة لها بمعاناة وجراح أبناء حضرموت، . . . .
أنتم لستم وحدكم، فكل الجنوب معكم وبجانبكم، في الشدَّةِ والفرج.
والله ولي الهداية والتوفيق.