“الواقع الجديد” الأربعاء 24 نوفمبر 2021م/ بقلم / نبيل عبدالله بن عيفان
باحث دكتوراه في النقل البحري – الأكاديمية البحرية بمصر
توقع مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية (الأونكتاد) في تقريره السنوي (استعراض النقل البحري لهذا العام 2021م) بأن تظل أسعار الشحن مرتفعة حيث يتسم الطلب بالقوة ويزداد عدم اليقين في جانب العرض ، وان استمرار ذلكم الارتفاع في أسعار شحن الحاويات سيتسبب في ازدياد أسعار الواردات والاستهلاك على حد سواء زيادة كبيرة، ويشير نموذج المحاكاة الذي قدمه الأونكتاد إلى أن مستويات أسعار الواردات العالمية سترتفع في المتوسط بنسبة 11% بفعل الزيادة في سعر الشحن ، ومن المتوقع أن تكون أسعار الاستهلاك العالمية في عام 2023م أعلى بنسبة 1.5 % من المستوى الذي كانت ستبلغه لولا الارتفاع الحاد في أسعار الشحن ، وسيكون التأثير أشد وقعا على الاقتصاديات الصغيرة التي تعتمد اعتمادا كبيرا على السلع المستوردة لتلبية الكثير من احتياجاتها الاستهلاكية ، وسيؤثر ارتفاع تكاليف النقل البحري في بعض المنتجات ذات القيمة المضافة المنخفضة ، ففي حالة الأثاث و المنسوجات والملابس والمنتجات الجلدية وغيرها ، قد تبلغ نسبة الارتفاع في أسعار الاستهلاك الى 10% .
ويضيف التقرير بأن هذه الارتفاعات تعزى إلى حد كبير الى الصدمات الناجمة عن جائحة كورونا والتقلبات التصاعدية غير المتوقعة في الطلب على النقل البحري ، كما ان السفن مطالبة بتطبيق القواعد التنظيمية الجديدة بشأن إزالة الكربون من النقل البحري ومن المتوقع أن يؤدي هذا التدبير الذي اعتمدته المنظمة البحرية الدولية بشأن تخفيض غازات الدفئة إلى خفض مستوى السرعة في النقل البحري وزيادة تكاليفه خاصة في البلدان النامية والدول الجزرية الصغيرة .
ولمعرفة حجم التضاعف فقد رصد مؤشر بورصة البلطيق في لندن للشحن البحري، الذي يرصد بالتعاون مع مجموعة فرايتوس في هونغ كونغ أسعار نقل حاويات الـ40 قدماً عبر 12 خطاً بحرياً رئيسياً، أكثر من ثلاث مرات خلال عام ليصل إلى نحو سبعة آلاف دولار لنقل حاوية من الصين إلى الساحل الغربي للولايات المتحدة ، فكلفة نقل حاوية إلى أوروبا فقد وصلت إلى عشرة آلاف دولار، مقارنة بألف وستمائة دولار فقط في الفترة نفسها العام الماضي ، فجائحة كوفيد أدت في البداية إلى جمود في الشحن العالمي، ما أدى لانخفاض غير مسبوق في الطلب لكن هذا لم يأخذ في الاعتبار توجه المستهلكين الذين توقفوا في فترات الإغلاق عن الإنفاق في المطاعم أو قضاء العطل، إلى استخدام أموالهم في شراء سلع أغلبها مستورد من آسيا كما جاء في تقرير لصحيفة الشرق الأوسط.
تقرير الأونكتاد المشار إليه بأعلاه تناول الوضع العالمي مع النقل البحري ، وإذا تحدثنا عن وضع اليمن في ظل هذا الارتفاع فإن النسب كبيرة وأسعار النولون في ارتفاع مستمرة لعدة أسباب ومنها أن المنطقة تعتبر منطقة خطيرة وبالتالي فأسعار التأمين على السفن مرتفعة ، كما أن أوقات الانتظار للسفن في الموانئ اليمنية كبير جدا مقارنة بمعدل الانتظار في الموانئ العالمية التي تتنافس في ذلك لتصل في بعض الموانئ إلى ساعات فقط ، بينما في موانئ اليمن فهناك انتظار أولي في منطقة مخطاف الميناء بالأيام إلى حين وصول الدور لدخول الميناء ، ثم انتظار آخر داخل الميناء بسبب بطء معدلات الشحن والتفريغ بسبب البنية التحتية والفوقية للميناء والعمالة والإجراءات الروتينية وغير ذلك ، وطبعا دون التأخير الآخر بسبب الحرب الحاصلة في اليمن مايجعل السفن من الضروري أن تمر في بعض الموانئ للتفتيش وأن لاتدخل للموانئ اليمنية إلا بعد حصولها على ترخيص وغير ذلك من الأسباب .
هذا الارتفاع بسبب هذه الأوضاع سيتسبب في ارتفاع أسعار الواردات بشكل كبير وفي وضع اليمن سيزيد من الانهيار الاقتصادي أكبر خاصة اذا تناولنا الموضوع من ناحية انهيار الريال اليمني وتسبب كثرة الواردات في استهلاك العملة الصعبة ما يحتم على الجهات المعنية في البلد بدراسة الوضع جيدا ووضع الحلول المناسبة لها ومن ذلك منع استيراد بعض المواد الغير ضرورية ، وتحسين أوضاع الموانئ ، والتقليل من الإجراءات الروتينية المسببة للتأخير .
تسببت هذه الارتفاعات الكبيرة في أسعار الشحن في توجه رؤوس المال في البلد للتفكير في إيجاد حلول ولو ضعيفة لتقليل التكاليف ومن ضمن تلك الحلول فقد ازدادت في الآونة الأخيرة نشاط الشحن البحري عبر السفن التقليدية أو سفن الداو وهي السفن الخشبية ، فنجد أن التاجر ينقل بضاعته إلى أحد موانئ الدول الخليجية مثل الإمارات أو عمان ومن هناك ينقلها عبر السفن الخشبية للموانئ اليمنية وهذا ما لاحظناه في ميناء المكلا ، رغم الخطورة في النقل البحري التقليدي سواء من ناحية السفن وضعف التزامها بمتطلبات السلامة البحرية أو من ناحية التأمين البحري الغير موجود في هذه السفن وغير ذلك من الأسباب .