“الواقع الجديد” الاحد 21 نوفمبر 2021م/ متابعات
تعد جزيرة أرخبيل سقطرى من البيئات القليلة في العالم، حيث تحوي الكثير من المحميات الطبيعية النادرة والمصنفة من جانب اليونسكو كتراث عالمي.
حول عمليات التنمية والترويج السياحي والوضع الأمني الراهن والخطط القادمة لاستغلال الطبيعة النادرة للمحافظة وجعلها إحدى الوجهات السياحية العالمية، أجرت “سبوتنيك” المقابلة التالية مع المهندس رأفت علي إبراهيم الثقلي رئيس الإدارة المحلية لمحافظة أرخبيل سقطرى في السطور التالية.
إلى نص الحوار…
بداية ما هو الوضع السياسي والأمني الآن في سقطرى.. وكيف كانت الأمور في السنوات الماضية؟
محافظة أرخبيل سقطرى التي تقع في قلب المحيط الهندي وهي محافظة مسالمة آمنة على الدوام، و تتميز بعادات وتقاليد أصيلة منذ القدم، حيث كانت تعيش حالة استقرار وأمن وأمان على الرغم من نقصان بعض الخدمات في السابق، بشكل خاص ما يتعلق بالجانب الصحي والتعليمي إضافة إلى المشتقات النفطية والكهرباء والمياه، كل الجوانب السابقة تعاني منها سقطرى منذ أكثر من 47 عام، وكان تصميم مشروع المياه والكهرباء في المحافظة منذ العام 1984 يركز على عاصمة المحافظة وهي مدينة “حديبو” فقط، وخلال الـ 25 عاما الماضية، شهدت سقطرى توسعا عمرانيا كبيرا جدا، متمثلا في زيادة عدد السكان والمنازل بجانب زيادة احتياجات المحافظة نفسها، فلم تواكب الخدمات الرئيسية تلك التطورات والاحتياجات.
ما هي الأسباب التي أعاقت الإدارات المتعاقبة في سقطرى عن مواكبة تلك التغيرات؟
المتتبع لتاريخ سقطرى المعاصر يرى أن المشكلة تكمن في غياب الاستراتيجية، فلم تضع الدولة اليمنية السابقة ولا الحالية خطة لاستغلال الجزيرة من ناحية موقعها أو تنمية مواردها الطبيعية، على سبيل المثال، بيئتها النوعية والفريدة في العالم أجمع، لم تستوعب الحكومات المتعاقبة خصوصية سقطرى الأرض والإنسان، وهذا يعود إلى غياب الأفق السياسي للإدارة الحكومية في الحكومة.
هل كانت حالة عدم الاستقرار السياسي في اليمن وراء نسيان المحافظة من الناحية التنموية؟
الصراعات التي كانت ومازالت تحدث في اليمن أثرت بشكل سلبي على ما يحدث في محافظة سقطرى، والمشكلة الأساسية تتمثل في غياب الاستراتيجية المركزية لليمن، وطالما أن سقطرى لم تحظ بخصوصيتها وثقافتها وبعدها الجغرافي، فمنذ العام 1967 وحتى العام 2013 لم تكن سقطرى محافظة مستقلة، فلم يشفع لها بعدها الجغرافي وبيئتها وخصوصيتها، حيث تبعد الجزيرة عن أقرب نقطة برية للجزيرة العربية “المهرة” 350 ميل بحري.
رى الأرض والإنسان، وهذا يعود إلى غياب الأفق السياسي للإدارة الحكومية في الحكومة.
هل كانت حالة عدم الاستقرار السياسي في اليمن وراء نسيان المحافظة من الناحية التنموية؟
الصراعات التي كانت ومازالت تحدث في اليمن أثرت بشكل سلبي على ما يحدث في محافظة سقطرى، والمشكلة الأساسية تتمثل في غياب الاستراتيجية المركزية لليمن، وطالما أن سقطرى لم تحظ بخصوصيتها وثقافتها وبعدها الجغرافي، فمنذ العام 1967 وحتى العام 2013 لم تكن سقطرى محافظة مستقلة، فلم يشفع لها بعدها الجغرافي وبيئتها وخصوصيتها، حيث تبعد الجزيرة عن أقرب نقطة برية للجزيرة العربية “المهرة” 350 ميل بحري.
كان الأجدر بالحكومات اليمنية أن ترسم سياسة لإدارة سقطرى وفقا لخصوصيتها ويتم منحها إدارة مستقلة تمكن أهلها من رسم خصوصيته وهويته، فلدينا لغة “السقطرية” وثقافة خاصة والتي توشك على الاندثار، من المسؤول عن كل هذا الضياع رغم إعلان اليونسكو جزيرة “سقطرى” محمية دولية طبيعية، ووضعت مخططا عاما للجزيرة وتبعتها عدد من المنظمات الدولية والتي قسمت المحافظة إلى مربعات ومحميات ومن بينها العاصمة “حديبو”.
كان هناك دعم لتلك المحميات منذ أكثر من 20 عاماً لم نرى شيئا ملموسا وحقيقيا على الأرض لتلك المحميات فلو منح أبناء سقطرى إدارة مستقلة، هذه الإدارة يمكن أن ترصد العادات والتقاليد، فلدينا نظام بحري في الجزيرة يختلف عن أي نظام بحري في المنطقة، ويتمتع هذا النظام بآليات معينة تتناسب مع الصياد السقطري و للحفاظ على البيئة، فمثلا هناك أعراف وتقاليد ينضبط بها المواطن السقطري حتى في عملية الرعي، حيث أصبح الرعي جائرا في الوقت الراهن، الأمر الذي أدى إلى انقراض بعض النباتات النادرة، ليس هناك اهتمام بالجزيرة نهائياً من جانب القيادة السياسية العليا.
أنتم الآن أو المجلس الانتقالي هو من يدير الأمور بالجزيرة.. هل وضعتم استراتيجية لتنمية سقطرى؟
نقوم بإدارة المحافظة منذ ما يقارب عام ونصف وقدمنا ولا زلنا نقدم تعاونا لا محدود للهيئات المؤسسية والسلطة المحلية التي تمارس مهامها بكل أريحية في سقطرى بعد خروج محافظها منها، ولا نسأل عن الفترة السابقة ولنا طموح في المستقبل القريب تمثلت في وضع استراتيجية للعام 2022 ، نعمل من خلال تلك الاستراتيجية على عدة مسارات، يتمثل المسار الأول في التواصل مع المنظمات الدولية والمؤسسات الخيرية لتصحيح ما تم إهماله منذ أكثر من 47 عاما، وهي تحتاج إلى جهود كبيرة ندركها، وتلك المسارات تتقاطع في أمور مهمة جدا تتمثل في مصلحة سقطرى العليا التي تلتقي جميعها في الجانب البيئي، حيث تهمنا جميعا بيئة سقطرى لأنها رأس مالنا الأكبر على سطح الجزيرة سواء كانت برية أو بحرية بجانب ثقافتنا الخاصة، ولا يجب أن ننسى البنية التحتية المهشمة، حيث أعلن أن المحافظة في حالة حرب في العام 2013 ، وإلى الآن لا توجد ميزانية تشغيلية في المحافظة ولا كيف تدار المحافظة.
تتحدث عن البيئة كرأس مال للمحافظة.. هل يعني هذا أنكم تخشون من الاستثمارات التي قد تهددها؟
ليس لدينا مشكلة في الجانب الاستثماري بل ندعو حكومة المناصفة التي شكلت بموجب اتفاق الرياض لاستغلال مكانة سقطرى لتعديل الوضع الاقتصادي في البلاد عبر جلب الاستثمار والانفتاح السياحي العام في محافظة أرخبيل سقطرى، حيث أن قيادة الانتقالي حريصة على ذلك ولكن يجب أن يكون هذا الأمر وفق ضوابط، بحيث يتم ضمانة تفادي أساليب الفساد في الحكومات السابقة وضمان أن لا يؤثر ذلك على البيئة أو ثقافة المجتمع السقطري الشيء الذي نطمح له في المستقبل القريب ونعد له استراتيجية مهمة جداً، هو عملية إعادة تنظيم المحافظة من حيث البنية التحتية ورسم معالمها وفق خطة معينة تحافظ على البيئة، وتتمثل في تقسيم المحميات ومعرفة مهام كل محمية واحتياجاتها وأن يتم دعمها بشكل مباشر، ونعتمد في المرحلة القادمة وهى من السياسات التي نرسمها للعام 2022 بأن تحظى السياحة العامة بدور أكبر في المحافظة، حيث نقوم بالدعاية لها ونعمل على تنظيمها وستكون مفتوحة للجميع، بأن ندعو جميع دول العالم لزيارة سقطرى والتعرف عليها، ونأمل أيضا أن تكون هناك رحلات دولية من وإلى الجزيرة من كل دول العالم.
ما هو الوضع السياحي الراهن في سقطرى؟
من المفترض والطبيعي أن يكون وزير البيئة والسياحة في أي حكومة يمنية من أرخبيل سقطرى، نظرا لأن أغلب المحميات الطبيعية في سقطرى، ولدينا كفاءات في هذا الجانب يحملون درجات علمية متفاوتة، وكنا نتمنى أن يكون أحد وزراء الحكومة التي تم تشكيلها وفق اتفاق الرياض ومن أبناء المحافظة حتى تكون الجزيرة نبراس لبقية المحافظات.
علاوة على ذلك في الفترات السابقة كانت كل المنظمات التي تدعم الأرخبيل عبر نظام البيئة أو غيره تمر عبر صنعاء، حيث كان يصل إلى سقطرى الفتات الذي لا يفي بالغرض، وتستمر بعض المنظمات أربع أو خمس سنوات في عملية الدعم بمبالغ كبيرة يتم الإعلان عنها لكنها في الواقع غير مجدية، وواقع المحميات على الأرض هو أكبر دليل على فساد الإدارات السابقة لأكثر من 20 عام، لذلك نقول أن محافظة أرخبيل سقطرى يجب أن تمنح الصلاحيات الكاملة من أجل أن تدير نفسها بنفسها، نظراً لأن المحافظة وليدة ولا تزال بكر وتحتاج إلى الدعم في كل نواحي الحياة.
هل لديكم خطط مستقبلية لتصحيح الأوضاع التي كانت سائدة في السنوات السابقة؟
ضمن الخطط المستقبلية التي نعلن عنها لأول مرة عبر وكالتكم، أن لدينا استراتيجية سياحية مستقبلية بالتنسيق مع السلطة المحلية في سقطرى تتمثل في قرب إعلان المجلس السياحي بالمحافظة وهو المختص بهذا الجانب التنظيمي والترويجي والبيئي وسيكون ذلك بداية من العام القادم 2022، ونأمل أن يكون هناك دعم لهذا المجلس من قبل حكومة المناصفة وبكل تأكيد تلك الجهود تتطلب إمكانيات كبيرة، لكننا نؤسس للمستقبل رغم أن التركة التي ورثناها عن القيادات السابقة كبيرة، لكننا نبذل قصارى جهدنا وقد قمنا بعمل دعوة لكل الشركات السياحية في العالم.
لدينا وكالات سياحية عاملة تتواصل مع كل دول العالم عبر مكاتب معينة لجذب السياحة إلى سقطرى وإعادة وجهها الحقيقي، بعد أن تم تشويهها من قيادة سابقة وهذا الأمر يأتي تدريجيا، وقد رأيتم بأنفسكم الأمن الحقيقي والثقافة الأصيلة في المجتمع السقطري، وما قام به المجلس الانتقالي هو تهيئة أمور معينة، لكن الأمن والسلام والتعايش والمحبة هى ثقافة مجتمع ويحمله القلب السقطري أينما كان، حيث لا يميز السقطريون بين شخص وآخر من حيث اللون أو العرق أو الجنس والمعتقد، بل يرحب بكل إنسان يأتيه ويعتبره ضيف في أرضه ويقدم له كل وسائل الراحة المتاحة لديه، وقد يقدم من قوت أولاده لإكرام الضيف.
ما هي رسالتكم لأبناء محافظة أرخبيل سقطرى؟
نقول لأهلنا في سقطرى أن المرحلة صعبة وبالغة التعقيد والمشهد ضبابي غير واضح، لذا فإن الحفاظ على الأمن والقيم التي تربينا عليها هى رأس مالنا جميعا، فقد حبانا الله في هذه المحافظة بالأمن والسلام الذي نريد المحافظة عليه، ونعتمد على الله ثم الإخوة الداعمين في مؤسسة خليفة بن زايد للأعمال الإنسانية والهلال الأحمر الإماراتي، إضافة إلى مركز الملك سلمان للأعمال الإنسانية، وكذا كل المنظمات الدولية الداعمة للمحافظة في كل النواحي الصحية والتعليمية والتنموية، ونتمنى من كل العاملين تيسير مهام تلك الجهات والتعاون معهم بشكل كامل حتى تؤتي هذه الأمور ثمارها وتنهض المحافظة تنمويا، ونناشد الجميع ترك الخلافات السياسية الغير مجدية والتي جنينا ثمارها في السنوات الماضية، ندعو الجميع للتماسك ووحدة الصف والكلمة.
أجرى الحوار/ أحمد عبد الوهاب